يعد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون عدته للطلة الاعلامية مساء الاثنين المقبل من قبل ان يطفىء الشمعة، في الذكرى السنوية الاولى لانتخابه رئيساً.. وقد شاء ان لا تكون الطلّة غير خطاب او بيان، بل عبر حوار مفتوح مع الاعلاميين يستهله بمقدمة قيل إنها ستكون مختصرة وقد تتضمن انجازات العهد في سنته الأولى والعقبات التي اعترضته والتحديات التي تواجهه على المستويات الدولية والاقليمية والداخلية وانعكاساتها على الداخل اللبناني، لاسيما منها أزمة النازحين السوريين.. وما ينتظره لبنان في الآتي من الأيام من استحقاقات، ومن أبرزها الاستحقاق النيابي، وقد سجل للعهد انجاز بالغ الأهمية في قانون انتخابات جديد يعتمد النسبية، وان لم ينج من العديد من الثغرات.. كما وفي الانتصار الكبير الذي حققه على الارهاب وتحرير جرود لبنان الشرقية من الجماعات الارهابية، الذي برأيه هو «انتصار كبير وتثميره يجب ان يكون بالتقارب الوطني والبناء عليه للتطلع الى المستقبل..» إضافة الي انجاز الموازنة بعد غيبة طالت لنحو 12 عاما..
مسار اللقاء الاعلامي مع الرئيس عون موقوف على نوعية الأسئلة التي سيواجهها.. وحتى اللحظة، فإن لا مؤشرات على ان هناك «ممنوعات» والباب مفتوح على مداه – وفق قاعدة: «زنت تسأل والرئيس يجيب..».
ليس من شك، في أنه، وعلى الرغم من حزمة الانجازات التي تحققت في السنة الاولى ليست هينة، وهي بالغة الأهمية، لكنها ليست كافية لتعطي العهد براءة ذمة وهو الذي ورث عن العهود السابقة ما يكفي لفتح باب التحقيقات على مداها، وهو غير مسؤول عنها.
يتطلع العماد عون الى الامام ولا يقف طويلاً أمام ما ورثه.. وهو متمسك بقناعته ان «التغيير آت (ولو بعد حين)، وهو ما سيقرر الشعب اللبناني في الاستحقاق الانتخابي، على رغم ما في هذه المقولة من مثالية والافرقاء اللبنانيون، بصورة عامة، منشغلون في سجالات تباعد ولا تقرب وفي التراشق بالتهم التي تعزز أجواء التشنجات السياسية..».
لقد أعد الاعلاميون الذين سيشاركون في اللقاء الحواري مع الرئيس عون العدّة وسيلاً من الأسئلة حول العديد من الموضوعات والملفات ومصير الوعود التي أطلقها رئيس الجمهورية، وما آلت اليه أوضاع البلد.. كما ومصير التحالفات مع العديد من الافرقاء السياسيين، خصوصاً أولئك لم ينفكوا عن «تربيح الرئيس الجميلة» بأنهم كانوا وراء ايصاله الى بعبدا»؟
لا يختلف اثنان على ان تقويم السنة الاولى من عهد الرئيس عون محكوم بجملة حسابات وخلفيات ليست بعيدة عن مصالح هذا الفريق او ذاك وتطلعاته وارتباطاته وتحالفاته في الداخل ومع الخارج..
بديهي أن يكون تقويم «حلفاء الجنرال» للسنة الأولى من عهده متباينا عن تقويم «الخصوم»، وذلك على الرغم من ان «الخصوم» هم صلب «التفاهم» الذي ساعد في وصول العماد عون الى رئاسة الجمهورية، وتحديداً «القوات اللبنانية». حيث خرجت «شكاوى» القوات «الى العلن، ولم تعد محصورة ضمن الغرف المغلقة، وتجاوزت ما كان متوقعاً عبر التلويح بالاستقالة من الحكومة.. وعديدون آخرون لهم مصلحة في «صب الزيت على النار..»؟!
لا يختلف اثنان على ان رئيس الجمهورية ما بعد «الطائف» ليس كما قبله.. وقد عزز تفاهمه مع رئيس الحكومة سعد الحريري من القدرة على تحقيق انجازات لم تكن متوقعة، امنياً ومالياً واقتصادياً وسياسياً فما كان قبل 31 تشرين الأول العام الماضي ليس كما بعده، والنتائج الامنية كانت ايجابية، بل وبالغة الأهمية بعد تحرير جرود السلسلة الشرقية من التنظيمات الارهابية، و»ذلك بعد مماحكات سياسية لم تنتهِ الا بقرار حاسم وجريء في مجلس الوزراء..» وما يقال في الأمن يقال مالياً، حيث أعيد القطار المالي الى سكة الانتظام باقراره، وللمرة الاولى بعد 12 عاماً موازنة العام 2017، والحكومة تستعد لمناقشة موازنة العام 2018، ناهيك بانجاز قانون جديد للانتخابات يعتمد للمرة الاولى على النظام النسبي مع الصوت التفضيلي».
لم يكن وزير الداخلية نهاد المشنوق يغالي عندما قال في ندوة مقاصدية قبل أيام ان مواقف الرئيس عون تطورت بشكل كبير الى مزيد من الانفتاح والتفهم والحرص على التوافق السياسي والتزامه الدستور، و»لولا دعمه لما أنجز الكثير من الملفات التي عرضت على مجلس الوزراء..».
لا يعني ذلك غياب، او عدم وجود تباينات، ولعل أبرز مظهر من مظاهر التباينات هذه يتمثل باثنين: مسألة النازحين السوريين وطريقة التعامل معها، والتواصل مع الحكومة السورية على نحو ما حصل في لقاء باسيل – المعلم وزيارات وزراء الى دمشق.. كما والموقف من ايران إلا أن المشكلة الأساس تكمن في أمكنة أخرى، وفي مقدمها الانتخابات النيابية المقبلة..
أياً تكن القراءات النقدية لمسيرة العهد، فإنه من غير الممكن فصل رئاسة الجمهورية عن رئاسة الحكومة، وبالتالي رئاسة مجلس النواب.. والانجازات التي تحققت ما كانت لتكون لولا هذا «الثالوث».. والجميع متفقون على أنه «لا يمكن ان يتحقق كل شيء من السنة الاولى، لكن ما أنجز خلال السنة الاولى من عمر العهد بالغ الأهمية على رغم كل الظروف الصعبة والدقيقة والمخاطر التي تحيط بلبنان والتهديدات الاميركية – الاسرائيلية المتزايدة؟!