IMLebanon

عون المرشح الاقوى وفرنجية استشعر ان الحسم آت لغير صالحه

بعد صمت يسير، خرج النائب سليمان فرنجيّة من عند الرئيس نبيه برّي بتصريح أكّد فيه مضيّه في معركة الانتخابات حتى نهايتها من دون إملاءات أو تأثيرات من أحد، وقد سمّى الرئيس السوريّ بشّار الأسد وأمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله كمؤثرين في الخيارات الداخليّة. بعضهم نظر إلى هذا الكلام كمعضلة يعسر حلّها وفكّ أحجياتها، وبعضهم الآخر اعتبر بأنّ كلامه متجه إلى منحى جديد من الأزمة على باب طاولة الحوار بحسابات أخرويّة تنتمي بطبيعتها إلى سيلان الأحداث وتدحرج معانيها بالاتجاهات كافة من حلب إلى كلّ المنطقة.

ويأتي تصريحه هذا نظراً لمعرفته الدقيقة بأنّ المرحلة قد تلفظه من مساحتها، سيّما أنّ الأميركيين بصورة مباشرة مع الفرنسيين عاكفون على كسر هذا الحائط السميك وبتر أعمدة الحجب المانعة من تجسيد الاستحقاقات، وبخاصّة الاستحقاق الرئاسيّ. وقد أظهرت بعض الاستطلاعات حرصاً أميركيّاً على إتمام الاستحقاق الرئاسيّ في المدى الفاصل عن انتخاباتهم الرئاسيّة، فيتواكب إتمام الاستحقاق الرئاسيّ وتحقيقه مع حسم الميدان في حلب، ولذلك خرج وزير الداخليّة نهاد المشنوق بتصريحه الأخير قائلاً بأنّ الانتخابات الرئاسيّة ستحصل قبل نهاية السنة، ومعظم الأفرقاء الرئيسيين في لبنان مدركون بأنّ التوقيت ليس بيدهم بل بيد من يحدّد مصير المنطقة بأسرها.

سؤال طرح فور تصريح سليمان فرنجية عن أسبابه؟ معلومات أشارت إلى أنّ البطريرك الراعي وخلال زيارة فرنجيّة له طالبه بالانسحاب لصالح العماد ميشال عون لان الرياح لم تعد تميل لصالحه، وقد بات مطروحًا على كلّ الجهات، وبهذه الطريقة يختصر الوقت ويتمّ الاستحقاق، وعلى الرغم من نفيّ المطران بولس صيّاح هذا الكلام، فالمعلومات الواضحة اشارت إلى دقّة هذا الكلام، وهو موحى بدوره من الفاتيكان ومن لقاءات البطريرك مع عدد من سفراء عواصم القرار. فعلى سبيل المثال لقد تمّ نفي اللقاء مرّة بين  البطريرك الراعي والامين العام لحزب الله السيد نصرالله في كنيسة مار يوسف حارة حريك، لكنّ اللقاء حصل، وبإمكان هذا الطرح أن يكون قد طرح من قبل غبطته نظرًا لاستشعاره الإيحاءات والإلهامات بدقّة فائقة.

تقول المعلومات، أنّ فرنجيّة بدوره استشعر بما يتمّ التحضير له، وبخاصّة بعدما قال وليد جنبلاط قولته الشهيرة حول انتخاب العماد عون وصولاً إلى التصريح الأخير لوزير الداخلية نهاد المشنوق، فهبّ نحو الرئيس نبيه برّي ليؤكّد عدم انسحابه فيما برّي مدرك بأنّ التسوية لن تأتي بصديقه فرنجيّة، فالمواقف الأساسيّة محدّدة سلفًا وهو لا يستطيع الخروج من جوّ المقاومة وإرادتها الصلبة القائلة بأنّ العماد عون مرشحها حتى النهاية.

والتصريحات بمعظمها تأتي على ابواب انعقاد طاولة الحوار الثلاثيّة الأيّام، ويصف مسؤول سياسيّ تلك الطاولة بأنّها ستأتي بشيء جديد على الرغم من التكهنات بأنها غير مثمرة وغير مجدية. ويعتبر هذا المسؤول بأنّ لبرّي العتيق في السياسة والذكيّ للغاية، لو لم يشعر بدقّة الأمور واتجاهها نحو الحسم لما كان دعا لهذه الطاولة على مدى ثلاثة أيّام متلاحقة، بل لكان اكتفى بيوم واحد وانتهى الأمر عند هذا الحد كما انتهى في مراحل سابقة عند حدود مبهمة. لم يعد استمرار الحوار هو الهدف، لقد تمّ تخطّي هذا الهدف نحو هدف جديد يتلخّص بوضع حلول تحسم النقاش السياسيّ كما تحسم الفلتان الأمنيّ المقيت سواء في المخيمات الفلسطينيّة أو السوريّة.

النقاش السياسيّ، وبحسب عدد كبير من الأوساط وبإيحاء اميركيّ ضاغط، أظهرته السفيرة الأميركية الجديدة متجه نحو حسم العديد من الخيارات على ما يبدو، وقد كان الكلام الأميركي واضحا حول عدم الإطاحة بالحكومة قبل حسم النقاش السياسيّ وقبل انتخاب الرئيس. وتظهر معلومات بأن الأميركيين يمتازون بعلاقة طيبة مع العماد ميشال عون وطّدها بصورة بليغة القائم بالأعمال السابق السفير ريتشارد جونز، وعلى الرغم من ذلك، فإنّ ثمّة معلومات أشارت الى أنّ الأميركيين يميلون إلى الخيارات بتؤدة وهدوء لضمان بقاء الاستقرار وديمومته، وبعضهم الآخر يعتبر وقبل الانتخابات الرئاسيّة عندهم أن الانتخابات في لبنان ينبغي أن تكون المدخل الصحيح لاستكمال النقاش السياسيّ الإصلاحيّ المطلوب ولكن ضمن سقف الشرعيّة اللبنانيّة الممثّلة بوجود رئيس للجمهوريّة يوقّع المراسيم أو يعيدها، وتقول المصادر بأنّ الضغط الأميركيّ بصورة إجمالية متجه نحو الحسم في هذا الملفّ بصورة جذريّة ونهائيّة.

فرنجيّة وبحسب المعطيات التي امتلكها استشعر بأنّ الحسم آت، حيث انطلقت من تظهير صورة العماد جان قهوجي من جديد على ساحة المعركة، من خلال كلام افاد بأنّ ورقة فرنجيّة قد احترقت استنادا إلى ما طرحه نهاد المشنوق منذ شهرين على الجهة التي قامت بترشيح سليمان فرنجيّة، وعاد المشنوق على الساحة ليؤكّد بأنّ الانتخابات ستحصل قبل آخر السنة. ويقال خلف بعض الأروقة بأنّه وإن تمّ التركيز في دور العماد جان قهوجي كمرشّح للرئاسة لكنّ اسم الرئيس قد تبلور ومعظم المراجع السياسيّة تعرف اسمه بحال تأكّد بانّ الانتخابات ستحصل في الزمن القريب جدًّا والكلام فيها جديّ.

مصادر في التيار الوطنيّ الحرّ أكّدت وبصورة جازمة جهوزيّتها الكاملة لاستقبال مؤسس التيار العماد ميشال عون رئيسا للجمهوريّة. وسؤالها عن المعطيات أجابت لقد حسم النقاش على كلّ المستويات، وأفهم الجميع بأنّ التركيبة الميثاقيّة لن تمرّ إلاّ بعون رئيساً وليس بسواه. فالحريري لن يستطيع تبوّء موقع رئاسة الحكومة إلاّ بوجود ميشال عون رئيساً للجمهوريّة، وتعتبر تلك المصادر بأنّ جنبلاط قال كلمته وحزب الله داعم مثله مثل القوات اللبنانيّة، على الرغم من أن قائدها متجه نحو حسم النقاش حول التمديد للعماد جان قهوجي. وعلى مستوى الدول المعنيّة السعوديون وبحسب المصادر عينها لم يعودوا متشدّدين للغاية تجاه العماد عون، والإيرانيون واضحون في الرؤية والفرنسيون في الزيارة الأخيرة التي قام بها إيرولت للبنان كانوا بدورهم واضحين. وتعتبر تلك المصادر بأنّ طاولة الحوار ستبلور تلك الرؤية أكثر وستحسم كل التباس حول هذا الملف.

ماذا عن موقف نائب وزير الخارجية الروسيّة بوغدانوف المسرّب إلى لبنان، وهل التسريب يأتي بموافقة الحكومة الروسيّة ووزير خارجيّتها لافروف ورئيسها بوتين؟

الموقف الروسيّ إذا ثبتت جديّته، لكون التسريب ليس جديداً بهذا الخصوص، بل قد مورس حتى الآن مرتين وعن عمد، وهو ليس لمصلحة العماد عون بقدر ما يميل لمصلحة العماد جان قهوجي، وتظهر بعض المعلومات بأنّ الروس والأميركيين متفقون على هذه الناحية بالذات. وعلى الرغم من كلّ ذلك لا شيء مؤكّداً حتى الآن، في ظلّ تدحرج لبنان نحو المزيد من الخوف والقلق، في ظلّ التسيّب الأمني والتلاشي الاقتصاديّ، في ظلّ مخاوف تتزايد عن إمكانية استغلال الفرغ بعمليات إرهابيّة نوعيّة وهذا بات واضحًا في أذهان الأجهزة الأمنيّة.

إلى أين؟ الجواب بعد انتهاء جولات الحوار الثلاية الأيام والتي تبدأ غدًا ويؤمل من المتحاورين جوجلة معظم الأفكار ووضعها على الطاولة والبحث بها. فحل الأزمة بكلّ عناوينها ومفاصلها وتفاصيلها الآن خير من تأخرها، فقد تكون المدخل لتسوية شاملة تنطلق من لبنان إلى المدى العربيّ كلّه، هذا هو  الآن وقت مقبول لذلك.