IMLebanon

الحوار العوني – القواتي خَطَف الملف الرئاسي هل يفتح الاهتراء نافذة الحسابات التوافقية؟

احيا العشاء الذي اقامه الرئيس سعد الحريري للعماد ميشال عون يوم الاربعاء الماضي الآمال كما التكهنات بأن الحظوظ الرئاسية لرئيس التيار العوني لا تزال قوية، وهو ما يدفع في اتجاهه حلفاء عون كما مناصروه. وثمة مَن يبني ذلك استنادا الى ما نقل عن الرئيس الحريري منذ لقائهما في باريس قبل عام تقريبا واليوم ايضا. اذ ينسب اليه البعض عدم ممانعته بعون رئيسا كون الشغور في الرئاسة الاولى يشكّل هاجسا كبيرا لديه. وهو من موقع حرصه على استقرار البلد ومنع انزلاقه الى مخاطر كبيرة، يهمه انتخاب رئيس للجمهورية باسرع وقت حتى لو كان ذلك يستند الى امساك خصومه بالمكان الذي يوجع فريقه اي استقرار البلد وبمعزل عن حسابات الربح والخسارة الداخليين التي تجعل البعض يتحفظ عن اي فرصة لانتخاب عون تصب في مصلحة المحور السوري الايراني وكونه مرشحا لـ”حزب الله”. وتجزم معلومات مصادر سياسية موثوق بها ان الموضوع الرئاسي لم يفتح في اي شكل من الاشكال في العشاء لدى الحريري. الا انه للمفارقة التي بات عليها الوضع الداخلي، فان الحوار بين التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية قد خطف ملف الرئاسة من امام جميع الافرقاء السياسييين الآخرين كما خطفه من امام البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي بحيث بات مصير الرئاسة معلقا على ما يسفر عنه هذا الحوار.

وينقل مطلعون عن رئيس دائرة شؤون الشرق الاوسط وشمال افريقيا في الخارجية الفرنسية جان فرنسوا جيرو في جولته الثانية على المسؤولين اللبنانيين من اجل استطلاع فرصة الوساطة لانتخاب الرئيس انه ابلغ محدثيه اللبنانيين بتبدل الموقف الايراني، وهو بالمناسبة الموقف الذي يلتقي سياسيون محليون كما خارجيون على اعتباره المعرقل لانتخاب رئيس جديد.وبرز هذا التبدل في اتصالاته مع المسؤولين الايرانيين بين الجولتين الاولى والثانية من مساعيه. ففي الوقت الذي اتسم به الموقف الايراني بالإلحاح على وجوب السعي من اجل انهاء الشغور الرئاسي، وفق ما عبروا امامه في حض مباشر على المساعي التي اطلقها في جولته الاول، قوبل في الجولة الثانية برد مفاده ان الامور باتت في يد الافرقاء المسيحيين الذين بات الحوار قائما في ما بينهم، والمقصود به الحوار بين عون وجعجع. ومن هذه الزاوية رفع هذا الحوار المسؤولية من امام جميع الافرقاء الداخليين والخارجيين على حد سواء، وبات في عهدة الافرقاء المسيحيين بحيث سيفرض هؤلاء على الآخرين ما قد يتفقان عليه او لا يتفقان عليه في نهاية الامر. في حين ان معلومات المصادر نفسها تفيد بأن جعجع لا يمكن ان يسير بعون رئيسا وان المعادلة لديه هي انتخاب اي شخصية الا عون.

ولكن على رغم انسداد الافق الذي يبدو على هذا الصعيد، تبدي مرجعية سياسية تفاؤلها من مؤشرات لمستها في الحركة السياسية الاخيرة التي نشطت بعد عودة الرئيس الحريري التي تزامنت مع وقت احوج ما يكون اليها الوضع السياسي لجهة رأب الصدع الحاصل على مستوى الحكومة واعادة ترميمها من اجل الصمود من جهة والتمهيد لاحتمال فتح ثغرة في موضوع انتخابات الرئاسة الاولى واعادة الحركة الى مجلس النواب المشلول راهنا. فهذه المرجعية تثق بأن جهتين على الاقل، أوحتا باستعدادهما لصفقة سياسية تخرج موضوع الرئاسة الاولى من المأزق الراهن هما رئيس مجلس النواب نبيه بري والعماد عون، على رغم الاصرار الذي لا يبديه هذا الاخير علنا لجهة تمسكه بأحقيته بالوصول الى موقع الرئاسة الاولى. اذ هناك مكابرة لجهة عدم الاقرار او الاعتراف بأن هناك استنزافا يحصل واهتراء ستكون له تبعات تاريخية. فيما ان الحوار بين تيار المستقبل و”حزب الله” فتح نافذة على امكان البحث في موضوع الرئاسة في وقت ما قد لا يكون بعيدا. اذ ان الحزب الذي يرهن موضوع الرئاسة الاولى بتطور اساسي هو مصير النظام السوري، يواجه تحديات مزدوجة: الاولى هي حجم التداعيات التي سيرتبها على البلد نتيجة إيغاله في المعارك السورية، على غرار ما كشف حصوله قبل ايام في هجومه مع قوات النظام على حلب مثلا. اذ يستحيل على أي حوار مع الفريق السنّي الاساسي في البلد ان يشكل ضمانا لعدم ضرب الاستقرار في ظل غياب رئيس للجمهورية يأخذ على عاتقه مسؤولية الدفاع عن لبنان في الوقت الذي لا يستطيع هذا الفريق السنّي ان يتحمل او يسمح بتكرار مسألة عرسال مجدداً، خصوصا متى استدرج الحزب انتقامات ضده في الداخل اللبناني، على غرار ما حصل سابقا حين باتت السيارات المفخخة تصل الى الضاحية الجنوبية. اضف الى ذلك ان الحزب الذي لا يريد فقدان حليفه المسيحي في حال ذهب الى توافق حول مرشح توافقي يقبل به الجميع متخليا عن دعم هذا الحليف سيواجه اهتراء داخليا سيتحمل مسؤوليته مع حلفائه على غرار ازمة الحكومة الحالية، ولو ان الافرقاء المسيحيين حجبوا عبر مزايداتهم حول الآلية الواجب اعتمادها لاتخاذ القرارات في مجلس الوزراء الاستحقاق الرئاسي والعرقلة الحاصلة له. وليس الانشغال الكثيف جدا لبيت الوسط.