Site icon IMLebanon

مخاطرة خيار عون  وطوباوية تحييد لبنان

الرئيس سعد الحريري وضع حدّا لمرحلة من التبصير في فناجين القهوة السياسية باعلان خياره الرئاسي: تأييد ترشيح العماد ميشال عون لرئاسة الجمهورية. لكن مرحلة ما بعد الخيار حافلة بالتبصير والتكهنات والأسئلة والرهانات. بعضها حول مضاعفات الإقدام على مخاطرة سياسية كبرى. وبعضها الآخر حول تفاصيل الاتفاقات أو التفاهمات على تسوية سياسية بكل معنى الكلمة.

ولا مهرب من القراءة في ما هو أبعد من الخطاب الدراماتيكي والدفاع العاطفي والعقلاني معاً عن قرار نابع من الخوف على لبنان وقائم على الأمل بلبنان واللبنانيين. فالكل يعرف وكان ولا يزال منذ عامين ونصف يحذر من أضرار الشغور الرئاسي، ويطالب بضرورة انتخاب رئيس. والكل تخوّف من مخاطر صراعات المحاور على لبنان أمنياً وسياسياً واقتصادياً، ومن عبء النازحين السوريين الهاربين من حرب مدمرة لا أحد يعرف متى تنتهي وكيف. وأبسط سؤال هو: لماذا التأخّر حتى الآن في التسليم بما كان لا بد منه، وان كانت المسؤولية عن ذلك تقع على عاتق أطراف متعدّدة داخلياً وخارجياً.

لكن اللافت، بعد عموميات الوصول في الحوار مع العماد عون الى مكان مشترك اسمه الدولة والنظام، هو الكلام بالتحديد على أمرين يحتلان المرتبة الأولى في هموم اللبنانيين واهتماماتهم: سلاح حزب الله، والتأثر بالأزمة في سوريا. أما السلاح، فان الاشارة اليه جاءت بشكل غير مباشر ومن دون القول انها ضمن اتفاق مع العماد عون، وهي القول: من يريد أن يعطي الدولة فرصة التوازن مع قوى السلاح غير الشرعي يجب ان يضع حدّا للفراغ الرئاسي اليوم قبل الغد. وهذه صيغة حمالة أوجه بالانتقال من كون الدولة هي محتكرة العنف الشرعي حسب ماكس فيبر الى توازن السلاح الشرعي مع السلاح غير الشرعي. فضلاً عن انها تبدو كأنها كلام على سلاح آخر غير سلاح حزب الله الذي صار شرعياً حسب ثلاثية الجيش والشعب والمقاومة.

وأما الحرب في سوريا، فانها تعبير غاب عن الخطاب، إذ ما جرى الاتفاق عليه هو تحييد الدولة بالكامل عن الأزمة في سوريا، لجهة حماية بلدنا منها وعزل دولتنا عنها. ولا أحد يعرف كيف يمكن تطبيق هذه الطوباوية بعد فشل النأي بالنفس وزيادة مشاركة حزب الله في حرب سوريا. وليس قليلاً عدد الجهات الداخلية والخارجية التي تتخوّف من أن نذهب الى أبعد في التأثر بالأزمة والانخراط في الحرب نظراً للتحالفات القائمة والرهان على ربط مستقبل لبنان بالصورة التي تنتهي اليها المعارك التي هي مركز الصراع الجيوسياسي في المنطقة.

والتحديات كبيرة في مرحلة ما بعد الخيار.