عودة باسيل إلى «معزوفة» الانتخاب من الشعب إصرار على التعطيل
عون يتجه إلى التصعيد بعد إحياء مشروع الرئيس التوافقي
باتت سياسة تقطيع الوقت العنوان العريض للمرحلة الحالية، بعد تأجيل جلسات الحوار الذي يراوح من دون نتيجة إلى 5 أيلول المقبل، تليه بعد يومين جلسة انتخاب رئيس للجمهورية تحمل الرقم «44»، مع ما لذلك من انعكاسات غاية في السلبية على وضع البلد والمؤسسات، في وقت يستمر المعطلون للاستحقاق الرئاسي على مواقفهم المتصلبة التي دفع لبنان ثمنها المزيد من الانهيارات على مختلف المستويات، من دون أن يشكل هذا الواقع المأساوي دافعاً لدى هؤلاء المعطلين لإعادة النظر في مواقفهم وإزالة العقبات التي يضعونها أمام الانتخابات الرئاسية لملء الفراغ الذي يسكن قصر بعبدا، منذ ما يقارب السنتين. وإذا كان رئيس «التيار الوطني الحر» الوزير جبران باسيل، أشار إلى أن التيار غير متمسك بالنائب ميشال عون للرئاسة، وأنه يقبل بأي شخص يختاره الشعب، فإن هذا الكلام برأي أوساط نيابية في «14 آذار» لا يقدم ولا يؤخر، ولا يعكس واقعاً جديداً في ممارسات التيار «البرتقالي»، طالما أن باسيل عاد إلى «نغمة» انتخاب الرئيس من الشعب وهو الذي يعلم أن هذا الاقتراح غير دستوري ومرفوض من قسم كبير من اللبنانيين، وبالتالي فإن العودة إلى مثل هذه الاقتراحات تهدف إلى إطالة أمد الأزمة وإبقاء الشغور الرئاسي قائماً، من خلال عدم الاستعداد الجدي للتخلي عن ورقة ترشيح عون المرفوض هو الآخر من غالبية النواب، لمصلحة شخصية مقبولة من الأطراف السياسية، وفقاً للآلية الدستورية، وليس عبر اللجوء إلى اقتراحات تعقد الأزمة ولا تساعد على ولوج باب الحل بأي شكل من الأشكال.
وتشير الأوساط إلى أنه يبدو أن لعون اهتماماً آخر غير انتخاب رئيس للجمهورية، بعدما تقدم الملف النفطي واجهة الاهتمامات، بحيث أضحى عنواناً أساسياً من عناوين أجندة الوزير باسيل اليومية، ما أدى إلى تراجع الاهتمام بالاستحقاق الرئاسي من قبل فريق وزير الخارجية السياسي، وكأن أمر الانتخابات الرئاسية لا يعنيه، فسيان عنده وجود رئيس للجمهورية أو عدم وجوده، مشيرة إلى أن عودة باسيل إلى «معزوفة» انتخاب الرئيس من الشعب، غايتها قطع الطريق على أي محاولة لمشروع الرئيس التوافقي الذي أعيد البحث به، في أعقاب فشل الخيارات الرئاسية المتصلة بالمرشحين عون والنائب سليمان فرنجية، إزاء إصرار «حزب الله» وحلفائه على انتخاب عون، في مقابل رفض «تيار المستقبل» وحلفائه القبول برئيس «التغيير والإصلاح»، وهو ما أعاد إحياء الرئيس التوافقي الذي باتت بكركي، ووفقاً للمعلومات المتوافرة لـ«اللواء»، أكثر تأييداً له بعد تعذر التوافق على أحد الأقطار الموارنة الأربعة، بحكم أن التأييد الذي سيحظى به من جانب القوى السياسية في حال أمكن ذلك، سيساعده على توفير الظروف الملائمة له في بداية عهده، عكس الرئيس الذي قد ينتخب من دون الإجماع المطلوب، نظراً إلى أن مصلحة لبنان في ظل ظروفه الحالية تستوجب وجود رئيس توافقي ولا أحد غيره.
وتقول مصادر قيادية في «14 آذار» شاركت في لقاء المختارة الذي كرّس مصالحة الجبل مجدداً لـ«اللواء»، إن أجواء الأحاديث التي سادت بين المشاركين، ركزت بشكل أساسي على شخصية الرئيس التوافقي التي حازت مباركة البطريرك بشارة الراعي، كمخرج طال انتظاره لإنقاذ لبنان من المخاطر التي تتهدده، جراء استمرار الشغور وغياب أي تأثير دولي على مجرى الأحداث اللبنانية، ما يحتم ضرورة اقتناص أي فرصة تنقذ لبنان وتحميه من العواصف المحيطة، وهذا الأمر لا يكون إلا برئيس توافقي مدعوم من جميع الكتل النيابية والقوى السياسية.