Site icon IMLebanon

أي حكومة بعد “الردح”؟

 

“شر البلية ما يضحك”. ذلك أن رئاسة الجمهورية، التي “تنشر” يومياً بالصريح أو المضمر الرئيس المكلف “على صنوبر بيروت”، تدّعي الرفعة وعدم النزول الى مستوى تيار “المستقبل”، فيما “المستقبل”، غير المقصِّر في بلاغة “الردح” للرئيس وظلِّه في القصر، “يأنف” من التخاطب بلغة لا تتناسب مع أدبياتٍ “آدابُها” واضحة في البيانات والتغريدات!

 

وفي الحقيقة، إن لهفة اللبنانيين المخطوفين وتعليقهم الآمال على محاولة أخيرة لتشكيل حكومة إنقاذ، خَبَتْ لتحل معها مشاعر القرف من القرصان، بعدما تيقنوا من أن تبادل الاتهامات بالتعطيل دليل على عدم الجدية إلا في ممارسة كل مصلحة شخصية وطائفية وحزبية ورفض الوصول الى “حل وسط” يقتضيه منطق التعاون لأجل الصالح العام، وليس التشارك في تقاسم ما تبقى من قالب جبنة لا يستطيعون نفي التهام معظمه وإفساد بقاياه.

 

لو بقيت قلةٌ من حياء لَتشكلت الحكومة بعد التكليف بعشرة أيام، ولَخجِل كل الأطراف المشاركين في “التأليف” من إهانات الرئيس ماكرون، بعدما منعوا وصول شخصية مستقلة معتبَرة مثل نواف سلام وأفشلوا محاولة مصطفى أديب، ووضعوا خلفهم دوي الانفجار الذي دمر الجزء النابض من العاصمة وأودى بأشخاص سقطوا ضحايا إهمال وتآمر المنظومة التي تعاود رعاية تشكيل حكومة تجنِّبها الحساب.

 

لا نوزع المسؤوليات بالتساوي مثلما لا نبرّئ أحداً من الطبقة السياسية على الاطلاق. وإذ أن الاحتكام الى المنطق السليم وروح الدستور واجب على الدوام، فإن رئيس الجمهورية ليس “علبة بريد” بالتأكيد، لكنه ليس شريك النصف ولا الربع مع رئيس حكومة سمَّاه النواب ويخضع وحده للمحاسبة في البرلمان. أما اذا تجاوزنا ما تبقى من أعراف في نظامنا الديموقراطي فلنقُل “على الدنيا السلام” مشرّعين الباب لكل طامح الى الانقلاب، خصوصاً في ظل السلاح ومشروع “المثالثة” الذي يحتاج حتماً إيصال المساعي الى طريق مسدود والمؤسسات الدستورية الى فراغ.

 

لا نفع من حكومة تتشكل بعد “داحس وغبراء” المستقبل و”التيار”. وإذا تشكلت بعد عض أصابع وتبويس لحى وأكتاف فلن تكون “حكومة مهمة” تمنع الانهيار. فالرضوخ لشروط عون سيحوِّل الحريري حسان دياب آخر، وقبول عون بالشروط المضادة لن يحصل كونه لا يخشى الخراب، أو لأن “حزب الله” لا يجد مصلحة في ممارسة الهيبة على من سلَّفه أكثر من غطاء.

 

آن وقت التشكيل على علَّاته، أو الاعتذار فوراً للذهاب بلا تردد الى انتخابات. أما الدعوة الى طاولة حوار فنكتة سمجة سواء كانت للمناورة أم بهدف تحقيق غايات دفينة تجدد دماء منظومة لا ترتوي من مصِّ الدماء.