IMLebanon

مبادرة عون أطاحت حظوظ صفقة رئاسية على حسابه

مضت الذكرى الحادية والسبعون للإستقلال، تماماً كما وصفها الرئيسان تمام سلام وسعد الحريري، حزينة ومشينة ومريبة، بما أنها عكست مستوى الانحدار الذي بلغته البلاد في ظل شغور رئاسي طوى اليوم شهره السادس ووضع أمني خطير أبرز تجلياته استمرار خطف عسكريين من قبل تنظيمين مسلحين منذ آب الماضي.

وغاب الاحتفال المركزي بمبادرة مسؤولة من رئيس الحكومة لتفادي أمرين: الاول ملء ٢٤ وزيراً كرسيا واحدا فارغا هو كرسي الرئاسة في إطار ممارسة الوزراء مجتمعين صلاحيات الرئيس، والثاني إجراء عرض عسكري للجيش فيما مجموعة من عناصره محتجزة لدى تنظيمي “داعش” و”النصرة” منذ ثلاثة اشهر.

وطوى الاستقلال ذكراه الحادية والسبعين من دون أي مؤشرات جدية حيال احتمال الوصول الى توافق رئاسي.

فلا المؤشرات الخارجية توحي إمكان نفاذ لحظة إقليمية او دولية تسهل عملية الانتخاب ولا المؤشرات الداخلية – التي هي ويا للأسف انعكاس للخارج – تعطي انطباعا بأن كل الكلام والمشاعر النبيلة الداعية الى إنجاز الاستحقاق الرئاسي قابلة للصرف في المدى القريب.

وفيما يعول المشهد الداخلي على حظوظ انطلاق حوار بين “تيار المستقبل” و”حزب الله”، انطلاقا من مناخ إيجابي صادر عن اوساط عين التينة يتحدث عن مرحلة متقدمة من الإعداد لهذا الحوار وصلت الى مستوى إنجاز جدول الأعمال، فإن مراجع سياسية قللت من فرص انطلاق هذا الحوار في مدى قريب وفي نجاحه في التوصل الى إنجاز توافق على موقع الرئاسة.

لا تنفي المراجع ان يشكل ملف الرئاسة بندا مهماً واساسياً، لكنه في رأيها لن يكون متقدماً على البنود الأكثر أهمية وحيوية بالنسبة الى الفريقين والتي تتعلق في شكل أساسي بمعالجة التباينات العميقة القائمة بينهما حيال مقاربة كل منهما للوضع اللبناني والملفات العالقة فيه.

لكنها في الوقت عينه لا تستبعد التعامل معه تحت وطأة ضغط دولي مرشح لأن يتصاعد، على غرار ما حصل بالنسبة الى تأليف الحكومة، أي على قاعدة ربط النزاع الذي ارتضياه مخرجا لتنفيس احتقان مذهبي كاد ينزلق بكليهما، الى فتنة دموية غير قابلة للاحتواء.

وعليه، فإن هناك مسائل “وجودية” تتطلب حوارا جديا حيالها بعدما أخذت التطورات الفريقين الى أماكن سيكون صعباً على كليهما العودة منها، إن لجهة تمسك “حزب الله” بسلاحه وتورطه في الحرب في سوريا وعدم استعداده للتراجع او التخلي عن أي منهما، او بالنسبة الى تقدم مسار المحكمة الخاصة بلبنان الناظرة في اغتيال الرئيس رفيق الحريري، والتي بدأت شهاداتها تلامس خيوطا متصلة بالمتهمين.

تستبعد المراجع السياسية ان يكون الحوار المستقبلي مع “حزب الله” سريعاً، وان كانت تتوقع ان تحدد الاطلالة الاعلامية للحريري هذا الخميس محطة لرسم خريطة الطريق التي سينتهجها “المستقبل”حيال ملفي الرئاسة والعلاقة مع ” حزب الله”.

وترى ان البنود الخلافية بين الجانبين لا يمكن تجاوزها بلقاءات بين الجانبين، والتحضير لها تمهيدا للقاءات على المستوى القيادي بين الرئيس سعد الحريري والسيد حسن نصر الله لا بد ان يسبقه الكثير من تذليل العقد، لكن ربما ينجح الرهان على إمكان إعطاء اولوية في لحظة ما، وفي إطار ربط النزاع الجاري في الحكومة السلامية على تفاهم يشمل الرئاسة الأولى، علما ان الموقف الأخير لرئيس “تكتل التغيير والإصلاح” ميشال عون لا يعطي إشارات إيجابية في هذا المجال.

فالرجل الذي دعا الى حصر الترشيحات باسمين سعيا الى إحراج فريقه السياسي، بعدما سماه بالكامل، يدرك انه بطرحه هذا يطيح أي حظوظ لانتخابه رئيساً، كما يطيح أي فرص لانتخاب رئيس.

فحصر عون الرئاسة بينه وبين رئيس حزب “القوات اللبنانية” على قاعدة انه مرشح قوى ١٤ آذار، يعني عمليا ان زعيم التيار البرتقالي يحرص على إرباك فريقه كما الفريق الآخر ويمنعهما من الاتفاق على أي صفقة تطيح الرجلين معاً.

وحدها مفاجأة من عيار التفاهم على رئيس توافقي يجمع عليه كل من قوى ١٤ آذار والنائب وليد جنبلاط وترضى به قوى ٨ آذار يمكن ان تشكل التهديد الحقيقي للجنرال الذي سيجد نفسه أخيرا مغردا خارج سرب التسوية. لكن المراجع السياسية البارزة تعود لتؤكد ان ظروف مثل هذا التفاهم لم تنضج بعد، وان طبخة الرئاسة لا تزال على نار خارجية خفيفة لم يحن أوان نضوجها بعد.