IMLebanon

عون… الرئاسة وإلا «الأرثوذكسي»؟

يتشبّث رئيسُ تكتل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون بترشيحه لرئاسة الجمهورية أكثر من أيّ وقتٍ مضى ويأبى أن يخضع لأيّ إرادة تخالفه خصوصاً في ظلّ ما يروّج القريبون منه بأنّ حظوظه في الفوز أصبحت مرتفعة، والتنازل عن ترشّحه لن يحصل إلّا مقابلَ الوصول إلى اتفاقٍ على القانون الأرثوذكسي الذي لطالما اعتبره القانون الدستوري الوحيد منذ العام 1992.

العلاقات بين «التيار الوطني الحرّ» و«حزب الله» مثل كلّ العلاقات السياسية التي تُبنى عادة على المصالح التي غالباً ما تكون سيّدة المواقف وفي المرتبة الأولى للتعاطي في الشؤون السياسية الداخلية والخارجية، تُعتبر جيّدةً طالما أنّها تخدم المصالح السياسية المشترَكة.

فـ«حزب الله» يتمسّك بترشيح عون لأن لا مصلحة له في التنازل عن ورقة ترشيحه، فيما عون يؤمن بحقّه الكامل في الترشح للإنتخاب الرئاسي، ومقتنع تماماً بفوزه وأنّ حظوظه مرتفعة للوصول إلى سدّة الرئاسة.

ويقول مصدر قريب من عون لـ«الجمهورية» إنّ «مَن يملك حقّ «الفيتو» الدستوري، له حظوظٌ واسعة في الرئاسة، ما يعني أنّ عون له حظوظ لا يملكها بقيةُ الأفرقاء السياسيين، والإحصاءاتُ التي أجراها التيار تؤكّد أنّ نسبة كبيرة من الشريحة المسيحيّة تؤيّده».

ويضيف: «حتى ولو اقترحت إيران التي سبق لها أن أعلنت عدم تدخّلها في الملف الرئاسي اللبناني، إسماً آخرَ للرئاسة، سيتشبّثُ رئيس تكتل «التغيير والإصلاح» بترشيحه ولن يخضع لإرادة إيران لأنّ الاتفاقات معها لن تضمن لنا المسارات السياسية كافّة»، لافتاً إلى أنّ «عون مستعدٌّ للتنحي عن ترشّحه للرئاسة في حالٍ واحدة وهي الوصول إلى اتفاقٍ على القانون الأرثوذكسي الانتخابي، لأنّه بذلك يضمن حقّ المسيحيين، ولا سيما أنّ «اتفاق الطائف» لم يخدمهم ولم يعطِ رئيسَ الجمهورية حقوقه، بل اقتصرت على توقيع المراسيم بدلاً من أن تخوّله اتخاذَ القرارات المصيرية».

ويرى المصدر أنّ الحوار بين «حزب الله» وتيار «المستقبل» لن يؤثر في العلاقات ولا ورقة التفاهم المعلَنة بين «التيار الوطني الحرّ» و»الحزب» في 6 شباط 2006، لأنّ الهدف الأساس من الحوار هو التفاهم على الملفات السياسية ومحاولة ترطيب الأجواء ولتهدئة الخطّ الطائفي – المذهبي. فالحوار لن يؤدّي إلى حرب ولا مؤشرات الى إعطاء ورقة رئاسة الجمهورية إلى تيار «المستقبل»، فالحزب مقتنع بترشيح عون لرئاسة الجمهورية كما سبق له أن صرّح.

ويؤكد المصدر أنّ «تجربة الرئيس الوسطي فشلت، ولا يمكن التعامل مع هذا الأمر باستنسابية، أيْ القبول برئيسٍ وسطي للجمهورية وإغفال هذا الأمر لرئيسَي الحكومة ومجلس النواب»، مشيراً إلى «ما أثبتته حقبة رئيس الجمهورية السابق ميشال سليمان الذي لم يملك كتلة شعبية، أنّ انتخابه كان لعرقلة العونيين بدءاً بتدخّله في شتى الأمور السياسية وصولاً إلى تدخّله في صلاحية تعيين الموظفين من الفئتين الأولى والثانية في الدوائر الرسمية».

ويضيف: «المسيحيون هم وحدهم المخوّلون إنتخاب الرئيس ولا يحقّ لأيّ طائفة أخرى لعِبَ هذا الدّور كما سبق أن فعل رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط عندما سوّق لانتخاب عون طوال سنتين ما دفع عون إلى رفض ترشيح نفسه».

ويرى المصدر أن «لا آمالَ معلّقة على الحوار، ولا خوفَ من تغيير حلفاء عون مواقفهم من التحالف لسببٍ بسيط مفاده أنّ التجارب السابقة لـ»حزب الله» في علاقته مع بعض الافرقاء السياسيين لم تنتج أيّ ضمانات فعالة للحزب مثلما فعل عون»، ويقول إنّ «السفير الكويتي في لبنان عبد العال القناعي كشف أنّ ايران لن تتدخل في الشؤون الداخلية اللبنانية لأنّ تركيبة منطقة الشرق الأوسط، ومن ضمنها لبنان، سبق أن رسمتها الولايات المتحدة الأميركية التي أنجزت كثيراً من الملفات الشرق أوسطيّة بدءاً بتلك المتعلّقة بباكستان وأفغانستان وصولاً إلى الملف العراقي الذي وافقت عليه إيران والتي بناءً على طلبها استقبل الرئيس السوري بشار الأسد، رئيس مجلس الوزراء نوري المالكي».

‏ويضيف: «تجربة العونيين مع فرنسا فاشلة جدّا لأنّها ترفض عون رئيساً، وهذا الفشل امتدّ إلى عجزها عن اقتراح إسمٍ للرئاسة من بين الأسماء المحسوبة على 14 آذار، مكتفية باقتراحها أسماءَ وسطية، في حين أنّ إيران تبدو أكثرَ تجاوباً مع فكرة الحوار بين الأفرقاء السياسيين، ولا تريد التدخل في هذا الملف حفاظاً على خصوصية السياسة الداخلية،

ولذلك هي مستعدّة لقبول أيّ قرار يتخذه السياسيون اللبنانيون»، مشيراً إلى «تأكيد السفير الايراني السابق في لبنان غضنفر ركن أبادي خلالَ عشاءٍ للسفارة الايرانية في آذار 2014، في حضور أعضاء من «التيار الوطني الحرّ» وغياب الأحزاب الأخرى وهم: وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل والنائبان حكمت ديب وناجي غاريوس وغيرهم من أعضاء التيار، أنّ أيّ موقف يتخذه الأفرقاء السياسيون نتيجة لمفاوضات مع الرئيس سعد الحريري في شأن الملف الرئاسي سيكون له كلّ الاحترام لدى الطرفين الشيعيَين».

وإذا كان ثابتاً حتى الآن أنّ عون ليس في وارد التراجع عن ترشيحه لرئاسة الجمهورية أو الإنتقال من مرحلة المرشح الأوحد إلى صانع الرؤساء بدليل ما سُرِّب بعد اللقاءات الديبلوماسية التي عقدها مع الموفدَين الفرسي والروسي من أنّ الرئيس الفرنسى فرنسوا هولاند لوْ طلب منه شخصياً التراجع عن ترشيحه، وحتى رئيس الولايات المتحدة باراك أوباما والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، فإنه لن يكرّر تجربته في عام 2008.

ولكن، يبقى السؤال: هل المقايضة بين القانون الأرثوذكسي والتراجع عن الترشح للرئاسة هي مناورة من أجل إظهار أنّ هدفه الأساس هو تحسين التمثيل المسيحي؟

هذه المعادلة مستحيلة نتيجة الرّفض الواسع لمشروع القانون الانتخابي الأرثوذكسي، بحيث إنّ رئيس مجلس النواب نبيه بري رفض حتى إدراج هذا المشروع ضمن القوانين المدرَجة في جدول أعمال مجلس النواب، فضلاً عن إعتراض «المستقبل» والحزب التقدمي الاشتراكي عليه. وبالتالي، هل المقصود طرح معادلة مستحيلة للإبقاء على معادلة «أنا أو لا أحد»؟