لم نُفاجأ بالثرثرة على الرحلة التي قام بها فخامة الرئيس ميشال عون الى المملكة العربية السعودية وهي، كما هو معروف، الزيارة الأولى التي يقوم بها الرئيس عون الى أخيه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود.
البعض يسأل: لماذا ذهب الرئيس الى السعودية وقطر ولم يذهب الى الإمارات والكويت والبحرين؟
والبعض الآخر: لماذا الزيارة الأولى للسعودية؟
والبعض الثالث: لماذا لم يصطحب معه رئيس الحكومة؟
وسواه يسأل: لماذا لم يصطحب معه حاكم مصرف لبنان؟
والبعض: لماذا لم يصطحب معه وفداً إقتصادياً؟
والبعض الآخر: لماذا لم يصطحب معه وفداً إعلامياً كبيراً؟
كلام بكلام… وهذه التساؤلات ذكرتني بقصة «جحا والحمار» التي تقول إنّه توفي صديق لجحا في قرية مجاورة لقريته فقرّر أن يقوم بواجب العزاء، فاصطحب معه ابنه لكي يعتاد على «الواجبات»، وبينما هما يمتطيان الحمار صادفا في الطريق صديقاً سلّم على جحا وقال له: يا جحا مش حرام أنت وابنك تثقلان على هذا الحمار الصغير؟ فما كان من جحا إلاّ أن ترجّل تاركاً ابنه على ظهر الحمار… وبعد مسافة قصيرة صادف صديقاً ثانياً قال له: يا جحا أنت مسنّ وابنك شاب يستطيع أن يواصل السير وأنت تمتطي الحمار.
وهكذا كان، ترجّل الابن وركب جحا، فصادف بعد مسافة أخرى صديقاً ثالثاً قال لجحا مش حرام ابنك الفتى يمشي وأنت على ظهر الحمار؟ فنزل جحا وابنه وسارا وراء الحمار، وبعد مسافة صادفا صديقاً رابعاً قال لجحا: لشو الحمار وأنت وابنك تسيران على الأقدام؟ أليْس الحمار لكي ينقلكما من مكان الى مكان؟!. فما كان منهما إلاّ أن جاءا بعارضة خشبية أوثقا الحمار عليها وحملاه… فهزأ منهما جميع من رآهما.
خلاصة هذه الاسطورة أنه مهما فعل الانسان فلن ينجو من الانتقادات.
ونعود الى زيارة الرئيس عون الأولى وهي باختصار رسالة من فخامته بأنه رئيس اللبنانيين كلهم، وليس رئيساً لفريق دون الآخر، هذا أولاً.
إنّ رئيس الجمهورية ليس مع فريق ضد فريق، وأنّ لبنان لا يمكن إلاّ أن يكون عربياً كما جاء في مقدمة الدستور وأنّ العلاقات مع أشقائه العرب هي أساسية وليس هناك أي مصلحة ليكون لبنان طرفاً مع فريق ضد فريق آخر.
كذلك فإنّ الرئيس يعلم جيداً أنّ مصلحة اللبنانيين هي بقيام أفضل العلاقات مع الدول العربية خصوصاً أنّه يوجد أكثر من 500 ألف مواطن لبناني في المملكة وأكثر من 300 ألف مواطن لبناني في سائر دول الخليج العربي والتحويلات التي يرسلونها الى لبنان أكثر من خمسة مليارات دولار سنوياً، وللعلم فإنّ ما يساعد على صمود لبنان واللبنانيين إقتصادياً هو تحويلات اللبنانيين العاملين في السعودية والخليج… وعلينا ألاّ ننسى اللبنانيين العاملين في أفريقيا.
كلمة أخيرة، زيارة قطر كانت مخصصة لطلب مساعدتها على إنهاء ملف العسكريين المخطوفين وكذلك في ملف المطرانين السوريين والإعلامي اللبناني سمير كسّاب.
عوني الكعكي