Site icon IMLebanon

لقاء عون ــ جعجع: ضرورة إعادة الصلاحيّات المسلوبة من رئيس الجمهوريّة المسيحي

بدا واضحاً رئيس تكتّل الإصلاح والتغيير النائب العماد ميشال عون عندما أعلن أنّه لن يتراجع عن ترشّحه لرئاسة الجمهورية انطلاقاً من إعادة الحقوق المهدورة للمسيحيين، وأنّه خلال اللقاء المنتظر مع رئيس القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع سوف يعمل على إقناعه بالذهاب الى مجلس النوّاب وانتخابه، إذا ما كان فعلاُ يعمل في الاتجاه نفسه بالنسبة للمسيحيين.

وإذ رأى البعض في هذا التصريح الأخير للجنرال عون «إنهاء للحوار مع جعجع قبل أن يبدأ»، يؤكّد مصدر سياسي أنّ جعجع يعلم تماماً مدى تمسّك الجنرال بترشّحه، وهو وقت أراد لقاء عون لا بدّ وأن يكون قد فكّر في كلّ الاحتمالات التي سيناقشها مع الجنرال، لا سيما أنّه آن الأوان للحوار حول القواسم المشتركة وعلى رأسها حماية الجمهورية، والحفاظ على حقوق المسيحيين وتعزيزها بدلاً من الخلاف. من هنا، فإنّ اللقاء سيتمّ، بحسب المصدر، ولن تحول أي من التحليلات دون حصوله نظراً الى اهميته القصوى في المرحلة الراهنة.

وإن كان البعض لا يرى أنّ اللقاء، وإن جرى التوافق خلاله على «ورقة مشتركة»، قد يؤدّي الى انتخاب رئيس الجمهورية، لا سيما إذا ما بقي «تيّار المستقبل» غير متفق مع جعجع على ما قد يتوافق عليه مع الجنرال عون، يقول المصدر نفسه «إنّ النيات تسير اليوم نحو التوافق، ولكن لا يمكن المحاسبة على النيات، كما يقول الجنرال، لهذا فإنّ التفاهم سيكون مكتوباً ومعلناً، وهو بطبيعة الحال لا بدّ وأن يؤدّي الى الحلحلة حول موضوع رئاسة الجمهورية، وإن لم يوصل الى انتخاب الرئيس. ولا بدّ بالتالي للحوار الذي بدأ بين «حزب الله» الذي أعلن أن مرشّحه لرئاسة الجمهورية هو العماد ميشال عون، و«تيّار المستقبل» الذي تبنّى ترشيح جعجع، ولم يعارض وجود ترشيحات أخرى، أن يتلاقى مع تفاهم عون- جعجع المنتظر ما يؤدّي الى تسهيل انتخاب الرئيس الجديد للبلاد».

ولا يتوقّف المصدر عند معارضة السعودية لانتخاب عون رئيساً، كونه كان أول من عارض «اتفاق الطائف» في العام 1989 لأنّه انتقص من صلاحيات رئاسة الجمهورية، وأسندها الى مجلس الوزراء مجتمعاً. وقد أظهرت التجارب الحكومية السابقة كيف قام بعض رؤساء الحكومة باختصار المجلس بشخصه، متخذاً القرارات باسم مجلس الوزراء، وهذا ما كان يحذر منه الجنرال، ولهذا لم يوافق يوم ذاك على الإتفاق. ومع مرور السنوات، وعدم تطبيق الإتفاق، يجد الجنرال اليوم أنّه لا يجوز الالتزام ببند دون الآخر، أي انتقاء ما يصبّ في مصلحة بعض الأطراف، والعمل على تطبيقه دون سواه.

وفي مسألة صلاحيات رئاسة الجمهورية، شدّد المصدر نفسه، على أنّ «اتفاق الطائف»، حدّ كثيراً من صلاحيات رئاسة الجمهورية، بهدف منع الرئيس من التحكّم بالبلاد والعباد، غير أنّ القرار الذي اتخذ، ووافق عليه النوّاب في الطائف، بمن فيهم النوّاب المسيحيون، قدّ حجّم بشكل أو بآخر، دور رئيس الجمهورية المسيحي الماروني، في حين أعطى شأناً أكبر لرئيس الحكومة السنّي، علماً أنّه يأتي في المرتبة الثالثة في البلاد بعد رئيسي الجمهورية والنوّاب. وهذا الأمر أهدر حقّاً من حقوق المسيحيين، يجب أن يُستردّ، إذ لا يجوز أن ينصّ الدستور (على ما ورد في الطائف) أنّه في حال رفض رئيس الجمهورية قراراً ما، أو لم يردّ الطلب المقدّم اليه خلال 15 يوماً، يُصبح القرار نافذاً، وكأنّه لا قيمة لرئيس الجمهورية، أو أن رأيه السلبي أو الإيجابي في قرار ما هو سيّان.

من هنا، لا بدّ من البحث الجدّي في الجمهورية ووجودها، على ما قال العماد عون، قبل البحث عن الرئيس الجديد. فالجمهورية اليوم تتعرّض لمخاطر عدّة، يضيف المصدر، من الداخل، كما من الخارج، ما يؤكّد الحاجة الماسّة الى الحوار بين مختلف الأفرقاء السياسيين للتوصّل الى حلول، وليس لإضاعة المزيد من الوقت، والسماح للتنظيمات الإرهابية بالإستفادة من الشغور الرئاسي الذي تعاني منه البلاد منذ سبعة أشهر.

أمّا موضوع النازحين السوريين الذي يحمّل الدولة اللبنانية أعباء تفوق قدرتها على التحمّل، فهو بحاجة الى رئيس قوي للبلاد يضيف المصدر، يكون قادراً على إعادة السوريين الى المناطق الآمنة في سوريا، لأنّ وجودهم الكثيف يؤثّر سلباً في النسيج الإجتماعي، وفي اللبنانيين في مجالات عدّة من تربوية وإستشفائية، ومهنية. فالمدارس الرسمية التي تستقبل التلامذة السوريين قد هجرها الطلاب اللبنانيون ليس تعصّباً، بل لعدم التكافؤ في مستوى التعليم، ولخوف الأهالي على أولادهم من هبوط مستواهم التعليمي. أمّا المستشفيات فباتت تستقبل السوريين بدورها، أكثر من استقبالها للمرضى اللبنانيين الذين لم يكونوا أساساً حاصلين على حقوقهم في هذا السياق من الدولة. وفي ما يتعلّق بالمهن فإنّ المنافسة تحصل على أكثر من صعيد بين النازحين واللبنانيين، إذ يقوم السوريون بممارسة البعض منها مثل القصّ والحلاقة، وبيع السجائر والمواد الغذائية، وأعمال الطرش والدهان والحدادة والبيع في المحلات، وما الى هنالك براتب أقلّ ما يُشجّع هؤلاء على البقاء في لبنان حيث العمل مؤمّن براتب جيد مقارنة مع ما كانوا يتقاضونه في سوريا، وما يزيد من بطالة الشباب اللبناني.

ولعلّ هذه البطالة يقول المصدر، هي التي تشجّع بعض هؤلاء الشبّان العاطلين من العمل، والمتهوّرين الى الإنضمام في صفوف «داعش» أو «جبهة النصرة» بعد أن يتمّ إغراؤهم بالمال الوفير، ما يضيف معاناة أخرى للعائلات والأهالي لا سيما مع قيام الأجهزة الأمنية بكشف المجموعات الإرهابية والعناصر المنضوية اليها.

ولأنّه ليس من جمهورية من دون جيش قوي، فإنّ المؤسسة العسكرية والأجهزة الأمنية تقوم اليوم باتخاذ أقصى درجات التيقّظ، على ما يضيف المصدر، بهدف إحباط كلّ العمليات الإرهابية التي تسعى التنظيمات الى تنفيذها، إن في المناطق الحدودية أو الداخلية، حفاظاً على سيادة ووحدة البلاد.