IMLebanon

عون والحريري ليسا متحمّسين لـ «لقاء المصارحة» مع تمسّك كلّ طرف بشروطه

 

 

لا شيء جديد في عملية التأليف … ونصائح جنبلاط ومواقفه حول الحكومة متمايزة

 

عرض البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي على رئيس الجمهورية ميشال عون خلال زيارته له في بكركي للتهنئة بعيدي الميلاد ورأس السنة لقاء الرئيس المكلّف تشكيل الحكومة سعد الحريري في بكركي. ويأتي هذا العرض من ضمن مواصلة الراعي خطواته في تقريب وجهات النظر بين الرجلين بهدف تسهيل العقد أمام تشكيل الحكومة المنتظرة.

 

تقول مصادر سياسية مطّلعة انّ البطريرك الراعي مصرّ على أن يعقد عون والحريري لقاء مصارحة ومصالحة لأنّه يؤدّي الى حلّ العقد التي تُواجه تشكيل الحكومة، فيما عدم اللقاء يؤدّي الى المزيد من الجمود الحكومي، ولهذا أرسل لهما نداء بضرورة عقده أولاً بغض النظر عن مكان انعقاده، ثمّ عرض على عون أن يكون في بكركي كون مكان اللقاء بين الرجلين كان مدار بحث. علماً بأنّ قصر بعبدا مفتوح أمام الرئيس المكلّف إذ بإمكانه زيارة عون فيه للمزيد من التشاور وحلّ الخلافات.

 

غير أنّ أوساط «تيّار المستقبل» تحدّثت عن أنّ الحريري لا يرفض زيارة قصر بعبدا، كما أنّه لا يُفتّش عن مكان مناسب للقاء رئيس الجمهورية، لكنّه ليس متحمّساً لهذا الإجتماع بعد أن قام بـ 14 زيارة الى القصر الرئاسي لم توصل الى أي نتيجة. كذلك فهو لا يودّ التراجع عمّا سبق وطرحه على الرئيس عون. فقد قدّم له تشكيلة حكومية من 18 وزيراً من اختصاصيين غير حزبيين وهو مقتنع بها إذ تمكّنه من القيام بعملية الإنقاذ المطلوبة للبلاد. كما أنّه يرفض حصول أي فريق سياسي على الثلث الضامن أو المعطّل داخل الحكومة لأنّه تمّت تجربته في حكومات سابقة وقد أدّى الى فشل عملها وقتذاك.

 

وعن دعوة رئيس الحزب التقدّمي الإشتراكي للرئيس المكلّف للإعتذار، أكّدت الاوساط أنّ الحريري لا يريد الإعتذار وترك البلاد مجدّداً للفراغ أو لحكومة لا يُمكنها تحقيق الإصلاحات التي ينتظرها المجتمع الدولي من لبنان، مشدّدة على أنّه ليس الطرف الذي يُعطّل التشكيل وخصوصاً أنّ تشكيلته الحكومية جاهزة وتنتظر «تصديق» الرئيس عون عليها.

 

من هنا، تجد المصادر السياسية، نفسها أن لا جدوى من أي لقاء بين عون والحريري، أكان في بكركي أو في قصر بعبدا، ما دام كلّ من الرجلين متمسّكاً بموقفه عن نوعية وماهية وعدد الوزراء في حكومة المهمّة الموعودة. أمّا كلام جنبلاط فوجدت فيه تمايزاً كبيراً إذ دعا الرئيس المكلّف للإعتذار عن التشكيل معتبراً أنّه يُنهي ما تبقّى من وجوده في حال أراد الإستمرار في المهمّة، وعاد وتحدّث عن «أنّنا غير قادرين على الحكم» وعن أنّ حكومة اختصاصيين من غير الحزبيين لا جدوى منها بل يجب أن تكون سياسية لتتمكّن من اتخاذ القرارات الفاعلة.

 

وترى المصادر أنّ قول جنبلاط للحريري في حال قرّر الإستمرار في مهمّة التكليف بأنّ له الحرية في اختيار من يريد أن يُشارك في الحكومة عن الحصّـة الدرزيـة، مشـيراً الى أنّه لا يُمانع أن تذهب الى رئيس «الحزب الديموقراطي اللبناني» النائب طلال إرسلان، في محـاولة للإعلان عن أنّـه لن يُشارك في الحكومة الجديدة، يُظهر أنّ جنبلاط قد سمّى فعلاً الوزراء الدروز في تشكيلة الحريري الحالية. عـلماً بأنّ الحريري حاول إيهام عون بأنّه هو من سمّى حصّـة الدروز كما حصّة الثنائي الشيعي رغم إعلان هذه الأطراف عن توافقها المسبق مع الحريري على أن تُسمّي هي وزراءها.

 

أمّا وقد جرى البحث في مكان عقد اللقاء بين عون والحريري، فهذا يدلّ على أنّ الخلاف بات كبيراً بين الرجلين، على ما أشارت المصادر، سيما أنّ التواصل انقطع منذ الزيارتين الأخيرتين الفاشلتين للحريري الى بعبدا قبل فترة الأعياد. ومن هنا، فإنّ اللقاء بحدّ ذاته بات مهمّاً، على ما ذكرت، من دون الوقوف عند تحديد المكان وخصوصاً أنّه لا ينتقص من قيمة أي من الرجلين أينما حصل. فما يودّ أن يراه الراعي هو اجتماع الرجلين وإنهاء الخلافات بينهما حول الحكومة انطلاقاً من الإبتعاد عن منطق المحاصصة والمحسوبيات، لأنّ هذا الأمر يقود الى تشكيل الحكومة الإنقاذية وحلحلة الأزمات التي يُعاني منها الشعب اللبناني الواحدة تلو الأخرى.

 

وتقول المصادر إنّ الرئيس عون، على ما يبدو، لم يحسم أمر عقد هذا اللقاء حتّى الساعة، إذا لم يكن سيُقدّم تقدّماً ملموساً على صعيد تشكيل الحكومة. في حين أنّ مواقف الطرف الآخر لا تزال تُراوح مكانها رغم تقديم عون ملاحظات على التشكيلة الحكومية التي قدّمها له الحريري، وقابلها بطرح آخر خلال الإجتماع الأخير بينهما. فلم يتمّ تسجيل أي جديد في عملية التأليف، لا بل يستمرّ التصلّب في المواقف على حاله.

 

ومع عودة الرئيس المكلّف الى لبنان، توقّعت المصادر نفسها أن يزور الحريري البطريرك الراعي لتهنئته بالأعياد، كما جرت العادة، ولتعزيته بالتالي بوفاة شقيقه شكري الراعي الجمعة. وستكون هذه الزيارة أيضاً محور بحث في اقتراح اللقاء مع الرئيس عون بهدف المصالحة أكان في بكركي أو في أي مكان آخر. المهم أن تكون النيّة موجودة لدى الرجلين للقاء مصارحة ووضع الخلافات جانباً إذا كانا يملكان الرغبة في تأليف الحكومة المنتظرة، الأمر الذي يسمح لهما بالإسراع في هذا الأمر.