IMLebanon

عون: عليّ وعلى اعدائي

لم ينضج الاتفاق النهائي بشأن التسوية بل ان الاتفاق لا يزال يخضع لامتحانات واختبارات ويتمرجح بين اقراره حيناً وتأجيله حيناً آخر وبين محاولات تفخيخه وضربه او تعطيله من قبل الكتائب ووزراء الرئيس ميشال سليمان، وحتى الساعة لا يمكن معرفة من يقوم بتفخيخ الاتفاق ولأي مصلحة ومن المستفيد من عودة الامور الى النقطة «صفر»، خصوصاً ان التسوية لا تعتبر ربحاً وفيراً للعماد عون او مكسباً كبيراً في السياسة تقول اوساط مسيحية، حتى يتم سحبه وتعطيله بهذا الشكل وان كان المستفيدون يمكن تقديرهم وهم انفسهم الذين عطلوا التعيينات سابقاً واقروا التمديدين للمجلس النيابي ولقيادة الجيش . فالتسوية كما بات واضحاً تم تفخيخها باكثر من بند واحد وبغير قرار تعيين مدير عام لقوى الامن الداخلي، فاصل المشكلة في البنود الاخرى في ترقية العميد شامل روكز التي يجب ان تحصل بقرار وتكليف من قائد الجيش في حين يوجد اكثر من عشرة عمداء لهم الاحقية بالترفيع، كما ان العودة الى قانون 79 لتعيين اعضاء المجلس العسكري تم ابطاله، وعليه تضيف الاوساط فان تسريب التسوية لاحصاء ردود الفعل عليها كان عملية مقصودة لاستبعاد دور مشبوه فيها للمستقبل بشكل اساسي وربما بدرجة اقل لجنبلاط وبري.

وترى الاوساط ان خسارة عون اذا لم تسر التسوية هي ربما اقل من قبوله، فمن رسم التسوية ويعرقلها اليوم يرى ان التسوية ايجاباً او سلباً تصيب عون، فالسير بها يعني الخسارة السياسية لعون والتراجع امام خصومه عن معارضته الشرسة والانكفاء من الشارع، وترفيع روكز لا يجعله قائداً للجيش اليوم فيما كان يمكن لعون ان يفرض روكز وزيراً للدفاع حين يصبح الموضوع متاحاً، في حين ان التسوية تربح معرقليها، فالنائب وليد جنبلاط يريد الخروج من ازمة النفايات التي يتم تحميله وزرها ورئيس الجلس يريد انتظام عمل المجلس النيابي ورئيس الحكومة اعادة تسيير عجلة الحكومة في حين يريد المستقبل تبييض صفحته في ممارسة التهميش للمسيحيين وتعطيل البلاد.

ولكن اذا كانت التسوية لن تمر فان عون بالمؤكد سيعود الى الشارع تؤكد الاوساط المسيحية، والى التصعيد والى فتح الملفات من الفساد الى السرقات في الدولة والى توتير الوضع وعدم مراعاة احد من الاخصام حتى الحلفاء، وقد كانت المشادة مع وزير المال اول الغيث في المعركة التي ستتوسع اكثر فاكثر خصوصاً ان تظاهرة 11 تشرين الاول لن تكون استحقاقاً او محطة عادية .وتخريب التسوية، لم يأت من العدم بعد ان حمل تقاطع المعلومات ان هناك دوراً ثلاثياً لجنبلاط وبري والحريري بتفخيخ التسوية وعليه قرر عون ان يلعبها «علي وعلى اعدائي يا رب» لانه لم يعد يملك ما يخسره في السياسة باستثناء تمتين علاقته مع حلفائه وهذا الامر حاصل مع حزب الله الذي يكرر دائماً وقوفه الى جانب عون وعدم قبوله بكسر عون وعزله، في حين يستمر عون بالتأكيد على متانة العلاقة المسيحية الشيعية باشارته الى دور حزب الله في حماية الوجود المسيحي وإلا لكان المسيحيون في لبنان سيلاقون مصير مسيحيي نينوى وسوريا.

وفي حال لم تمر التسوية ايضاً بما يرضي عون الغاضب من الخيبات والانقلاب عليه وتمرير التسويات والصفقات فان علاقته بسعد الحريري وتمام سلام سوف تصبح الاسوأ على الاطلاق في عهدها، بحسب الاوساط، فالتفاهم في مجلس الوزراء سيصبح من سابع المستحيلات اذا لم تسقط الحكومة وربما العودة الى الجلسات التشريعية ايضاً. المؤكد ان العلاقة مع الحريري الى تدهور نهائي بعدما ثبت ان التيار الأزرق هو ابرز المعرقلين والمنقلبين على التفاهمات وان الحريري هو الذي قاد الانقلاب ووضع العصي في دواليب «شاحنة» الاتفاق على الترقيات الامنية وقبلها على انجاز التعيينات بعدما وضع الكثير من المطبات امام وصول عون الى قصر بعبدا وشامل روكز الى اليرزة وبعد ان برز ان الفيتو الازرق لامس الفيتو الاقليمي، فخطة المستقبل كانت من البداية واضحة المعالم بضرب عون مرتين، أولاً بابعاده عن موقع الرئاسة وقيادة الجيش، وايضاً في خلق الحالة والإيحاء بان عون يجلب الفراغ الى مؤسسات الدولة انه يقاطع مجلس النواب ويعطل العمل الحكومي ويتحمل مسؤولية الفراغ الرئاسي،، وبالتالي فان اوراق المستقبل مكشوفة من قبل الرابية بانه يريد ان ينهي ظاهرة عون ويضع يده على المفاصل المتعلقة بالتعيينات والمواقع داخل الدولة خصوصاً ان المستقبل يمر بازمة ثقة مع السعودية التي تركت حلفاءها في الداخل اللبناني لحسابات اقليمية اكبر في اليمن ولمعالجة تداعيات حادثة منى عليها .

اما حساب عون مع سلام فسيكون الحساب الاكبر، تؤكد الاوساط المسيحية، فاذا كان الحريري انقلب على عون تلبية لقرار إقليمي فان موقف سلام وتعنته ووقوفه في مجلس الوزراء بمواجهة وزراء عون لن تمر بسهولة في حسابات الرابية، إذا كان واضحاً ان سعد الحريري هو الذي خالف قواعد اللعبة مع ميشال عون وانقلب على وعده بتعطيل الملف الرئاسي وانجاز التعيين في قيادة الجيش، فان رئيس الحكومة لم يفعل بالمثل بل مارس منذ البداية سياسة التعنت مع الرابية والتمسك بما يراه من حقه والثوابت الحكومية، وإذا كان التفاهم مع التيار الأزرق من قبل الرابية رغم كل الحرب السياسية القائمة بينهما يمكن ان يحصل في يوم من الايام فان التفاهم مع رئيس الحكومة لا يزال هو الأصعب والأكثر تعقيداً، فالواضح ان الخلاف السياسي عونياً مع رئيس الحكومة قطع اشواطاً ومسافات طويلة يصعب العودة منها. هذا الخلاف وصل الى حد اتهام العونيين لسلام بالداعشية السياسية ومصادرة حقوق المسيحيين وبانه يتصرف في مجلس الوزراء كرئيس للجمهورية ورئيس لمجلس الوزراء في الوقت نفسه، فكان رد التيار من السراي والشوارع المحيطة على استهداف التيار من قبل رئيس الحكومة في محاولة عونية لوقف التعدي على صلاحيات رئيس الجمهورية وتوقيع القرارات في مجلس الوزراء.