لا يدخل تباين التيار الوطني الحر وحزب القوات اللبنانية من تعيين قائد جديد للجيش، او تأجيل تسريح القائد الحالي العماد جان قهوجي، في الـ20% المنفذة من «اتفاق النيات». الا ان مواقفهما المعلنة من هذا الاستحقاق ليست وحدها الكافية لبته
لا يزال مبكراً الى حد استحقاق الجيش: الامين العام للمجلس الاعلى للدفاع اللواء محمد خير يحال على التقاعد في 21 آب، وقائد الجيش العماد جان قهوجي ورئيس الاركان اللواء وليد سلمان في 30 ايلول. في حصيلة الجولة المتواضعة لوزير الدفاع سمير مقبل، تحضيراً لما ينتظره، اكتفى بزيارة الرئيس ميشال عون ورئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، بينما ارجىء لقاؤه مع رئيس مجلس النواب نبيه بري الى ما بعد عودة الاخير من الخارج في زيارة خاصة لأقل من اسبوعين.
اعاد عون وجعجع على مقبل موقفيهما المعروفين: بينما يكرر الاول للمرة الثالثة رفض تأجيل التسريح ويتمسك بتعيين قائد جديد، جهر الثاني بابقاء القديم على قدمه بالمبررات نفسها. فإذا الحليفان الجديدان على طرفي نقيض في استحقاق ليس ثانوياً، ولا بسيطاً يدار له الظهر، ولا بالتأكيد عابراً خصوصاً أن قيادة الجيش باتت المنصب الماروني الاول بعد الشغور الرئاسي. ليسا وحدهما المعنيين بمصير استحقاق يقتضي ان يعبر اولاً بمجلس الوزراء وتوافر ثلثيه الواجبين لاتخاذ القرار: لعون وزيران فقط، بينما جعجع خارج الحكومة. بل الاكثر اهمية انهما ليسا وحدهما مَن يختاران القائد الجديد.
على ان مصير الضباط الثلاثة الكبار عالق على مسؤوليات موزّعة:
1 ــــ امام مقبل، وهو الوزير المعني، ان يحمل الى مجلس الوزراء لائحة بثلاثة اسماء ضباط مرشحين لقيادة الجيش يطرحها على التصويت، وينال احدها ثلثي الاصوات. رداً على طلب الوزير لائحة بالاسماء المرشحة الثلاثة، يعتزم قهوجي تزويده اسماء ما يقارب 70 ضابطاً مارونياً من رتبة عقيد ركن وعميد ركن ما دام القانون يتيح تعيين قائد من اي من هاتين الرتبتين، بغية ان لا يقصر الترشيح على اسماء محددة. بيد ان صلاحية الاقتراح للوزير وليس للقائد، كونه رأس وزارته.
2 ــــ امام قهوجي اقتراح ثلاثة اسماء لثلاثة ضباط دروز مرشحين لرئاسة الاركان هم حاتم ملاك ومروان حلاوي وامين ابو مجاهد بصفته صاحب صلاحية الاقتراح، على ان يحمل الوزير اللائحة الى مجلس الوزراء. صلاحية الترشيح هذه ملزمة لقهوجي لئلا يعدّ موقفه تعطيلاً لدور سلطة التعيين في مجلس الوزراء، والتسبب بفراغ في رئاسة الاركان. لكن الشق السياسي في مقاربة هذا الجانب ان رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط يصرّ على تعيين رئيس للاركان خلفاً لسلمان الذي يكون انهى في 30 ايلول 43 عاماً في الخدمة العسكرية. يرفض جنبلاط ابقاء مقعد الطائفة شاغراً، ويتفهم معظم كتل حكومة الرئيس تمام سلام وجهة نظره ويبررها، ما يجعل التعيين محتملاً بتوافر الثلثين له.
3 ــــ خلافاً لما يشاع في اوساطه ــــ مع ان عون يكرره امام زواره ــــ وهو ان تعيين خلف لقهوجي حتمي في مقايضة بينه وتيار المستقبل تساوي في التعيين بين قائد جديد ومدير عام جديد لقوى الامن الداخلي، لا يؤتى داخل تيار المستقبل على ذكر صفقة كهذه لاسباب مختلفة، ابرزها انقسام التيار بين المرشحين المحتملين: رئيس فرع المعلومات العميد عماد عثمان او قائد منطقة الجنوب العميد سمير شحادة. الى النائبة بهية الحريري التي تدعم تعيين شحادة، ينقسم تيار المستقبل بين الضابطين السنيين الذين يجمعهما مسقط واحد هو اقليم الخروب. بذلك يبدو اوان صفقة متبادلة كهذه غير ناضج تماماً عند الفريق المعني. من ثمّ فإن الخوض في منصب قائد الجيش اضحى منفصلاً عن منصبي رئيس الاركان والامين العام للمجلس الاعلى للدفاع، اذ يستمر خير يحظى بغطاء رئيس الحكومة وسلفه الرئيس سعد الحريري حتى اشعار آخر.
4 ــــ يقول رئيس تكتل التغيير والاصلاح ان لا رئيس للاركان ما لم يقترن بتعيين قائد جديد للجيش في الجلسة نفسها. الا ان هذا الربط دونه عقبات مرتبطة بنصاب ثلثي مجلس الوزراء. تعطيل نصاب تعيين اي من هذين المنصبين يتطلب تسعة وزراء في حكومة بات عدد وزرائها 22 بعد استقالة اثنين من اعضائها، ما يخفض ثلثيها، واقعياً، من 16 وزيراً الى 15. على ان توفير الثلث المعطل (8+1) متعذر. ناهيك بوزيريه، لا يسع عون اجتذاب سوى وزيري حزب الله. بالتأكيد ليس الجدل القانوني في نصاب مجلس الوزراء بعد استقالة وزيرين هو العقبة، بل الاشتباك السياسي الذي من شأنه ان يفضي الى تأجيل ثالث لقهوجي في قيادة الجيش، متى استنكف مجلس الوزراء عن الاتفاق على تعيين قائد يخلفه. ما ان يخفق المجلس في تعيين القائد الجديد بثلثيه ــــ اذ يقتضي ان يتوافق الجميع عليه سلفاً ــــ والتسبب تالياً بالفراغ، يمضي وزير الدفاع للفور الى تطبيق المادة 55 من قانون الدفاع لملء الشغور المحتمل في قيادتي الجيش ورئاسة المجلس العسكري، وتأمين استمرار عمل المرفق العام.