Site icon IMLebanon

عون.. «رئيس على مين»؟

في العام 2008، عرقل «حزب الله« الانتخابات الرئاسية لشهور طويلة، علّه ينجح في فرض رئيس من قُماشة «الرئيس المقاوم» إميل لحود. فحزب الله وحلفاؤه الإقليميون لا يرتاحون إلّا مع أناس يعشقون الكرسي ويفعلون كل شي لأجلها. فمن يملك اليوم هذه المواصفات على الساحة اللبنانية؟ 

منذ عودته من منفاه الباريسي عام 2005 وحتى اليوم، لم يثبت الجنرال مرة واحدة أنه يمكن أن يكون رئيساً «توفيقياً»، كما سوّق لنفسه لشهور طويلة. كيف يمكن لمرشّح ذهب في خياراته السياسية حتى النهاية الى جانب حزب الله ومحوره الإقليمي ان يكون «توفيقياً» بين اللبنانيين؟ كيف يمكن لمرشّح أخذ طرفاً واضحاً وثابتاً منذ 10 سنوات أن يُوفّق بين مشروعين؟

كيف لرجلٍ، لم تعد أدبيّاته السياسية تُدافع عن لبنانية «حزب الله«، بل تجاهر بالرهان على انتصار الإيرانيين على العرب، ليعطوه شيئاً من مظاهر السلطة وفتات كراسيها، ان يكون رئيساً توفيقياً؟ ألم يقل وزير الخارجية جبران باسيل لنظيره الإيراني محمد جواد ظريف، «إنّ إيران هي المدافع الأوّل عن حقوق الأقليات في الشرق الأوسط»؟ لا بأس إن كان «الصهر» نسي أو تناسى ان السلطات الإيرانية جلدت مجموعة من المسيحيين في ساحة عامة بتهمة الاجهار في الإفطار، فثمن الكرسي غال. لكن كيف لمن يقاتل بسيف «الولي الفقيه» ان يكون رئيساً «توفيقياً»؟ كيف لمن يعتبر ان ميليشيا حزب الله، وليس الجيش اللبناني، هي المدافعة عن لبنان وحامية المسيحيين فيه، ان يكون رئيساً توفيقياً؟ كيف لمن يخوّن الفريق الآخر ويتّهمه بالعمالة ويهدر دمه ويهدّده، كما حلفاءه، بالشارع وبـ»7 أيار» جديد، ان يكون رئيساً توفيقياً؟ كيف لمن ساهم بالإطاحة بطاولات الحوار وبإعلان بعبدا وبالاستراتيجية الدفاعية، ودافع عن قتال حزب الله في سوريا والمنطقة، كرمى عيون الولي الفقيه، ان يكون رئيساً توفيقياً؟ كيف لمن وصف فريق من اللبنانيين بـ»داعش» وبـ»قطّاع الطرق» ان يكون رئيساً توفيقياً؟ 

حرّض الجنرال طوال سنوات على طائفةٍ وفريقٍ أسياسيين في لبنان من دون خجل. لا شي يفاجئ في ما تسرّب على لسانه في وثائق ويكيليكس من كلمات نابية ضدهم. ففي فلتات كلامه المعلن وبين سطوره الكثير منها. لكن مشكلة الجنرال ليست طائفية فحسب، بل في هذا الفجع الى السلطة الذي يجعل منه كتلة تحريض متنقّلة. فكيف يمكن ان يكون «توفيقياً»؟ كيف لجنرال يتّهم فريقاً من اللبنانيين بالعمل على «كسره»، في وقت يُعتبر فيه هو وتكتّله من رموز السلطتين التنفيذية والتشريعية، ان يكون رئيساً توفيقياً؟

هذا ليس كلّ شيء. فلم يحدث في تاريخ لبنان أن حشد زعيم سياسي انصاره لفرض اسم صهره وتابعه السياسي قائداً للمؤسسة الوحيدة الباقية لضمان التنوّع. أي جريمة بحق المؤسّسة العسكرية ان يسعى سياسي لديه هذا الشبق الى السلطة لإدخالها في ميراث العائلة، ولو كان الثمن تسليم البلد للولي الفقيه؟ قسّم «الجنرال» الشارع اللبناني بين ضابط يريده محور الممانعة، وأي ضابط اخر يُبعد الكأس المرة عن بقية اللبنانيين الخائفين من سلاح الميليشيا. اي احباط ينتظر فئة من اللبنانيين حين يصبح قائد الجيش والميليشيا في ضفة واحدة؟ وكأنّ بِمَن يُركّب هذه الصيغة يقول للّبنانيين:» لا أمل لكم بعد اليوم، اذهبوا الى التطرّف لنتاجر أكثر في قضيّتكم دولياً«!

اعتمد اللبنانيون طريقة واحدة في حل نزاعاتهم المتعددة عبر التاريخ. التسوية بين القوى اللبنانية المتناقضة باتت من مسلمات الحياة السياسية للّبنانيين. والتسوية يعني الذهاب الى الأمور الوسط التي يلتقي حولها المتنازعون. اين ميشال عون من الحالة الوسطية في النزاع اللبناني اليوم؟ أي عاقل يتوقّع بأن يقبل جزء من اللبنانيين برئيس جديد من خامة إميل لحود، مع فارق بسيط، وهو في ان يكون رئيس الوصاية الايرانية وليس السورية.