لم يحسب العماد ميشال عون حساباً لاخصامه على الحلبة السياسية فهو يتقن فن المنازلة ولو وصل به الامر الى حدود الانتحار، الا انه فوجئ بعدما وصلت «اللقمة الرئاسية» الى فمه بنيران صديقة عبر تغريدة النائب سليمان فرنجية الذي اعرب فيها ان الرئيس سعد الحريري اذا انقلب على مبادرته وسار بعون، فانه يعيد البلد الى فترة نهاية الثمانينات يوم سلم الرئيس امين الجميل عون دفة ادارة البلاد عبر الحكومة الانتقالية فكانت اولى النتائج نفيه قسرياً الى فرنسا وان التاريخ قد يكرر نفسه اذا مشى الحريري بخيار عون الذي ستكون نتائجه نسخة طبق الاصل عما حصده الرئيس الجميل بعد انتهاء ولايته اي ان الحريري معرض للمصير نفسه وفق الاوساط المواكبة للمجريات.
وربما انتقال فرنجية من مرحلة العتب الى مرحلة الغضب وفق ما تشير اليه تغريدته واعلانه انه سائر في معركته الرئاسية ولو بقي نائب واحد الى جانبه، فان وضع الجنرال في هذه المرحلة لا يختلف كثيراً عن وضع فرنجية كمنافس عنيد له، وما يخشاه عون ان يستدرج الى الجلسة الرقم 46 ليقع في مطب محكم قد ينتج الخيار الثالث بايصال مرشح ماروني غير معلن الى بعبدا وفق الاوساط نفسها ولا سيما ان الاخراج في قبضة رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي لن يسير الا بالسلة الكاملة من رئاسة الحكومة مروراً برئاسة مجلس النواب والقانون الانتخابي وصولاً الى التشكيلات الادارية في مؤسسات الدولة بأجمعها وهنا بيت القصيد.
وتضيف الاوساط ان بري الرافض حتى الان وصول عون الى الكرسي الاولى وقد ابلغ ذلك الى وزير الخارجية جبران باسيل صهر الجنرال واعلانه انه لن ينتخبه بل يفضل التصويت بورقة بيضاء فان موقفه ينسحب على موقف رئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي» النائب وليد جنبلاط الذي رأى في الاستحقاق البلدي «مصيبة» فكيف الحال مع الاستحقاق الرئاسي مع حصر المعركة بشخص عون، فبين بري والجنرال «في الهوى سبب» من تناقض الكيمياء الشخصية بين الرجلين ناهيك بالمنازلات بين الرجلين ولا سيما ان الجنرال اعلن في الانتخابات النيابية تحريره لجزين من قبضة بري ليتحول القضاء الجنوبي الى مرمح برتقالي. وبري يمهل ولا يهمل فانتظر الجنرال على مفرق بعبدا ليعلن دعمه المطلق لترشيح النائب سليمان فرنجية للرئاسة الاولى، وسبق له ان اعلن ان لا احد سيضع مسدساً في رأسه لارغامه على التصويت لمصلحة عون وابلغ وزير الخارجية جبران باسيل انه لن ينتخب عمه كونه طعن في شرعية مجلس نيابي يريد منه انتخابه في آن وعلى قاعدة ان الرئاسية تسوية وفق المنظور العوني، وعلى خلفية «وقعت ولا الجمل رماك» كون الثأر طبق يؤكل بارداً وفق المراقبين لايقاع بري السياسي وهو صاحب القول المشهور «لا تجربوني».
وتقول الاوساط ان خلاف بري وعون الذي لم يستطع النفط في المياه الاقليمية اللبنانية غسل قلبي الرجلين ادى الى الاطاحة بطاولة الحوار تحت عنوان الميثاقية علماً انها من اجتراح بري واستعملها باسيل لغرض في نفس يعقوب الرئاسة بهدف اخراج العماد جان قهوجي من قيادة الجيش وعدم التمديد له، الا ان بري استعاض عن طاولة الحوار بورشه الحوار بين «حزب الله» و«تيار المستقبل» في عين التينة كون الاحتقان السني – الشيعي هو بيت القصيد اولاً واخيراً لتبريد اصحاب الرؤوس الحامية وتمديد المرحلة بالحد الادنى للخسائر، وعندما قصف البرتقاليون حكومة «المصلحة الوطنية» مهددين «بفرطها» تنطح بري للحفاظ عليها كونها آخر ملاذ دستوري للساحة المتآكلة فوصفها «بكاملة الاوصاف» وان خروج او اعتكاف وزراء «التيار» لن يفسد في الود قضية، ولا سيما ان تحويل حكومة الرئيس تمام سلام الى حكومة تصريف اعمال اعلان رسمي لانهيار الدولة، وهنا يتقاطع موقف «حزب الله» مع موقف شريكه، خصوصاً انه غارق في قتال التكفيريين وان الخلافات الداخلية يجب ان تبقى تفصيلاً صغيراً في ظل «لعبة الامم» التي لم تبق على شيء في المنطقة الملتهبة.