يسجل للعماد ميشال عون التزامه فضيلة الصمت بعدما وضع طباعه النارية في الثلاجة الرئاسية كما تقول اوساط في 14 اذار، على امل الفرج بوصوله الى الكرسي الاولى معلقاً آماله على معجزة ما قد يجترحها الرئيس سعد الحريري، الا ان كافة المعطيات تشير الى ان جلسة اليوم الانتخابية لن تنتج رئيساً للجمهورية، فما حطمه عون في مناكفاته السابقة مع الاخرين وخصوصاً شريك شريكه رئيس مجلس النواب نبيه بري يستحيل ترميمه في فترة قصيرة، فبري لا ينسى الطعنة المتمثلة بالطعن بالتمديد للمجلس النيابي من قبل الجنرال الذي يساوم للوصول الى بعبدا عبر «تسوية» كون كل الامور ينطبق عليها مفهوم التسوية في الجمهورية الثانية وفي الاولى ايضاً كون البلد كياناً وكينونة تسوية ارستها الحرب العالمية الاولى في القرن الماضي.
وبالاضافة الى التزام الجنرال الصمت فانه عمد الى احاطته بالغموض تحسباً للمفاجآت كون اخصامه كثرا ومنعاً لكشف ثغرات قد تشكل مقتلاً منه في معركته لافتتاح طريق بعبدا التي نبت العشب واشجار التين البري فيها، فضاعت ملامح الطريق الموصلة الى القصر الجمهوري وفق الاوساط نفسها، وربما غموض الجنرال في هذه المراحل قاسم مشترك يجمعه مع الرئيس سعد الحريري العائد لتحريك المياه الراكدة في المستنقع الرئاسي فكما احيط غياب رئيس «تيار المستقبل» بالغموض من حيث الاسباب والحيثيات، فان عودته الى الحلبة السياسية يكتنفها غموض اكبر في وقت علقت الرابية الآمال الكبرى عليها وبلغ التفاؤل لديها درجة ان الحريري قرر السير بعون رئىساً للجمهورية علماً أن الحريري بدأ حركته من بنشعي حيث يرابض مرشحه الرئاسي النائب سليمان فرنجية المصر اكثر من اي وقت مضى بترشيحه الى النهاية طالما بقي نائب واحد الى جانبه، وقد زاد لقاء الرجلين من الغموض حيث لم يفرز خيط ابيض او اسود يشير الى تخلي الحريري عن مبادرته بترشيح فرنجية.
وتضيف الاوساط ان الآمال البرتقالية المعلقة على عودة الحريري للنزول الى الجلسة ذات الرقم 45 لانتخاب رئىس للجمهورية تعود الى الكلام الذي ورد في صحيفة «عكاظ» السعودية وفحواه «ان الحريري بات جاهزاً للسير بعون رئيساً»، واذا صح هذا الكلام هل يستطيع اقناع كتلته النيابية بهذا الخيار علماً أن معظمهم من الصقور الرافضين وصول الجنرال الى بعبدا وعلى خلفية ان وصوله الى الكرسي الاولى يعني وصول «حزب الله» اليها وما يعنيه الامر على صعيد الاحتقان المذهبي السني ـ الشيعي.
اما العقدة الاهم امام الحريري تضيف الاوساط فتتمثل بموقف رئىس كتلة «المستقبل» النيابية الرئىس فؤاد السنيورة الذي لن يغفر لعون كتاب «الابراء المستحيل» واتهامه ببعثرة 11 مليار دولار ايام حكوماته، اضافة الى ان بيئة «المستقبل» الحزبية والشعبية تعتبر ان اقدام الحريري لو صح ما ورد في «عكاظ» بالسير بعون يشكل ضربة تكسر ظهر «التيار الازرق» «الواقف على الشوار» ولا تنقصه خضات قاتلة لا سيما وان الوزير اشرف ريفي نجح في استقطاب «القواعد الزرق» لتشكيل وقيادة «حالة حريرية» والذي اعلن في آخر اطلالة اعلامية له بما معناه «الحريري انتهى ويجب التفتيش عن حريري آخر»، واذا ما وضعت ردات الفعل لدى التيار الازرق النيابية منها والشعبية، هل يحمل الحريري كلمة سر تسمح له بالسير بعون في ظل الخلاف الحاد بين السعودية وايران، وهو ينتظر ان يحدد له ولي ولي العهد الامير محمد بن سلمان موعداً للقائه؟
وتشير الاوساط ان الطبق الرئاسي لم ينضج بعد وربما ليس في المدى المنظور كما يؤكد رئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي» النائب وليد جنبلاط الذي اوفد الوزير وائل ابو فاعور الى السعودية منذ يومين للاطلاع على توجهات المملكة حيال كافة الملفات وفي طليعتها الاستحقاق الرئاسي وبالاضافة الى موقف جنبلاط، فان جلسة اليوم لانتخاب رئىس ستلتحق بسابقاتها والدليل على ذلك ان النائبين الان عون وسيمون ابي رميا خارج البلاد الاول في لندن والثاني في باريس، في وقت تحترق فيه اعصاب الجنرال المجبر على العض على الجرح والتحضير للشارع متبعاً سياسة «العصا او الجزرة» وفق الاسلوب الاميركي.