IMLebanon

عون يحمل معه ملفين رئيسيين الى نيويورك

يُشكّل ملف النازحين السوريين في لبنان ومكافحة الإرهاب، أحد أبرز العناوين التي سيطرحها رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة التي ستُعقد في أيلول المقبل في نيويورك. وستتضمّن بالطبع الوضع الأمني جرّاء أحداث مخيم عرسال، وما نجم عن العملية العسكرية، فضلاً عن معركة جرود عرسال التي قادها «حزب الله» وعاونه بها الجيش اللبناني، على ما أكّدت أوساط سياسية عليمة، وإذا كانت معركة جرود رأس بعلبك والقاع قد انتهت أم لا قبل سفر الرئيس الى نيويورك فإنّه بالطبع سيتحدّث عن انتصار الجيش في مكافحة الإرهاب، والذي هو انتصار ليس للبنان فقط بل لدول العالم أجمع.

ومن الطبيعي أن يدعو الرئيس عون المؤسسات الدولية الى إيلاء الجانب الإنساني للنازحين، كما للبنانيين، المزيد من الإهتمام، ومساعدة لبنان على تطبيق خطة حكومتـه لمواجهة أزمة النازحين السوريين عن طريق بدء مرحلة عودتهم الى المناطق الآمنة والمستقرّة في بلادهم، لا سيما وأنّها خطة تحفظ حقوق اللبنانيين والسوريين معاً ضمن احترام لبنان لالتزاماته الدولية. كما سيلفت الى التفلّت الأمني الذي شهدته بلدة عرسال نتيجة تسلّل الإرهابيين الى داخل المخيمات السورية، والذي يُخشى من أن تعيشه مناطق أخرى تنتشر فيها المخيمات. وسيؤكّد بالتالي على تمسّك لبنان، حكومة وشعباً، برفض التوطين على أرضه، لا سيما وأنّ التوجّه الدولي الذي يسمعه هو إدماج النازحين في المجتمعات المضيفة، واستدامة إقامتهم في الدول التي انتقلوا الى العيش فيها مع إمكانية تجنيسهم، كما أنّ عودتهم لا بدّ وأن تكون «طوعية»، على ما تُشدّد الأمم المتحدة.

ولن ينتظر لبنان الإجراءات التي ستقوم بها الأمم المتحدة فيما يتعلّق بهذا الملف الذي بدأ يُطبق على أنفاس البلد والشعب، على ما أضافت، لا سيما وأنّها غالباً ما تقوم بما تقرّره، وبما يتناسب مع السياسية العامة للدول الأعضاء وخصوصاً الكبرى منها وعلى رأسها الولايات المتحدة الأميركية. ولهذا فلا شيء يمنع لبنان من اتخاذ التدابير التي يجدها مناسبة لحماية حدوده، ومنع تسلّل اي من المتطرّفين أو غير مستحقّين «صفة النزوح» بطرق غير شرعية، كما بإمكانه تقليص أعدادهم بالطرق القانونية، على غرار ما تقوم به بعض الدول الأوروبية المضيفة لأعداد قليلة من اللاجئين بهدف حماية أمنها واستقرارها.

ولأنّ أكثر ما يهمّ لبنان هو تأمين الحدّ الأدنى من الحماية لشعبه، فإنّ الجيش سوف ينطلق في معركة جرود رأس بعلبك والقاع، وعند تحقيق الإنتصار فيها سينتقل بعد ذلك، على ما كشفت الأوساط نفسها، الى عملية «تطهير المخيمات السورية المنتشرة على الأراضي اللبنانية كافة من الإرهابيين». وهذه العملية، ستكون كفيلة بالتخلّص من أعداد كبيرة من التكفيريين المتسلّلين بين النازحين المدنيين، والذين قد يُشكّلون «خلايا نائمة» تعود فور صدور أوامر قادتها، عند استقرارهم في المناطق السورية، الى تعكير صفو الأمن في البلاد.

وتتوقّع أن تترافق هذه العملية، مع عمل الحكومة على إيجاد بعض الحلول السريعة التي تؤمّن تقليص أعداد النازحين وتُمهّد العودة الآمنة لهم الى بلادهم عبر أي وسيلة سياسية أو ديبلوماسية معترف بها حالياً، وليس بالضرورة التفاوض بشكل مباشر مع النظام السوري، الأمر الذي يرفضه فريق سياسي في الحكومة. فالأمل بتعاون الأمم المتحدة من أجل تخفيف عبء استضافة النازحين عن كاهل لبنان واللبنانيين ضعيف جدّاً، خصوصاً في المرحلة الراهنة.

وبرأيها، فإنّ التحرّك من الجانب اللبناني ينطلق من حرص لبنان على تأكيد رفضه القاطع للتوطين على أرضه كونها لا تتسع للبنانيين، فكيف لمليون ونصف المليون من النازحين السوريين أيضاً؟ ولهذا فإنّه من الممكن تأمين هذه العودة على مراحل، ولا سيما الى المناطق القريبة من الحدود اللبنانية والأكثر أمناً من المناطق الأخرى. الأمر الذي يُسهّل على المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في لبنان على إيصال المساعدات لهم، في حال أرادت ذلك، الى حين استعادتهم لحياتهم الطبيعية، وإن لم تكن الأمم المتحدة موافقة على عودتهم قبل التوصّل الى حلّ شامل للأزمة السورية.

كذلك فإنّ الوزارات المعنية من الداخلية والخارجية والشؤون الإجتماعية والصحة والتربية ستكون مضطرّة على إجراء التحقيقات الدقيقة داخل مخيمات النازحين، ليس فقط بهدف إحصاء عددهم، بل لإجراء جداول تُخوّل الحكومة في خطواتها اللاحقة، معرفة كيف عليها إعادتهم، بحسب المناطق التي نزحوا منها، أو بحسب إنتماءاتهم السياسية. علماً أنّ الرئيس السوري قد أصدر مراسيم عفو بحقّ كلّ الذين حملوا السلاح من أجل تسهيل عودة النازحين المعارضين الى بلادهم.

ورأت بأنّه على الحكومة أيضاً العمل على تسليم المحكومين السوريين في السجون اللبنانية الى سوريا، والذين يكثر عددهم يوماً بعد يوم، مع التفلّت الأمني الزائد. فهؤلاء يجب أن يتمّ ترحيلهم سريعاً، إذ يُخشى من عودتهم الى أعمال السرقة والنصب والإحتيال وما الى ذلك، في حال جرى إطلاق سراحهم بعد تنفيذ عقوبتهم.

وبهدف ضبط الأمن وإعادة الهدوء والسلام الى البلد، أكّدت الأوساط نفسها أنّ عمليات التوقيف العشوائية التي تقوم بها الأجهزة الأمنية لإلقاء القبض على المشتبه بهم، والمسح البشري للمخيمات السورية لا بدّ من أن تتكثّف في الأشهر المقبلة.