على إيقاع المعارك في حلب، وتطوّرات الوضع الميداني، تسير بورصة التفاؤل الرئاسي والتشاؤم، بانخفاض وهبوط، بانتظار التسوية التي باتت بعيدة المنال، بعد تعثّر مؤتمر جنيف، وتحوّلِه إلى لجنة أمنية لتثبيت الهدنة الهشّة.
لم يعُد خافياً أنّ انتظار الحلّ اللبناني، خصوصاً الرئاسي، ينتظر ما سيحصل في سوريا، وقد بدا واضحاً أنّ ترشيح الرئيس سعد الحريري للنائب سليمان فرنجية، ومن ثمّ الدكتور سمير جعجع للعماد ميشال عون، لم يغيّر شيئاً في المعادلة لدى «حزب الله» الذي لا يريد أن يكتفي بإنجاز الفوز برئيس حليف، بل يريد تجاوزَ ذلك إلى تحديد معالم مرحلة جديدة، قد يطالب فيها بمكاسب إضافية، تشكّل تعويضاً عن الأثمان الباهظة التي دفعَها في سوريا، وهي أثمان يبحث عن ترجمتها بمكتسبات عملية.
على أبواب المعركة البرّية في حلب، تنتظر الرئاسة اللبنانية في عنق زجاجة الحزب، وينتظر المرشّحان انقشاع الرؤية، وإذا كان فرنجية قد حدّد شهر أيار شهراً مفصلياً للبتّ بموضوع الرئاسة وإلّا ضاعَت فرصته وفرصة العماد عون، فإنّ عون يبدو في المقلب الآخر مطمَئناً إلى عامل الوقت، الذي يرى أنّه يلعب لصالحه.
عن هذا الانتظار، يرى مصدر في «التيار الوطني الحر» أنّ الوقت يسير لصالح الجنرال، ويَنقل عن الجنرال قوله: «بدأوا بترشيح الدكتور جعجع، ووصَلوا إلى حدّ تقديم عرض لي برئاسة لسنتين، ومعروف أين سينتهون».
يشير المصدر إلى أنّ عرض السنتين الذي عرِض على العماد عون في الإعلام، ليس عرضاً من فراغ، بل هو اقتراح فرنسي، بموافقة ومعرفة سعودية، وبمباركة بكركي التي تبنَّته فعلاً على أن يكون مخرجاً للانسداد الحاصل»، ويضيف بأنّ «الفرنسيين تقدّموا بهذا العرض بعد نيلِ الموافقة السعودية، وهذا ما بدا من خلال طريقة العرض وآليّة تسويقه، لكنّهم، أي الفرنسيين، تسبّبوا بهذا العرض، بالتعرّض للدستور، وهو ما لا يوافق عليه العماد عون الذي يريد أن يُنتخَب لولاية كاملة».
لا يخفي المصدر أنّ الانتظار السائد اليوم مرَدُّه انتظار ما يحصل في سوريا، ويقول: «بكلّ واقعية سيكون انتصار المعارضة أو ترجيح كفّتِها لغير مصلحتنا، كما أنّ «القضاء على الإرهاب» سيكون لصالح الحلّ الشامل في سوريا، كما سيكون بدايةً للانفراج في لبنان، بدءاً من انتخاب رئيس للجمهورية، وصولاً إلى البحث في القضايا المتصلة به، كقانون الانتخاب، واستعادة بعض صلاحيات الرئاسة».
ويوضح المصدر: الروس يؤكّدون أنّهم على رغم اهتزاز الهدنة الأمنية، سيواصلون العملَ مع الأميركيين لإنجاز تسوية في سوريا، يكون الرئيس السوري بشّار الأسد في صلبها وعلى رأسها، وهذا سيعني انتصاراً بكلّ المقاييس للمحور السياسي الذي يؤيّده، وفي الترجمة اللبنانية سيكون الرئيس من قوى «8 آذار»، وتحديداً العماد عون الذي يتمسّك به «حزب الله».
فالحزب الذي دفعَ كلّ هذه الأثمان في سوريا لن يقبل بأن يمرّ الحلّ في لبنان من دون مكاسب واضحة تؤكّد أنّه حقّقَ انتصاراً في سوريا، وهذا يعني أنّ أوراقاً أخرى ستُفتح، وأنّ مكسب الإتيان برئيس حليف لن يكون المكسب الوحيد، بل سيتبعه مطالبة باستعادة بعض الصلاحيات المهمّة للرئاسة التي انتزَعها الطائف لصالح رئاسة الوزراء، التي لن تبقى كما هي اليوم».
يشير المصدر إلى أنّ عون «لم يفاتَح بعرض انتخابه لسنتين، لأنّ من طبَخوا العرض يعرفون رأيه المسبَق به»، ويوضح أنّ الحريري «يراهن أيضاً على الوضع السوري، من باب حصول تدخُّل سعودي تركي يقلب المعادلة الميدانية، ولهذا فإنّ الاتصالات مجمّدة معه، ولن يكون هناك استقبال لموفدي الحريري في الرابية، وخصوصاً الدكتور غطاس خوري، الذي فقدَ بالنسبة لعون أهليةَ الحوار، بعدما أعلنَ مواقف واضحة بخصوص الانتخابات الرئاسية».
باختصار، يقول المصدر: «لينتظِر الجميع جلاءَ الرؤية الإقليمية، وبعدها لكلّ حادث حديث».