ينحصر اهتمام قوى الثامن من اذار هذه الايام على تأمين انسحاب رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع من السباق الرئاسي، على امل استجداء كلمة انسحاب مماثلة من رئيس تكتل التغيير والاصلاح العماد المتقاعد ميشال عون، كي يتم الالتقاء على مرشح تفاهمي للرئاسة الاولى، وهو كلام حق يراد به باطل لان الاخير قد ادرك ان لا مجال امامه لان يصل الى قصر بعبدا طالما بقي في الميدان «حديدان 14 اذار» الذي لا مجال امام القوى المؤيدة له للتفاهم على غيره اولا لانه جدي ورصين ويعرف المطلوب منه، وثانيا لانه قد ادرك منذ اللحظة الاولى ان لا مجال امامه ليناور قياسا على ما هو مرجو منه؟!
فكل اخبار 8 اذار قد ركزت على ان اللقاء التشاوري بين الرئيس سعد الحريري والبطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، على ان القطبين قد بحثا في اسماء توافقية، من الواجب ان يبدأ التركيز فيها على شرط انسحاب جعجع، فيما لم يقل اي خبر ان المطلوب من عون الاعلان عن صرف نظره عن الرئاسة كي تستقيم امور البحث عمن يصلح لان يكون رئيسا عتيدا وفي الحالين وجد هؤلاء المنقبون عن حل رئاسي ان العقدة تكمن عند رئيس القوات في ما العكس هو الصحيح «لان جعجع سبق له ان اعلن بصريح العبارة انه غير متمسك بترشحه»، شرط ان يكون هناك مرشح ثالث او رابع من غيره وغير عون ليستقيم الميزان!
والذين كانوا يقولون ان ترشح جعجع لا بد وان يقطع الطريق على عون معهم حق، كذلك فان عون كان يقول ضمنا ما يراه المراقبون من ان جعجع يقطع الطريق عليه وغير الطريق في وقت واحد، طالما ان الرجل يتصرف وكأنه يريد الشيء وعكسه اي انه يسعى الى الرئاسة من غير ان يكون منافسا جديا لسمير جعجع وهذا بدوره من الامور المفهومة في السوق السياسية، حيث قال احد المرشحين المحتملين ان على الذي يتطلع الى الرئاسة الاولى ان يتحدث بصراحة عن مسعاه بمستوى ما قاله جعجع يوم اطلق ترشحه مقرونا ببرنامج عمل واضح المعطيات والمعالم والاهداف، اما عون فقد رشحه الغير على امل ان يصل الى قصر بعبدا بالواسطة ليس الا (…)
ومن الان الى حين ظهور ما يفهم منه ان عون قد طلق الرئاسة عليه ان يدرك انه مطالب باعلان موقف قبل ان يطلب من جعجع بالواسطة ان ينسحب لان هناك خشية من ان يبقى في الميدان ورقة منافسة من غير ان تكون له كلمة حق يقصد منها الباطل قياسا على تجارب سابقة، لاسيما ان بعضهم يتحدث عن امكان وصول عون الى الرئاسة بعد الانتخابات النيابية التي يرجح البعض على ان تجري في ايامه، ليس نكاية به، بل لتذكيره بان قطار الرئاسة قد فاته، بعدما تبين للقاصي والداني انه لم يحسن قراءة التطورات ولا هو احسن كيف يمكن الوصول الى الهدف بطريقة لا لبس فيها (…) ولا جعجع ايضا!
المهم في نظر خصوم عون انهم ربحوا معركة ابطال مفعوله السياسي كما نجح جعجع في ترويض مشروع الرئاسة من غير ان يكون ثمة منافس له، سبق له ان تعامل معه بالحديد والنار من غير ان يكتب له النجاح ولا كتب له سوى تغيير خطه السياسي الذي كان يتصور ان بوسع حزب الله وقواه المسلحة ان يضمنا له رئاسة محسوبة بارقام وطنية، وهذا بدوره لم يعرف عون كيف يكتبه بحبر مسيحيته بدليل عدم وجود نائب مسيحي من غير قوى 8 اذار يعطيه صوته الانتخابي والادلة على ذلك اكثر من ان تحصى؟!
هل انتهت حرب عون على جعجع؟ المراقبون يجمعون على ان الرجل في غير وراد المهادنة السياسية على رغم تعهداته السابقة، كما يرى ذلك رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي الزعيم الدرزي وليد جنبلاط عندما يقول انه كان على الجنرال ان يتفاهم مع خصمه جعجع قبل اي طرف سياسي اخر «لان الاوراق التي في حوزته تتعدى الاوراق التي في حوزة قوى 8 اذار مجتمعة، خصوصا ان خصوم عون من الطوائف غير المسيحية لا يملكون سوى ورقة تطيير النصاب بحسب ما اثبتت التجارب والسجالات السياسية التي لا طاقة لعون على احتمالها عندما تتضمن اكثر من وجهة نظر واحدة!
كما يقول جنبلاط في مجالسه الخاصة ان حزب الله حليف عون السياسي القوي لا يريد عون رئيسا والا لمد جسوره باتجاه التكتلات السياسية الاخرى في قوى 14 اذار، اما ان يناضل الحزب ضد جعجع ومن يرى برأيه فمعنى ذلك ان مجالات ابعاد جعجع ليست متوفرة الا في حال كانت الغاية ابعاد رئيس القوات عن بعبدا وبالتالي منع عون من ان يحمل لقب رئيس «لان طريقة تعاطيه مع التطورات الاقليمية مشكوك في صحتها وفي ما اذا كان بوسع الجنرال مقاربتها من وجهة نظر واحدة مع حزب الله»؟!