جاءت تسمية جبران باسيل رئيساً للتيار الوطني الحر، بالشكل الذي حصل ومن دون خوض الانتخابات كما حضّر لها العونيون، وانتظار اختيار الجنرال لنائبي الرئيس، كخطوة ناقصة في مسار الديمقراطية وكوصمة عار للتيار الذي رفع شعار الإصلاح والتغيير.
فلا الإصلاح جرى حيث بقيت السلطة ضمن البيت الواحد مندرجة تحت بند التوريث السياسي، ولم يبق للتغيير مساحة حتى يفرد الشباب جناحيه ويحلق بأحلامه نحو غد أفضل ينسجم مع الديمقراطية التي ناضل طويلاً لأجلها ويحاكي طموح كوادر استوفت شروط الريادة بنضج وانفتاح بعيداً عن الاستفزاز والكيدية والاستباحة المفضوحة للمقومات الحزبية والوطنية على حدّ سواء، وكأنها حقوق مكتسبة.
لربما كانت تسمية جبران باسيل لرئاسة التيار شأن حزبي داخلي صرف، إلا أنه يعكس رؤية الجنرال للسياسة عامة وأسلوبه في مواجهة الاستحقاقات الغير مضمونة.. فتماماً كما تعطلت الانتخابات الرئاسية بسبب وجود المنافس ومناداته للاحتكام للأصوات، وهو أمر غير مضمون، تعطلت الانتخابات داخل الحزب منعاً للمجرى الطبيعي للديمقراطية بما أنه غير مضمون النتائج أيضاً.
وكما وافق الجنرال على تمديد مجلس النواب لنفسه وفرض صهره في أكثر من وزارة خدماتية سيادية تحت تهديد تطيير الوزارة، جاء الوزير باسيل لرئاسة التيار وكأنه السيناريو التوافقي الوحيد ولا حل آخر لحفظ وحدة الصف داخل التيار!
إنها سياسة فرض الإرادة على الآخر تحت التهديد الدائم بالويل والثبور التي قضت على ما تبقى من مقومات الديمقراطية في لبنان، وحوّلت الممارسة الانتخابية إلى بازار سياسي لعقد الصفقات تحت شعار التوافق الزائف.
إن إحباط فريق في التيار العوني اليوم يعكس حالة الإحباط العامة التي يُعاني منها شباب لبنان بسبب فشل الطبقة السياسية في تحقيق أحلام الحرية والديمقراطية، بل فشلها الذريع في الحفاظ على الحد الأدنى من مقومات الوطن بسلطاته الثلاث، والحد الأدنى من العيش الكريم، فإذا باللبنانيين يغرقون بالظلام والجفاف وروائح النفايات إضافة إلى أزمة اقتصادية خانقة لا بوادر لحلها في الأفق القريب.
إذا كانت رئاسة التيار الوطني الحر تعكس السيناريو المطروح لرئاسة الجمهورية اللبنانية أو حتى طريقة إخراجه، فليبقَ الفراغ سيّد الكرسي الأول أسلم بكثير من رميه إلى التهلكة تحت وطأة التهديد إلى أن تبلغ الطبقة السياسية النضج الكافي للاحتكام إلى الديمقراطية المتحضرة!