IMLebanon

عون يعيد تثبيت «قواعد الاشتباك» الرئاسي؟

عندما يبوح جعجع: «نيّال الجنرال..»

عون يعيد تثبيت «قواعد الاشتباك» الرئاسي؟

مع تلاشي مفعول «الصدمة الباريسية» التي كان يُفترض بها اختصار الطريق امام زعيم تيار «المردة» سليمان فرنجية الى قصر بعبدا، ومع تعذر انتخاب رئيس الجمهورية في جلسة 16 كانون الاول الحالي.. تكون مبادرة الرئيس سعد الحريري قد خسرت إمكانية تحقيق الانتخاب بـ «الضربة القاضية» والمباغتة، وبالتالي بات عليها ان تسعى الى تحقيق الفوز بـ «النقاط»، مع ما يتطلبه ذلك من استدانة للوقت بـ«فوائد مرتفعة».. وجهد غير مضمون النتائج.

وبرغم الزخم الاقليمي ـ الدولي الممنوح لمشروع التسوية، إلا انه ثبت ان الداخل اللبناني، وعلى هشاشة تركيبته وتعدد ولاءاته، لا يزال يملك «الثلث المعطل» القادر على إبطاء او عرقلة القرار الخارجي، ما لم يكن مسبقا او مرفقا بتخمير جيد لـ «البيئة المحلية»، لا سيما إذا كانت التقاطعات الخارجية رخوة أصلا، وتسمح بالتالي للمتضررين منها بهامش من المناورة والالتفاف.

وإذا كانت واشنطن وباريس والرياض قد شكلت «رافعة» و «حاضنة» لمبادرة الحريري، فان هناك في المقابل من يطرح أسئلة حول حقيقية الموقفين الايراني والسوري منها، على الرغم من ان المرشح الذي طرحه المحور الآخر هو حليفهما سليمان فرنجية.

وما يعزز تساؤلات البعض حيال حسابات طهران ودمشق هو «الصمت الناطق» لشريكهما الاستراتيجي في محور المقاومة والممانعة، «حزب الله»، الذي يُخفي خلف سكونه استمرار تمسكه بترشيح الجنرال، ما لم يعلن هو عن انسحابه من السباق الرئاسي، مع حرص الحزب وعمقه الاقليمي على حماية العلاقة المتجذرة التي تربطهم بفرنجية.

وربطا بسلوك الحزب وطريقة تعاطيه مع مبادرة الحريري، يُنسب الى رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع قوله لبعض زواره: يجب الإقرار بأن «حزب الله» وفيّ الى أقصى الحدود لحليفه ميشال عون.. «نيال الجنرال..».

ولعل عون وجعجع يستطيعان في هذه الايام ان يتنفسا الصعداء، بعدما تمكنا من احتواء اندفاعة لقاء باريس، والانتقال التدريجي من الدفاع الى الهجوم.

وبهذا المعنى، يشعر المتحمسون لعون انه استطاع، بتحالفه مع «حزب الله» وتفاهمه مع «القوات اللبنانية»، ان ينتزع المبادرة التي افلتت منه لبعض الوقت، وان يعيد تثبيت قواعد الاشتباك الرئاسي، بعد محاولة تعديلها من طرف واحد.

يعتقد عون اليوم انه نجح في تعطيل الانقلاب على أولوية ترشيحه المستمدة من حجمه التمثيلي للمسيحيين، وتمكن من وقف «زحف» المبادرة الحريرية التي فقدت اندفاعتها الاولى، بعدما تعثرت في الرابية التي يسعى الجنرال الى تكريسها «عاصمة» للاستحقاق الرئاسي. لكن عون يبدو مهتما في الوقت ذاته بالسعي الى إقناع فرنجية بان يكون شريكا في معركة تصويب الاولويات، وفق ترتيب الرابية لها، وليس خصما رئاسيا له.

يفترض عون ان التدخل العسكري الروسي في سوريا يشكل نقطة تحول استراتيجي في المعادلة الاقليمية ـ الدولية التي تشكل ناخبا اساسيا في الاستحقاق الرئاسي اللبناني. وانطلاقا من هذه المقاربة، يظن الجنرال ان وهج التبدل الحاصل في موازين القوى، على حساب المحور السعودي وحلفائه اللبنانيين، سينعكس آجلا أم عاجلا على الداخل، وبالتالي فلا ضرورة للاستعجال، ومع بعض الصمود الاضافي يمكن ان يصل الأقوى مسيحيا الى رئاسة الجمهورية تمهيدا لصنع التوازن الداخلي المطلوب، والمحصن بسلة متكاملة.

ويوحي عون ان هناك جانبا مليئا في كوب العرض المقدم من الحريري، لا يجوز تجاهله، ويتمثل في اعتراف رئيس تيار «المستقبل» وحاضنته الاقليمية بان رئيس الجمهورية المقبل لا يمكن ان يكون وسطيا او محايدا، وان الخيار بات محصورا بينه وبين فرنجية، «وهذا إنجاز نوعي ينبغي استكماله عبر المضي في دعم ترشيح عون حتى النهاية السعيدة، إذ إن الجنرال ليس في وارد الانسحاب حاليا لانه ليس مقتنعا بان فرصته باتت معدومة»، كما يؤكد أحد قياديي «التيار الوطني الحر».

.. أما في بنشعي، فإن المقاربة لـ «مبادرة الحريري» تبدو مغايرة على أكثر من صعيد، وإن كان رئيس «المردة» يفضل ألا يبوح بكل مكنوناته، حتى إشعار آخر. ومع ذلك، لا يصعب الاستنتاج ان فرنجية يعتقد ان فرصته الرئاسية أفضل من تلك التي يملكها الجنرال، وان خدمة الخط الاستراتيجي تتطلب التحلي بجرأة تغليب العوامل الموضوعية على فرضيات غير مثبتة.