في ظل قرقعة العلاقات اللبنانية مع دول الخليج وتداعياتها المفاجئة. عادت الحماسة التي اظهرتها بعض الكتل البرلمانية إلى الهدؤ والرتابة. وتاريخ 2 آذار أصبح كغيره من المواعيد التي لن يخرج من مداخنه الدخان الأبيض. ودخلت مجددا جميع القوى السياسية في نفق التعطيل والكل في داخله يتهم الكل وبأن التعطيل هو من إنتاج خصمه وبأن هذا الخصم هو المسؤول عن خراب البصرة وخراب بعبدا العاصمة السياسية للموارنة. كما ان القادة السياسيين من على ضفتي 8 و 14 آذار عالقون في المقولة التي راجت مؤخراً بأن الرئيس هو صناعة خارجية لذا لا حول لنا ولا قوة الا بالانتظار تقول مصادر متابعة، لكن الخارج بشقيه الإقليمي والدولي مشغول باموره وقضاياه الشائكة متجاهلا بالكامل أن لبنان بلا رئيس منذ عامين تقريبا وان هذه حالة الشاذة قد ترتد سلبا على العلاجات الموضوعة للإقليم المليء بشتى أنواع التناقضات وهي جميعا لها فروعا على الساحة اللبنانية.
وسألت المصادر: من أين وكيف يمر الرئيس في ظل حرب المئة عام بين محورين قررا قتال بعضهما البعض بالواسطة في سوريا اليمن والعراق والخشية أن ينتقل هذا القتال إلى لبنان خصوصًا أن القلوب مليئة بالحقد تنتظر الإشارة للانطلاق ولاشعال الحروب المذهبية. وأن الأدوات جاهزة لإغراء العقول المغامرة. البعض في لبنان يتمرجل بـ«السوخوي» حتى يخال البعض أنه قائد السرب الذي يغير على مواقع 14 آذار. والبعض الآخر في لبنان أيضا يعتبر أن «عاصفة الحزم» تنتظر الإشارة منه للهجوم على مراكز 8 آذار وان مصير العاملين في الخليج رهن إشارة «ثوار الأرز».
إذا عادت الرئاسة إلى بداياتها لتبدأ مسيرة طويلة وشاقة للوصول إلى اتفاق تسوية تنهي الشغور وتعيد الأنوار إلى القصر تضيف المصادر، حيث الرئاسة الوحيدة الباقية الصامدة للمسيحيين في الشرق الأوسط. وتكاد الترشيحات التي أحدث كل هذا الضجيج أن تلغي بعضها البعض بحيث لن يمر اي مرشح من الإثنين إلا إذا حصلت تطورات دراماتيكية تدخل أحدهما إلى بعبدا عنوة. فالعماد عون الذي يختزن البحصات في فمه كما يجمع اليمني القات فإنه بات على قاب قوسين كي يبق البحص دفعة واحدة ويقلب الطاولة على من راوغ أو اعترض من دون وجه حق أو الذي مارس الكيدية منعا لوصوله إلى بعبدا، فالجنرال ينتظر وينتظر لكن لا تظنوا بأن هدوء الرجل يعني الرضى عما يرتكبه الآخرون. فزعيم الرابية مطمئن إلى غده الرئاسي خصوصًا أن الظروف المحلية لصالحه. لكن الهواجس تكمن في الاتفاقات الإقليمية والدولية حيث يعمل البعض من خلال الصفقات على طريقة «مررلي كي امرر لك»، ومنعا لأي أمر مشابه شد العماد عون الرحال ووجهته روسيا التي أصبحت اللاعب الأول على شاطئ البحر الأبيض المتوسط. حيث يسقط رئيس إلا بأمر أو موافقة من موسكو. العونيون المقربون من الإدارة الروسية حضروا المواعيد على عجل كي تأتي الزيارة بالمردود الإيجابي والفوري. فالمقربون يؤكدون أن حسم المعركة الرئاسية يبدأ بانسحاب الوزير سليمان فرنجية من المعركة. علما ان هذا الإنسحاب لن يحصل…
اذا قرار الجنرال عون تحريك الملف الرئاسي بعدما وضعته التطورات الاقليمية على الرف. ففي الرابية خلية لاتهدأ والمشاورات لا تتوقف على حدّ قول مصادر مقربة من الرابية ومن ابرز الناشطين في الملف الرئاسي هي المجموعة التي تحضر كل سبت من كل اسبوع الى الرابية حول «برنش» يستمر من العاشرة حتى 12 ظهرا. ففي هذا اللقاء الذي يترأسه العماد ميشال عون يحضره ايلي الفرزلي، سليم جريصاتي، كريم بقرادوني، حبيب افرام وآخرين.
تبدأ النقاشات بعد استعراض الموقف الدولي والاقليمي وبعدما يطلع المجتمعون على اخر التطورات الميدانية السورية يبدأ الحوار وتبدأ الاقتراحات بالصدور تباعا. البعض منهم يؤكد بانه فور دخول الجيش السوري الى حلب يدخل العماد عون الى بعبدا.
البعض الاخر يعارض ويطالب الحاضرين ان ينتظروا مصير الرقة فيقاطعهم احدهم مشددا ان لا رئاسة قبل تحرير الموصل و الرقة وحلب من «داعش» و«النصرة»، وهكذا يستمر الحوار والنقاش بوتيرة حماسية فيما العماد يراقب بصمت ولا يتدخل الى حسم جدال سيطول دون جدوى، ينتهي الاجتماع ويليه آخر في كل اسبوع والجنرال «ناطر» دون طائل ومن دون اي نتيجة.
حاور شركاءه في الوطن تقول المصادر «ظبطت» علاقاته مع سعد الحريري ومع نبيه بري كأن كل شيء متروك تحت الرماد، لا احد يريد لي ذراع الاخر، اما مع سمير جعجع، فالحكاية تختلف، والمصالحة لها طعم مختلف، فالخلاف المسيحي العمودي بين الجنرال والحكيم دفعا بهما الى خارج الحلبة.
واليوم تضيف المصادر قرر الاثنان العودة فثار غضب الاخرين عليهما لان هؤلاء يعرفون جيدا ماذا يعني التحالف بين القوات اللبنانية و«التيار الوطني الحر»، والخشية لدى هؤلاء ان «التسونامي» المنتظر سوف يكتسح البلديات في القريب العاجل اذا تجرأت الحكومة واقدمت على فعلتها وسارت بالعملية الانتخابية، كما ان هذا التحالف ينتظر الانتخابات النيابية بفارغ الصبر ومهما كان نوع القانون.
في النهاية الجميع في انتظار الجميع بحسب المصادر المتابعة، واللبنانيون ينتظرون اي بارقة حلحلة في اي مكان في العالم كي يتسنى لهم انتخاب الرئيس وكأن كل شيء بات موصولا في «القابس» الذي يغذي القصر الجمهوري بالطاقة ابتداءا من سعر النفط المتهالك مرورا بالطموح العسكري الكوري الشمالي الفائق وصولا الى حرب العراق والمعارك في سوريا حيث يحتشد في سمائها الف دولة ودولة.
وتضيف المصادر وعلى ضجيج هذا الايقاع والقرقعة الدولية والصراع الاقليمي بين محورين الاول ممانع شيعي والاخر خليجي مدعوم من بعض الدول السنية، وتختم المصادر يأمل اللبنانيون الذين صدقوا بان انتخابات الرئاسية صناعة لبنانية فانه رهن بالمواعيد التي يعلنها الرئيس بري والافراج عن الرئاسة في مكان اخر، فلا عجب ان يستفيق اللبنانييون يوما على دعوة النواب بشكل طارىء وسريع لانتخاب رئيس من خارج الاسماء المتداولة ولا علاقة له بلائحة الاقوياء، وبالانتظار يستمر الافرقاء تقاذف كرة التعطيل من حضن الى حضن وكأن ادارة هذا الملف ملكا بين ايديهم .