Site icon IMLebanon

فرنجية هو هو لا يتغيّر

 

بعد ايام على زيارة وفد الحزب التقدمي الاشتراكي للبطريرك الماروني بشارة الراعي في الديمان، حطّ الوزير صالح الغريب مع وفد من الحزب الديموقراطي في المقرّ الصيفي للبطريركية. وقبل زيارة الاشتراكي اليوم لبنشعي، سبقته اليها «المفرزة الارسلانية» التي التقت رئيس تيار «المردة» سليمان فرنجية. وعليه، ما هي الحصيلة التي عاد بها الغريب من جولته الشمالية؟ وهل من اختراق في جدار أزمة قبرشمون؟

 

يبدو واضحاً أنّ هناك سباقاً على استقطاب القوى السياسية بين الحزبين الاشتراكي والديموقراطي، بحيث أنّ كلا منهما يلحق الآخر على الدعسة ويقتفي أثره، في اطار السعي الى حشد اكبر دعم أو تفهّم ممكن لمقاربة كل منهما لما جرى في الجبل.

 

أما في الكواليس، فإنّ مصادر مطلعة توضح انّ هناك مؤشرات متزايدة الى احتمال احتواء الأزمة الناتجة من الخلاف بين مكونات الحكومة على الإحالة الى المجلس العدلي والتفاصيل المتعلقة بتسليم المطلوبين، بل انّ أحد المواكبين لجهود المعالجة يقول: ربما نكون قد اصبحنا قريبين من التوافق على الحل او المخرج المناسب، ومن غير المستبعد ان يراجع بعض المعترضين على الإحالة الى المجلس العدلي موقفهم وان يسلكوا اتجاهاً اكثر مرونة، ولعلنا نحتاج الى يوم او يومين حتى تتضح الصورة بشكل أفضل.

 

خلال اللقاء مع البطريرك الراعي، شرح الوزير الغريب وقائع حادثة قبرشمون التي ادّت الى سقوط ضحيتين كانتا برفقته، وروى تفاصيل عملية اطلاق النار على موكبه والإصابات المباشرة التي تعرّضت لها سيارته اثناء قيادته لها فيما كان يجلس الى جانبه مدير الداخلية في الحزب الديموقراطي لواء جابر جابر الذي كان حاضراً في اللقاء. بدت علامات التأثر على الراعي وهو يستمع الى رواية «الشهيد الحي» الذي نجا من الموت بأعجوبة، مبدياً التفاعل الوجداني معه ومعرباً عن تفهمه لما يطرحه.

 

ثم انتقل النقاش الى البحث في تداعيات الحادثة التي تسببت بموجة نزوح مسيحي من الجبل وأفضت الى إلغاء مناسبات عدة في المنطقة، نتيجة القلق والخوف. وعرض الوفد الأسباب الموجبة للإصرار على إحالة هذه القضية الى المجلس العدلي، من دون ان يطلب من الراعي تأييداً لهذا الطرح تجنباً لإحراجه، خصوصاً انّ موقع الراعي يفرض عليه أن يبقى وسطياً، انما اكتفى الوفد الزائر بإبلاغه موقف النائب طلال ارسلان والحزب الديموقراطي المرتكز على قاعدة أنّ الإحالة ستساهم في وأد الفتنة وإحقاق الحق.

 

وشدّد الراعي على التمسّك بدور الدولة، معرباً عن رفضه إعادة انتاج ثقافة الميليشيات ومفهوم المناطق المغلقة، ومؤكّداً عدم جواز ان تكون هناك منطقة مقفلة أمام أحد. وأشار الى أهمية ان يسود الحوار بين اللبنانيين، مبدياً حرصه الشديد على أمن الجبل والعيش المشترك، وداعياً الى ان تكون المصالحة الدرزية – المسيحية مكرّسة في كل نواحي الحياة، وهو الذي يعرف انّ ضربة كف واحدة في ظل الاحتقان تستطيع ان تعيد الامور أشواطاً الى الوراء، فكيف إذا كان الامر يتعلق بحادثة دامية. وهذا الهاجس حيال مستقبل الجبل يفسّر البيان الذي صدر امس عن البطريركية المارونية وتضمّن تشديداً على المصالحة بعد حادثة قبرشمون.

 

من الديمان، توجّه الوفد برئاسة الغريب الى بنشعي، حيث التقى فرنجية في حضور الوزير السابق يوسف سعادة. وقد حاول البعض الإيحاء بأنّ هناك التباساً يحيط بحقيقة موقف رئيس تيار «المردة» من مبدأ إحالة ملف حادثة قبرشمون الى المجلس العدلي، في حين انّ العارفين يجزمون بأنّ فرنجية لا يمكن ان يختلف مع «حزب الله» وارسلان، لو عُرض هذا الامر على التصويت في مجلس الوزراء.

 

وتؤكّد اوساط قريبة من ارسلان، انّ شيئا لم يتغيّر في ثوابت فرنجية وتحالفه الراسخ مع «المير»، لافتة الى أنّ فرنجية هو هو، ثابت في المفاصل الاستراتيجية، لا يتبدّل ولا يناور.

 

وتشير الاوساط، الى انّ العلاقة السياسية والشخصية بين فرنجية وارسلان أكبر واقوى من أن تتأثر بأي امور تفصيلية، موضحة انّ الوفد لم يطلب من رئيس «المردة» إعلان دعمه مطلب الإحالة الى المجلس العدلي، لكن الاكيد أنّ فرنجية يقف الى جانب الحق اينما كان، وبالتالي يعرف ما الذي يجب أن يفعله.

 

وتلفت الاوساط، الى انّ فرنجية حريص على أمن الجبل واستقراره، «والثقة المتبادلة بينه وبين ارسلان لا تسمح حتى بمجرد الاستفسار منه عن موقعه أو موقفه مما جرى».