Site icon IMLebanon

عون في الانتظار: لا للمقايضة بين الرئاسة والقيادة

عصا تعطيل الحكومة.. معطّلة

عون في الانتظار: لا للمقايضة بين الرئاسة والقيادة

لربما كان ميشال عون بحاجة ليقرأ بتمعّن كلام فؤاد السنيورة حول «مقايضة مبطّنة» بين رئاسة الجمهورية وقيادة الجيش عنوانها الخارجي تلازم التعيين بين قيادة الجيش ومديرية قوى الأمن الداخلي، كي يدرك أنّ الوعود الحريرية باللجوء الى «كيّ التعيين» بدلاً من «مخدر التمديد»، ستبددها التطورات الإقليمية المتسارعة، ولن يكون لها أي تقريش في السياسة.

صحيح أنّ سعد الحريري أودع ضيفه يوم عيد ميلاده كلاماً طيباً عن استعداد الفريق الأزرق للسير بصفقة التبادل، فيعطي البرتقاليين قيادة الجيش لمصلحة شامل روكز، مقابل تعيين عماد عثمان مديراً عاماً لقوى الأمن الداخلي، لكن حتى اللحظة لا يبدو أنّ هذا الكلام المعسول سيُترجم عبر خطوات جدية.

لا بل اتخذت المسألة مساراً مختلفا، وصارت المعادلة على أساس: اعطنا الرئاسة فنعطيك قيادة الجيش. وذلك بفعل التخبط الذي يشهده «المستقبل» بين فريق مؤيد للتفاهم مع ميشال عون وآخر رافض له، وبين مصالح «التيار» الداخلية، وارتباطاته الإقليمية.. ما يحتّم عليه المماطلة قبل الجلوس الى كرسي الاعتراف البرتقالية.

حتى أنّه يُقال إنّ الرئيس نبيه بري سمع من رئيس «تيار المستقبل»، حين زاره في عين التنية، ثناءً على أداء اللواء ابراهيم بصبوص وتمسكاً به كمدير عام لقوى الأمن الداخلي خشية حصول خربطة في المواقع الأمنية قد تؤدي الى الشغور. وهذا ما أثار استغراب رئيس المجلس حين أبلغه الجنرال عون عن رغبة الحريري في الاحتكام لمشيئة «التسريح» وإجراء التغيير في القيادات الأمنية والعسكرية!

ومع ذلك، ليست العقدة هنا. هذا التردد في حسم الموقف من جانب «التيار الأزرق» يأتي من مكان آخر، من السعودية تحديداً. ثمة من يقول إنّ «عاصفة الحزم» التي دفعت بالرياض الى مغادرة «وقارها» والتشمير عن زنوها، قد تكون لها هزات ارتدادية في الكثير من مناطق الاشتباك الإقليمية، ومنها لبنان.

وما كان يمكن للسعودية أن تقبل به قبل تلك اللحظة المفصلية، قد ترفضه بعد اليوم ربطاً بالمقويات التي تعتقد أنها حقنت شرايينها بها. وهذا ما يدفع بالحريريين الى التمهل قبل الإقدام على أي خطوة «تسووية»، ومنها على سبيل المثال إيصال صهر ميشال عون، حليف «حزب الله»، الى رأس المؤسسة العسكرية.

ولهذا يبدو أنّ جنرال الرابية قرر الاستعانة بسياسة العصا بعدما تبيّن أن سياسة الجزرة قد لا تؤدي غرضها. ولكن، عملياً، بمقدور الرجل استخدام نبرة الغضب والتهديد حتى يوم إحالة بصبوص الى التقاعد في الخامس من حزيران المقبل.. عندها ستتضح المواقف وسيضطر «تيار المستقبل» الى الكشف عن أوراقه المستورة.

بإمكانه حتى ذلك الوقت التلويح بورقة الحكومة، من دون أن يفصح عما في ذهنه، سواء كان يريد إحراقها وتحويلها الى حكومة تصريف أعمال أم قد يكتفي بشّلها من خلال اعتكاف وزيرَيْه في منزليهما (هنا طبعاً لا يحتاج الى تضامن حلفائه). ولكن بعد ذلك التاريخ، ستختلف الحسابات.

بالتفصيل، يمكن القول إنّه إذا كان رئيس تكتل «التغيير والإصلاح» يسعى الى تغليب منطق التعيين على التمديد، فهو سيحتاج حكماً الى حكومة عاملة كاملة الصلاحية بمقدورها القيام بهذه الخطوة. وبالتالي ليس من مصلحته إحالتها الى التقاعد أو حتى شلّها، لأنّ ذلك قد يعطي مبرراً لخصومه للجوء الى خيار التمديد في حال تعطلت الحكومة وصارت عاجزة عن اتخاذ أي قرار.

حينها، وخشية من الشغور الأمني، يمكن لوزير الدفاع تكرار سيناريو التمديد الأول من خلال التوقيع على القرار استناداً للمادة 55 من قانون الدفاع، بعد أن يكون وزير الدخلية قد فعل الأمر ذاته للتمديد لمدير عام قوى الأمن الداخلي.

إذاً، طالما أنّ هناك أملاً بامكانية حياكة سجادة التوافق على التعيين، فإنّ الحكومة ستبقى بأمان. ولكن بمجرد أن يفقد «التيار الوطني الحر» هذه الورقة، فقد تتغير المقاربة.. وعندها لكل حادث حديث.

خرج ميشال عون من جلسته مع السيد حسن نصر الله مرتاحاً، بعدما جرى إبلاغه أنّ «حزب الله» معه في السراء والضراء، سواء في معركة رئاسة الجمهورية أو في قيادة الجيش. وهذا ما بدا تمايزاً كبيراً بين ما جرى عشية التمديد الأول وما جرى بالأمس.

يومها كان موقف «حزب الله» حاسماً برفضه المسّ بقيادة الجيش خوفاً من الخربطة الأمنية، فيما ترك الأمين العام لـ «حزب الله» هذه المرة الباب مفتوحاً أمام خيار التعيين، إذا تأمنت له أغلبية حكومية.

ومع ذلك، فإنّ «عصا» استقالة الحكومة، أو حتى تعطيلها، لن يكون من السهل استخدامها، وقد يواجه ميشال عون تحدي اتهامه بافتعال «رذيلة» ضرب الحكومة، تضاف الى تهمة تعطيل رئاسة الجمهورية، وها هو الرئيس بري يتهمه أيضاً بتعطيل التشريع في مجلس النواب.

ولكن رغم كل التلميحات التي يحاول «المستقبل» رميها بين الحين والآخر في بركة الرئاسة الراكدة، لجذب ميشال عون إلى مربع التسوية، يُنقل عن الأخير أنه لا يزال عند موقفه، يرفض الى الآن أي نوع من المقايضة حول الكرسي المخملي.. حتى لو كان الأمر متصلاً بقيادة الجيش وبالعميد شامل روكز.