Site icon IMLebanon

مُحاصرة عون بفدرالية طوائف

 

 

أزال رئيس الجمهورية ميشال عون الخيط الرفيع الذي كان يفصله عن مواقف الوزير جبران باسيل، فبات الوضوحُ جلياً في التعامل بين رئيس الجمهورية والأزمة الحكومية، وبات باسيل رسمياً المفاوِض بإسم عون في عملية تأليف الحكومة، وهو ما سيُنتج إصطداماً إضافياً للعهد بمراكز القوى المتحالفة والمتّفقة على رفض شروط باسيل في تأليف الحكومة التي أصبحت رسمياً شروطاً رئاسيّة.

تعتبر مصادر حزبية أن عهد عون بات محاصراً بفدرالية طوائف كاملة العدة والعدد، واستعراضاً لهذه الفدرالية يمكن ملاحظة الآتي:

ـ أولاً، تمرّ علاقة عون بالرئيس المكلف سعد الحريري، في فترة جديدة مختلفة عن «شهر عسل» التسوية الرئاسية، فالحريري متمسّك الى النهاية، بمسلّمات في التشكيل، أهمها، صلاحياته كاملة كرئيس مكلّف، ورفضه إعطاء أيّ مقعد سنّي إلّا من خلال التبادل مع عون بمقعد مسيحي، مع عدم إعتراضه على أن يختار عون أيّ إسم يريد، سواء النائب فيصل كرامي أو غيره، وتمسّكه بإتّفاقه مع النائب وليد جنبلاط والدكتور سمير جعجع بالحصة التي يريانها مناسبة للمشاركة في الحكومة.

وتضيف المعلومات أنّ الحريري منزعج من مواقف عون الأخيرة، لكنه لن يتوقف عندها بسلبية، وتشير الى أنّ الحريري أوصل رسالة الى أكثر من طرف مفادها: «لقد أطفأت المحرّكات، فالعُقدة ليست عندي وليأتوا بطرح جديد لكي نبني على الشيء مقتضاه».

ـ ثانياً، في حصار فدرالية الطوائف، تصطدم علاقة عون بجدار درزي، سببه الإصرار على توزير النائب طلال إرسلان، وهو ما جعل رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط يتمسّك بالمقاعد الدرزية الثلاثة، وهذه سابقة أيضاً لم تحصل في الحكومات السابقة.

ـ ثالثاً، في حصار فدرالية الطوائف، قادت علاقة «التيار» المأزومة مع «القوات اللبنانية»، الى نقض تواقيع «تفاهُم معراب». وفي المعلومات أنّ باسيل يريد العودة الى هذا التفاهم، لكن بعد الإتفاق على الأحجام الوزارية، وإلزام «القوات» بحصّة متواضعة، ترفض «القوات» هذا الطرح، ولهذا توقفت الإتّصالات عملياً بين الطرفين، وهو ما سيؤدّي الى اشتداد العقدة الوزارية المسيحية تعقيداً.

ـ رابعاً، على الصعيد الشيعي، بدا واضحاً منذ البداية أنّ كلاً من «حزب الله» والرئيس نبيه بري أقفلا الباب أمام التفريط بأيّ مقعد شيعي وإعطائه لرئيس الجمهورية، علماً أنّ رئيس الجمهورية كان يحصل على مقعد وزاري شيعي، ويحصل هذا الإقفال الشيعي على وقع تضامن برّي مع مطلب جنبلاط، وعلى وقع صمت «حزب الله» في موضوع الحكومة باستثناء موقف مبدئي أعلنه الأمين العام للحزب السيد حسن نصرالله متعلّق بضرورة إحترام معايير التمثيل، واكتفى «الحزب» الى الآن بعدم إدارة محرّكاته، تاركاً الوقت يمرّ من دون أن يضغط لتسريع التأليف.

واذا كان الحريري قد أطفأ محرّكاته، فإنّ تأليف الحكومة قد دخل عملياً في نفق طويل، لا يُعرف مداه الزمني، فالتلويح الرئاسي باستعمال الصلاحيات محكوم بالإصطدام بالمكوّن السنّي، الذي لن يرضى بتغيير القواعد الأساسية التي يمتلكها الرئيس المكلف، والإصطدام ربما لا يقتصر على مجرد لقاء رؤساء وزراء سابقين، بل يمتد الى إمكان صدور موقف عن دار الفتوى، حيث سبق لمفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان أن أعلن موقفاً إزاء رئيس الجمهورية يؤشر الى عدم الرضى عن كل ما يُهدِّد صلاحيات رئيس الحكومة ودوره في التأليف، علماً أنّ الحريري نفسه متشدِّد جداً في موضوع الصلاحيات.