IMLebanon

عون: الأمر لي

من المسلم به ان التسوية المفخخة سقطت الى غير رجعة وان المرحلة الحالية هي مرحلة التقاط الانفاس خصوصاً من قبل الرابية لاكمال المعركة، والمؤكد كما تقول اوساط مقربة من الرابية ان ميشال عون الذي لم يعد لديه ما يخسره في السياسة بعد ان خسر معارك التمديد للمجلس النيابي اولاً ولقيادة الجيش وبعد سقوط التسوية لترقية الضباط والتي لم تقبلها الرابية اصلاً حتى ترفضها بعد محاولات الالتفاف عليها وتمرير بنود ونقاط فان اولويات الرابية تنحصر اليوم في استكمال التحضير للمعركة الكبرى بدون ان يسقط عون من حسابه مسألة الرئاسة الاولى اذ تعول الرابية بحسب الاوساط على الوقت وعلى حسابات اقليمية تصب في مصلحة فريق 8 آذار بعد التدخل الروسي في معركة سوريا الذي من شأنه ان يكون حاسماً ويساهم في قلب المعادلات على الارض السورية في الحرب على التكفيريين.

من هنا ترى الاوساط ان الرابية لم يعد لديها ما تقوله في موضوع الترقية لعدد من الضباط التي كان لها ايجابياتها كما سلبياتها فيما لو سار فيها النائب ميشال عون، فاكثر الايجابيات كانت تتمثل ببقاء قائد المغاوير في الخدمة العسكرية فيما السلبيات الكثيرة في سلة الرابية بعد تفخيخ التسوية كانت لا تعد ولا تحصى، وعليه فان الرابية تعد اليوم لمرحلة تغيير كبير في المعادلات وانقلاب في موازين القوى الداخلية سيكون لمصلحتها على الارض سواء في موضوع رئاسة الجمهورية او في موضوع قانون الانتخابات النيابية تزامناً مع انفلاش الوضع بشكل مأساوي ودراماتكي وتبدل في المسارات الراهنة، وعليه فان اولويات الرابية هي لمواكبة تبدل الظروف والاحداث قبل ان تبدأ بالحصاد بعد انقضاء الحصار المفروض عليها وعدم قدرة الاخصام على المواجهة والاستمرار في استنزاف الرأي العام المسيحي الذي بدأ يحسب كله في خانة المتعاطف مع الرابية خصوصاً بعدما انجز التيار الوطني الحر والقوات «ورقة النوايا» وانهاء حالة الخصومة.

وبالتالي فان تظاهرة 11 تشرين الاول لن تكون حدثاً عابراً او عادياً في سياق المشهد العام والتطورات تؤكد الاوساط، اذ سيستعيد عون شريط ذكريات احداث 13 تشرين الاول والمرحلة الجماهيرية التي سبقت سقوط قصر الشعب عام 1990.

فتظاهرة 11 تشرين التي يحشد لها التيار الوطني بشكل مركز وغير مسبوق ليس لها خلفيات مطلبية وليست مخصصة لمكافحة الفساد ورفع الصوت ضد الطبقة السياسية الحاكمة التي تعبث بالبلاد فساداً ونكايات ومزايدات سياسية، هي تظاهرة الى قصر بعبدا برمزيته الوطنية وبكونه الموقع الاول للموارنة ومركز القرار الرئاسي الذي يتخبط في الفراغ القاتل منذ سنة ونصف تقريباً ، مع الكثير من الاختلافات والفارق بين تحرك وسط المدينة والتحرك المقبل الى قصر بعبدا، فوسط بيروت هو منطقة «سوليدير» التي انجزها الرئيس الراحل رفيق الحريري واعاد ترميمها بكامل النزاعات والخلافات حول قيام «سوليدير» باستغلال ومصادرة ارزاق الملاكين ، اما منطقة بعبدا فلها رمزية خاصة لانها مركز القرار المسيحي الاول ونقطة التلاقي بين قصر بعبدا ووزارة الدفاع على مسافة امتار قليلة من القصر الرئاسي ووسط عدد كبير من سفارات الدول العربية والاجنبية والمراكز الامنية الحساسة .

الواضح ان زعيم الرابية في القراءة الاولية لتظاهرة 11 تشرين، ان عون يريد ان يفرض مرة اخرى معادلة « الامر لي» في الشارع المسيحي وفي اعادة التمثيل المسيحي الى سابق اوجه، وهو قرر ان يرفع من سقف المواجهة مع السلطة السياسية بدعم من الشعب رغم انه كان ابدى مرونة غير مسبوقة على طاولة الحوار مع اخصامه وشارك في الطاولة الثالثة بعدما اعتذر عن الطاولة الثانية، ولا يزال مصراً على المشاركة. وتحمل التظاهرة التي تصيب عدة عصافير بحجر عوني واحد رسائل عابرة لكل الاطراف ، فالتظاهرة على مقربة من وزارة الدفاع رسالة الى قائد الجيش الممدد له خلافاً للقرار العوني في موضوع الرئاسة وسائر الملفات التي لا يلتقي فيها الجنرالان منذ التمديد لقهوجي في القيادة العسكرية، ولتيار المستقبل الذي خاض معارك كونية ضد عون وانقلب اكثر من مرة على التفاهمات والالتزامات بنيات خبيثة وإلغائية. فالمعادلات السياسية والعسكرية طرأت عليها تبدلات ليست لمصلحة المستقبل والمحور الذي يمثله في فريق 14 آذار.

الحماس العوني للتظاهرة التي ستحمل مفاجآت مدوية على وقع غارات الطائرات الروسية التي تدمر «داعش» و«النصرة» واخواتهما في سوريا هو بدون حدود، وهي بدون شك تظاهرة معبرة بحسب الاوساط، وتحمل في طياتها معاني كثيرة باعتبارها استفتاء لشعبية عون في موضوع رئاسة الجمهورية في بعبدا بالذات التي ومن القصر الذي خرج منه عون على وقع قصف الطائرات السورية وزحف الجيش السوري الى بعبدا لاخراج عون بالقوة، ولعل الرسالة الابلغ ان عون لم يعد يقبل التهميش ومصادرة القرار المسيحي من قبل المستقبل الذي ينفذ اجندة سعودية وإملاءات لعواصم القرار، هي كما تقول الاوساط ربما ستكون محاولة لفرض الرئيس بالقوة الشعبية بعدما سدت كل المنافذ السياسية.