التظاهرة البرتقالية في ساحة الشهداء لـ«تصويب الشعارات»
عون يستنفر الشارع برسائل في كل الاتجاهات
إذا كان العماد ميشال عون قد اكتفى في المرتين السابقتين من الحراك البرتقالي ببعض التحمية في الشارع، لتحفيز قواعده وجس نبض خصومه، فان تظاهرة اليوم في ساحة الشهداء تبدو من عيار مختلف، بعدما وصلت التعبئة في داخل صفوف «التيار الوطني الحر» الى حدها الاقصى خلال الايام والساعات الماضية، إضافة الى الاستعانة برموز اعلامية وفنية من المتعاطفين مع الجنرال لمزيد من الاستقطاب.
ويمكن القول ان حوافز عدة تحرك تظاهرة اليوم، من أبرزها:
ـ رغبة عون في إعادة تثبيت التقاليد العريقة لـ«التيار الحر» في الشارع، بعدما دخل الحراك المدني على خط التحركات الشعبية، وكاد يغطي على ما سبقه. وبالتالي فان الجنرال يريد ان يستعيد وهج الحضور في الساحات، ويمسك من جديد بالمبادرة فيها، على قاعدة انه «الأصل» و«البداية».
ـ إصرار عون على استعادة «شعاراته» وترتيب أولوياتها بعدما ازدحمت ساحات الحراك المدني بالطروحات المتفاوتة السقوف التي تبدأ بالنفايات ولا تنتهي بإسقاط النظام، وما بينهما من طموحات وأحلام. هذه المرة، ينزل الجنرال الى الشارع تحت سقف مطلب استراتيجي محدد هو اجراء الانتخابات النيابية على اساس النسبية، وهذا مطلب إصلاحي عابر للطوائف، ويستحق عناء استخدام كل وسائل الضغط المشروعة لتحقيقه، والاهم انه لا يحتمل أي تأويل كما كان يحصل في المرات السابقة، حين اتهم الفريق الآخر عون بانه يستخدم ورقة الارض لانتزاع حقوق عائلية وشخصية، لا حقوق مسيحية، ربطا بسعيه الى تعيين العميد شامل روكز قائدا للجيش.
ـ الرد على كل الذين قللوا من شأن التظاهرتين السابقتين، ووجدوا فيهما إشارة الى تراجع شعبية عون وتقلص قدرته على الحشد في الوسط المسيحي.
ـ تأكيد سلامة جسم «التيار الحر» وتماسكه الداخلي بعد التشويش الذي تعرض له في أعقاب التوافق على انتخاب الوزير جبران باسيل رئيسا له، وصولا الى إظهار هامشية الاعتراضات التي رافقت هذا الانتخاب، علما ان تظاهرة اليوم في ساحة الشهداء ستكون الاولى من نوعها في عهد «الرئيس» باسيل.
ـ تحسين الموقع التفاوضي لعون على طاولة الحوار التي تلتئم بعد أيام في مجلس النواب. وإذا كان الجنرال قد قرر التظاهر قبل ان يحدد الرئيس نبيه بري موعد انطلاق الحوار، فان ذلك لا ينفي ان نجاح عون في حشد عدد كبير من المناصرين والمؤيدين في تظاهرة اليوم سيسمح له بتعزيز أوراقه على طاولة التفاوض وبتفعيل المعركة السياسية التي يخوضها لتصحيح الخلل في قواعد الشراكة.
وترفض مصادر «التيار» ان تضع تحرك اليوم في إطار التنافس على الشارع مع الحراك المدني، لافتة الانتباه الى ان الاعتراض البرتقالي في الساحات هو تقليد قديم، يتجدد عند كل تحد او استحقاق مصيري، بل ان «التيار» وُلد وترعرع تحت سقف النضال على الارض، وبالتالي فان تحركاته في هذه المرحلة هي امتداد لهذا المسار النضالي.
وتشير المصادر الى ان المطلوب الآن تلاقي الساحات وتكاملها، لا تضاربها او تعارضها، مشيرة الى ان تظاهرة ساحة الشهداء تتسع لكل المتطلعين الى التغيير عبر الانتخابات النيابية على اساس قانون عصري وعادل.
وتشدد المصادر على ان أهمية حراك التيار تكمن في انه يدفع نحو «لبننة» الازمة والحل على حد سواء، وفي ذلك رسالة الى الخارج ومن يتلقى تعليماته في الداخل بان المدخل الى الانقاذ يتمثل في الاعتراف بالحقوق الميثاقية للمسيحيين والاستجابة لها.
وتؤكد المصادر رفضها تعميم الفساد وصولا الى التعمية على الفاسدين الحقيقيين، لافتة الانتباه الى انه ليس مقبولا قلب الادوار، ومساواة مَن قَدَّمَ المشاريع الاصلاحية بمن عطلها، ومَن تصدى للارتكابات بمن تورط فيها، لافتة الانتباه الى ان الاتهامات الظالمة التي يحاولون إلصاقها بالتيار لا تستقر على جسمه، بل لا تلبث ان تنزلق وتذهب هباء، لانها مخالفة للحقائق.