عون يتحرك خارجياً لتسريع عودة الحريري لمعالجة الموقف
المرجعيات السياسية والروحية تتعامل مع الإستقالة كموضوع «وطني لا سنّي»
تحولت قضية «الاستقالة المتلفزة» لرئيس الحكومة سعد الحريري من مجرد قضية سياسية ودستورية- إجرائية الى قضية وطنية نظراً للظروف التي حصلت فيها واثارت التباسات وتساؤلات لدى كل الاطراف، ما دفع رئيس الجمهورية ورئيس المجلس النيابي الى اعتبارها كأنها لم تحصل الى حين عودة الحريري من السعودية وشرح ملابساتها واسبابها الفعلية للرئيسين وللرأي العام.
وتفيد المعلومات ان حركة المشاورات الواسعة التي جرت خلال الايام القليلة الماضية في القصر الجمهوري وفي دار الفتوى، اسهمت في توفير مظلة وطنية عارمة تحمي الاستقرار السياسي والامني والنقدي من جهة، وتوفر من جهة ثانية حصانة وطنية رسمية وسياسية وشعبية كبيرة لرئيس الحكومة باعتباره رسمياً في لبنان «غير مستقيل» الى حين توافر الشروط الاجرائية للاستقالة، وتفيد مراجع سياسية زارت القصر الجمهوري ودار الفتوى، ان المرجعيتين الرسمية السياسية والروحية تلاقيا في حركتهما الواسعة على تدارك انعكاسات الاستقالة على الوضع السياسي الوطني والشعبي والمالي، واسهما في لملمة الغضب الشعبي وإرساء حالة من الهدوء، للتعامل بحكمة وعقلانية مع الوضع.
وتضيف المصادر:ان الرئيس عون شخصياً مهتم بعودة الرئيس الحريري سريعاً الى بيروت، وهوسخّر منذ ايام اتصالاته الدولية والاقليمية لهذا الغرض، وبعد عودته يكون لكل حادث حديث، وهو كما سائر الاطراف السياسية، لا يتعاملون مع الاستقالة كحدث دستوري إجرائي داخلي عادي يمكن معالجته بالطرق العادية التي كانت معتمدة في مثل هذه الحالات، بل يتعاملون معها كحدث وطني كبير وخطير لأنه يمس سلامة وحصانة ودور شخصية رسمية وسياسية كبيرة.ولذلك فالرئيس عون «لن يسكت على طول مدة غياب الرئيس الحريري وسيجنّد كل إتصالاته الخارجية من اجل ضمان عودته سريعا الى البلد، وهو باشر فعلا اتصالاته لهذه الغاية».
واوضحت المصادر ان الرئيس عون شرح في لقاءاته مع المرجعيات ظروف اتصال الحريري به وإبلاغه بالاستقالة هاتفيا، مستغربا «كيف تصدر الاستقالة من خارج لبنان كسابقة لم تحصل في تاريخ لبنان، معتبرا انها ليست استقالة، ومشيرا الى انه سينتظر عودة الحريري لتقرير الموقف اللازم، مشدداً على وحدة الصفوف والوحدة الوطنية»، وعرض الاجراءات المالية والاقتصادية والامنية التي لجأ اليها لضمان الاستقرار على كل المستويات، والخيارات الممكن ان يلجأ إليها رئيس الجمهورية في ظل غياب الحريري وتعذر الاتصال به مرة جديدة، بعد الاتصال الاول يوم السبت والذي فهم عون خلاله من الحريري انه سيعودخلال ايام قليلة، وهو ما دفع الى الاعتقاد انه سيكون في بيروت اليوم الخميس، خاصة ان الدعوة كانت قد وجهت لعقد جلسة لمجلس الوزراء، ما لم يطرأ ما يؤخره.ولازال عون ينتظر اتصالا جديدا من الحريري، مشيرا الى ان موقف مفتي الجهورية الشيخ عبد اللطيف دريان وايضا موقف الامين العام لـ«حزب الله»السيد حسن نصر الله ساعدا كثيرا في الاتجاهات التي سارت عليها رئاسة الجمهورية.
وتفيد المصادر ان احد المرجعيات الرسمية الكبيرة السابقة، نصحت الرئيس عون بالتحرك الموازي من اجل درء الفتنة عبر تسريع عودة النازحين السوريين الى بلادهم، خشية استخدام جهات داخلية او خارجية معادية لمصلحة لبنان لبعض النازحين ورقة لخلق بلبلة طائفية او امنية، لتعذر حصول اي حرب اسرائيلية على لبنان تؤدي الى الفوضى او البلبلة في لبنان.مشيرة الى ان استقالة الحريري عطلت اي بحث رسمي حاليا لحل عودة النازحين، ويمكن من خلال اجراءات معينة اعادة من يمكن اعادتهم في هذا الوضع القائم حاليا.
ونوهت المرجعيات بموقف الرئيس عون والمفتي دريان وبحركتهما التي جعلت من الاستقالة ومن غياب الحريري قضية وطنية، متوقفين بشكل خاص عند موقف المفتي دريان، الذي – بحسب معلومات المرجعيات- يرفض حتى الان الدعوات الى عقد اجتماع للمجلس الاسلامي الشرعي الاعلى اوعقد لقاء لأركان الطائفة السنية في دار الفتوى، تلافياً لحصر قضية الاستقالة بالطائفة السنّية، وقد ظهر ذلك في حركة اللقاءات الواسعة التي شهدتها الدار وشملت كل الاطياف السياسية الاسلامية والمسيحية، وهو يواصل اتصالاته الداخلية والخارجية وينتظر اياما قليلة بعد قبل اتخاذ اي خطوات اخرى.