Site icon IMLebanon

تحالف عون ــ الحريري: ربح صافٍ للتيار الوطني الحر

 

حالة الرئيس سعد الحريري وتيّاره السياسي والتحوّلات التي طرأت على دوره في النظام اللبناني، أزمة بحدّ ذاتها. أصلاً «السّنية السياسية» في المشرق العربي في مأزق كبير. تحدي «الهوياتية» الجديدة والتباس الظهير الإقليمي لأهل السّنة في دول ما بعد الحروب الطاحنة، يترك مستقبلاً حائراً.

 

لكن الحريري بعد ظلم ذوي القربى في المملكة العربية السعودية، هو حريري جديد، يتمتّع بغطاء دولي مباشر، ليس حمايةً من خصوم الداخل اللبناني، بل من الراعي الإقليمي السابق، وهو باب للتدخل في الشأن اللبناني أكثر فأكثر. ويزيد على الرعاية الدولية غطاء محلّي كبير من رئيس الجمهورية ميشال عون، وإرادة ثنائية متينة من حزب الله وأمل بحفظ الشخص والمقام والدور.

موقفه يشبه موقف الأوروبيين عموماً، ينتقد حزب الله ويراهن على أن يتغيّر يوماً ما، ويهلع إذا تهدّد الاستقرار، فيسترضي حزب الله بحلو الكلام عن التوازن في لبنان.

والحريري تلبنن أخيراً حتى العمق، فتعلّم كيف يبيع بـ«الكبير» في السياسة، ثم ليقبض بـ«الصغير». يعتقد رئيس الحكومة أن الطريق ليطوّب رئاسة الحكومة باسمه هو المشاركة في إيصال الوزير جبران باسيل إلى المجلس النيابي بكتلة كبيرة تضمن له رئاسة الجمهورية لاحقاً.

والعدّة جاهزة، من طرابلس وعكّار، إلى البترون ــ الكورة ــ زغرتا ــ بشرّي، إلى البقاع الغربي، إلى صيدا ــ جزين وبيروت الثانية والأولى، وصولاً إلى الشوف، أينما ينقص العونيين أصوات، تعوّضها أصوات المستقبل الزائدة، بعضها عن المقاعد التي كانت للمستقبل وصارت للتيار الوطني الحر، وبعضها عن فائض الأصوات التفضيليّة.

معادلة رابحة لعون: أصوات «السنّة» رافعة في عدد من الدوائر، و«الشيعة» لا يرشّحون على مقاعد منافسة للتيار الوطني الحرّ.

لكن، ماذا يكسب الحريري؟ معادلة جبران باسيل ــ نادر الحريري، المنتجة، والحفاظ على رئاسة الحكومة، بالصّفة لا بالدور. حتى إنه قال أمام بعض نوّابه المعترضين على القانون الانتخابي، إن الرئيس نجيب ميقاتي حين تولّى رئاسة الحكومة كان في كتلته نائب واحد.

الضغط السعودي لفكّ التحالف عن عون يزداد، والحريري لا ينوي الانصياع تماماً. فالسعودية تريد من الحريري أن تكون القوات اللبنانية حليفاً أوّلَ ثم الآخرين، والحريري لا يريد. جرأة كبيرة من رئيس الحكومة وموقف جديد. يراهن الحريري على رهانين، الأول جدّي، أن بإمكانه إقناع السعوديين بأن التحالف مع عون يسحب رئيس الجمهورية من تحالف حزب الله مستقبلاً، والثاني تمنيّات بأن يفعل عون ذلك حقّاً.

وعلى الهامش، يتلقّف عون الفرصة. عون الآن رئيس جمهورية بتوقيعين. ما أفرزه اتفاق الطائف من توسيع لصلاحيات رئيس الحكومة على حساب رئيس الجمهورية، يعوّضه بلجوء الحريري إلى بعبدا. بإمكان رئيس الجمهورية أيضاً، أن يطمئن حزب الله إلى أن الحريري تغيّر، وها هو الآن يدافع عن الحزب في مقابلة مع صحيفة أميركية.

الاصطدام مع الرئيس نبيه برّي طبيعي ومتوقّع، فعون يطمح إلى دور للمسيحيين كذلك في نظام ما قبل الحرب، وبرّي يمثّل الشيعة في نظام ما بعد الحرب. لكن هذا الصراع ليس صراعاً جذريّاً، بل هي العوارض الجانبية الأوليّة للتموضع ورسم حدود الاشتباك، والتلاقي.