IMLebanon

شحمة عون على فطيرة «حزب الله»؟!

 

عندما ترك بعض النواب البوم ينعق في قصر بعبدا، لم يكونوا يعرفون ان النعيق سيصل الى مجلس النواب ومنه ينتقل الى السراي الحكومي، حيث دب النعيق في كل مكان من لبنان السياسي والمؤسساتي كما جاء اصرار رئيس تكتل التغيير والاصلاح العماد المتقاعد ميشال عون على الترشح للرئاسة، بمثابة شحمة على فطيرة حزب الله الذي يتطلع منذ وقت طويل الى وصول البلد الى وضع لا رئيس فيه، كونه يحقق رغبة الساعين الى اسقاط لبنان في تجربة اللاحكم واللا سلطة (…)

عندما قال نائب الامين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم اما ان تكون الرئاسة للجنرال واما بقاء البلد من دون رئيس، وهذه  المواقف جاءت بمثابة شحمة على فطيرة عون الذي انساق وراء خطوة اللاحكم واللارئاسة واللاسلطة ومن بعده الطوفان، او قل خراب لبنان عن سابق تصور وتصميم، فيما لن يعود بوسع احد الوصول الى ما يرغب فيه من اصلاح الخلل المؤسساتي حيث ساد الظن لبعض الوقت ان الشلل سيقتصر على قصر بعبدا من غير ان يقارب عين التينة  ولا السراي الحكومي!

ان تعميم الكارثة المؤسساتية على الرئاسات الثلاث قد حقق غاية حزب الله في ترك لبنان بلا رئيس لانه يريد ذلك، ولا علاقة للجنرال بالموضوع، لمجرد ان الاخير وجد من  يعرف كيف يحك على جرحه  حتى ولو اقتضى الامر استمرار البلد من دون مؤسسات الامر عينه قد انطبق على رئيس مجلس النواب  نبيه بري الذي لا يزال يتصور انه قادر على اللعب بالرئاسة الاولى على اساس  الثلثين النيابيين زائدا واحدا مع العلم ان الدستور قد نص صراحة على حاجة الجلسة الاولى الى الاكثرية وهي انعقدت من غير ان يحسبها الرئيس بري من ضمن ما يرجو هو بعكس الدستور والقوانين والاعراف!

اما الذين تصوروا ان بوسعهم حكم البلد من خلال مجلس وزراء فقط، فقد شعروا اخيرا ان لا مجال لذلك، بعدما تحول كل وزير الى رئيس جمهورية بوسعه الاعتراض على كل شيء في حال لم يوافق المصالح الشخصية.

ومن هنا بالذات اعتمد مجلس الوزراء خطأ الممارسة بدل قانون الممارسة في الحكم، بما في ذلك التصويت على القرارات التي بوسعه ان يتخذها كتبادل مصالح ليس الا، وهذا بدوره صب في مصلحة من لا يريد تعافي الدولة الى حد بقاء كل شيء قيد نعيق اليوم (…)

لذا، فان استمرار الحكومة على نهج «نهش الوزراء من مصالح بعضهم من دون فائدة تذكر، حيث تردد بعض الاوساط الى من الافضل اعادة احياء مجلس النواب على اساس «تشريع الضرورة» فيما تعرف الاكثرية النيابية ان لا مجال للضرورة اهم من انتخاب رئيس للجمهورية، وهذا الشيء متعارف عليه لان البلد من دون رئيس  سيكون بمثابة جسم من دون رأس، فكيف  سيكون الحال من دون مجلس نواب ومن دون حكومة؟!

ان حزب الله يعرف تماما ان لبنان يسير نحو الخراب في حال استمرت فوضى الدولة، الامر الذي يحقق رغبته بوصول البلد الى التفكك ومن ثم تجميع قطعه بقوة السلاح غير الشرعي الذي يتحكم فيه منذ وقت طويل، بدليل  دخول الحزب الحرب في سوريا، ومن ثم محاربته خصوم سوريا  على الحدود الشرقية مع لبنان، من غير ان يؤدي ذلك الى نتيجة الى الان، بقدر ما تكبد ويتكبد من خسائر بشرية ومادية من الصعب على دولة كاملة المواصفات ان تتحملها، فيما هو مضطر لان يتحملها حيث ليس بوسعه التخلي عن هذه المهمة التي كلفه بها النظام الايراني!

وفي عودة الى الانتخابات الرئاسية المشددة الى موقف حزب الله من الجنرال عون، فهذا الشيء لن يتغير طال الزمان ام قصر، والقصد منه عدم ترك العماد في صراع مع الذات السياسية، كي لا ينقلب عليه الاخير خشية تغيير موقفه منه، وهذه الدوامة الغاية الاساسية منها لدى حزب الله  عدم عودة البلد الى جادة الصواب السياسي والدستوري، اي الاستمرار في اللاسلطة واللاجمهورية من غير حاجة الى قول غير ذلك لاعتبارات في مقدمها ان الفلتان السائد يصب في مصلحة الحزب ليس الا (…)

وما يقال عن عدم وجود رئاسة اولى سيقال مثله عن عدم وجود رئاسة ثانية وثالثة، وهذا بدوره من ضمن ما يشجع حزب الله على الوصول الى اهتراء الدولة المؤسساتي والسياسي والاداري، وكل ما يقال عكس ذلك لن يكون له محل في اعراب الدولة التي انتهت نسبيا وتكاد تصبح نسيا منسيا، بحسب جدولة المواعيد التي لم تعد محسوبة من ضمن ما هو مرجو في سياق تحديد ماهية الدولة والمؤسسات!