IMLebanon

عون ينام على الرئاسة.. بانتظار إلغاء «الفيتو»

موقف «حزب الله» لن يتأخر.. والحريري يستعجل العودة

عون ينام على الرئاسة.. بانتظار إلغاء «الفيتو»

انتشر الشلل في أطراف السلطة اللبنانية. لا أحد منها قادر على اختراق «الفوضى» التي أحدثها سعد الحريري وسمير جعجع بكسرهما الخطين المتوازيين اللذين صمدا لأكثر من عشر سنوات بين «8 و14 آذار».

الآن صار يمكن رسم خطوط عديدة متفرعة منهما وتشكّل أكثر من نقطة التقاء بينهما. لكن بعد عشرة أيام على لقاء معراب، لم تنجلِ الصورة بعد، ولم تُكسر الاصطفافات القديمة، وإن تصدّعت: العدو التاريخي لعون صار معه حتى النهاية، و «حليف الحليف» أعلن، وقت الجد، أنه ليس معه، بعدما كان يؤيده. «المستقبل» تخلى عن ترشيح حليفه من دون أن يعلمه، ثم سارع إلى ترشيح خصمه فرنجية. والأخير لم يعد خلف الجنرال كما ردد دائماً، بل صار يستغرب أن يطلب منه تنفيذ وعده، وهو يملك 70 صوتاً مقابل 40. وللمناسبة، يشبّه مصدر نيابي حصة فرنجية من الأصوات النيابية بالأسهم التي يبقى المستثمر يتابع أسعارها انخفاضاً وصعوداً، معتقداً بأنها أموال في جيبه، فيما الواقع الاقتصادي يشير إلى أن الأسهم تبقى مجرد أرقام بلا قيمة إلى حين تسييلها.

ماذا أنتجت كل هذه الخطوط المتشابكة؟ صار من الصعب رؤية الخطين المتوازيين، ومن الصعب تمييز نقاط الالتقاء. باختصار، صار الناظر إلى المشهد من بعيد غير قادر على رؤية أي شيء عدا دائرة مغلقة تضم داخلها كل الطيف السياسي اللبناني.

ماذا عن «حزب الله»؟ هو حتى اليوم متسلح بالصمت متفرج، غير مضطر للدخول في تشعبات مشهد يعرف أنه لن ينجلي قريباً. وهو يبدو واثقاً، كما يقول مصدر في «8 آذار»، أن من يصرخون اليوم لن يؤثروا في مجرى الانتخابات الرئاسية، فيما يملك الصامت ورقة الرئاسة في جيبه. هذا لا يعني أن الصمت سيطول. يتوقع المصدر أن يكون للحزب موقف في الشأن الرئاسي خلال يومين. وهو على الأرجح ستكون وظيفته محصورة بإطفاء شعلة التحليلات، من خلال تأكيد المؤكد الذي لم يتردد في إعلانه حتى بعد ترشيح فرنجية من قبل الحريري. ولكن هذا لا يعني أن مسار الأمور سيتغير. الكل يدرك، و «حزب الله» في الطليعة، أن رياح الرئاسة العاتية لن تستقر في بعبدا، إلا حين تسطع شمس التسويات في المنطقة.

في فترة الانتظار تلك، يستكين عون إلى موقف «الحزب» الثابت، ويسعى فرنجية إلى تثبيت نفسه كمنافس جدي على الرئاسة، إن لم يكن في هذه الدورة ففي التي تلي. لكن وحده الحريري يكاد يفقد صبره، هو الذي لا يملك ترف تضييع الوقت في انتظارات، قد تنعكس، إذا ما طالت، على صورته في لبنان وأعماله في السعودية. ففيما تكاد تُغلق أبواب الاستثمارات في المملكة في وجه «سعودي أوجيه» وغيرها من شركات المقاولات، في إطار تجميع الأوراق السياسية والمالية في يد الرجل الأقوى في الحكم حالياً، على ما يؤكد مصدر متابع، فإن الحريري صار متيقناً أن لا بديل عن العودة إلى لبنان، وبأسرع ما يمكن. ولأنه يعرف أن الطريق إلى رئاسة الحكومة تمر حكماً برئيس من «8 آذار»، فقد ارتمى في أحضان فرنجية، المتحرر من الفيتو السعودي ـ الأميركي. وهو ربما يصر على التمسك بالترشيح لأنه يعتقد أن «الفيتو الذي ساهم سابقاً في وضع حد لترشيح عون ما زال ساري المفعول». فهذان الطرفان، لم يبلعا بعد مساهمة عون في كسر قرار تحجيم «حزب الله» من خلال عزل طائفته، ثم عزله هو في مرحلة لاحقة. وتحديداً، يقول المصدر، إن السعودية لم تنس 13 تشرين ورفض عون السير بـ «الطائف»، وهي لا تزال حتى اليوم تخاف عليه من عون. لكن في المقابل، ومع اقتناعه بأن السعودية تشكل عائقاً في وجه عون، إلا أن المصدر لا يقتنع بأن ذلك يسير على واشنطن أيضاً «لأنه ببساطة لا أجندة أميركية في لبنان سوى من زاوية حماية إسرائيل، وهي زاوية تعرف أن خيوطها أبعد من الرئاسة اللبنانية».

وبهذا المعنى، فقد وجدت السعودية في ترشيح فرنجية مخرجاً لحليفها لإنقاذ نفسه والوصول إلى رئاسة الحكومة، مع تأمين مصالحها في الوقت نفسه، قبل أن تصطدم سفن الحريري برياح «حزب الله» الهادئة، المتأثرة حكماً بعاصفة طهران النووية، وانعكاساتها في سوريا والمنطقة. ولأن محور المقاومة يؤمن بأن النصر سيكون حليفه، فهو يتعامل مع التوتر السعودي على أنه آخر الأوراق، على أن تبدأ بعده مرحلة التنازلات، التي ستقدم، إما تحت ضغط الميدان السوري أو تحت ضغط الأجندة الأميركية ـ الروسية التي تتعارض مع أجندة الرياض.

وإلى ذلك الحين، صار اللبنانيون مقتنعون بأن الرئاسة لم تنضج بعد. أما عون، فينام مطمئناً إلى أن التطورات ستكون لمصلحته، مدركاً أن المعركة ليست على رئاسة الجمهورية وحدها، وأن أولوية «حزب الله» تبقى السلة الكاملة وتحديداً قانون الانتخاب. وحتى اليوم هنالك ثقة أن «الحزب» ليس مضطراً لحث بري وفرنجية على التصويت لعون، أولاً لأنه ليس مستعداً لخلق إشكالات مع حليفيه بسبب أمر لم ينضج بعد، وثانياً لأنه على يقين بأنه عندما توضع المنطقة على سكة الحلول، سيكون الطرفان أول المبادرين إلى تلقفها.