في كواليس أزمة التمثيل السنّي كثير من الأوراق المطويّة والنيات غير المعلنة، وإذا كان الاصطدام الأول بين الرئيس ميشال عون و”حزب الله” قد فرض نفسَه في واجهة المشهد، ففي الخلفية كلام كثير لا يقال وإن قيل منه فهو يصدر بلسان معتدل، ورغبة مشترَكة بعدم الوصول بالمشكلة الى مرتبة الأزمة.
بعد أيام على بروز ازمة التمثيل السني واعتكاف الرئيس سعد الحريري والمواقف الواضحة التي أعلنها عون تجاه موقف “حزب الله” من هذا التمثيل لا يبدو أنّ أيَّ طرف قد تراجع، لا بل على العكس أصبحت المواقف المعلنة عنواناً لعقدة تجاوزت كل العقد.
وتقول أوساط في “التيار الوطني الحر” لـ”الجمهورية” إنّ ما من شيء قد تغيّر في شأن موقف عون من التمثيل السني، فهو لا يزال يعتبر أنّ هؤلاء النواب لا يشكلون كتلة واحدة، وبالتالي لا يحق لهم أن يتمثلوا في الحكومة.
وتشير الاوساط الى مجموعة ثوابت يبني عون على اساسها موقفه، وأهمها:
ـ أولاً: يفصل عون بين العلاقة المتينة مع المقاومة وموقف “حزب الله” من توزير النواب السنة الذي أدّى الى تأخير تأليف الحكومة. وتشير الاوساط الى انّ رئيس الجمهورية هو آخر مَن يفرض عليه أيّ أمر واقع، فلا أميركا فرضت عليه ولا السعودية ولا العالم كله، وصحيح انّ العلاقة مع المقاومة هي أكثر من ممتازة، إلّا أنّ فرض معايير غير منطقية في تأليف الحكومة على رئيس الجمهورية مرفوض، وعون بالتالي لن يغيّر موقفه وسيبقى متمسّكاً بأن لا يكون أيُّ مخرج على حساب كتلته وكتلة “التيار الوطني الحر”.
ـ ثانياً: يرفض عون منطق الودائع الوزارية في حصته، ولهذا يرفض أن يعتبر الوزير السني من حصته تابعاً لأيّ جهة أُخرى، وهو يجدّد تمسّكه بتسمية الوزير السني من حصته دون أيّ مشاركة من أحد، ويترك لمَن خلقوا العقدة أن يجدوا حلّاً لها، وهناك حلول كثيرة متاحة إذا أرادوا، ومسألة رفض الوزراء الودائع أبلغت الى المعنيين، والى “حزب الله” تحديداً.
ـ ثالثاً: تستغرب أوساط “التيار الوطني الحر” كيف يطرح تمثيل النواب السنّة وهم تابعون لكتل أخرى وفي ذلك خطأ في الحساب، فكيف يحق لكتلة “المردة” أن تأخذ وزيرين (إذا كان المطروح توزير جهاد الصمد). وتكشف أنّ عون يعتبر أنه في حال اعتمدت هذه الصيغة فيجب اعادة النظر في حصة “المردة” التي قدّمت نفسها على انها كتلة من اكثر من أربع نواب لكي تنال وزارة الاشغال، فيما لا يحق لها إلّا بوزارة دولة اذا إحتُسِبَ الصمد من كتلة أُخرى، ولا يحق لها بالطبع أن تنال أكبر حقيبة خدماتية في الحصة المسيحية.
ـ رابعاً: تستغرب الاوساط ايضاً قيام النواب السنة المطروح توزير احدهم بهجوم عشوائي على “التيار الوطني الحر” ورئيسه جبران باسيل، والمقصود هجوم النائب جهاد الصمد الذي ارتكب الخطأ عينه الذي ارتكبته “القوات اللبنانية” حين رفعت سقفَ هجومها على التيار، فإذا بالنتائج تتكلم عن نفسها.
وتشير الاوساط الى أنه في حال كان كلام الصمد من رأسه فهذا يستوجب توضيحاً، اما إذا اوحى بأنّ هذا الموقف مرضي عنه لدى “حزب الله” فهذا يستوجب توضيحاً ايضاً، لأنّ هذا الهجوم استهدف المكان الخطأ، إذ في إمكان مَن يريد توزير هؤلاء النواب أن يعطيهم من حصته، وأن لا يمسّ حصة رئيس الجمهورية و”التيار” التي هي عشرة وزراء لا أكثر.
كذلك لا يمكن القبول بأن يتمّ تعطيل تأليف الحكومة من أجل مطلب يمكن الاستعاضة عنه بحلول أخرى ترضي هؤلاء النواب، ولا تحمّل “حزب الله” مسؤولية التعطيل.