Site icon IMLebanon

محاولة عون للإستقواء بـ«حقوق المسيحيين» لا تخفي أنه كان الأكثر إساءة إليها بممارساته

محاولة عون للإستقواء بـ«حقوق المسيحيين» لا تخفي أنه كان الأكثر إساءة إليها بممارساته

إنغماسه المتواصل بالتحالف مع طهران والأسد يقلّص حظوظه بالرئاسة الأولى

يحاول زعيم «التيار العوني» إستحضار «إنجازات» وهمية لنفسه ولوزرائه الذين تولوا المسؤولية في السنوات الماضية…

يستند زعيم «التيار العوني» النائب ميشال عون في مواقفه وخطبه المتواصلة أمام «الحشود» العونية الضامرة من على شرفة الرابية هذه المرة وليس من على شرفة قصر بعبدا كما كان يفعل نهاية ثمانينات القرن الماضي مع فارق في الظروف والمناسبة، إلى حقوق المسيحيين لفرض ترشيحه دون منازع لانتخابات رئاسة الجمهورية، أو في تعطيل اجتماعات مجلس الوزراء لانتزاع تعيين صهره العميد شامل موزايا لمنصب قائد الجيش دون أي ضابط ماروني آخر مرشّح لتولي هذا المنصب، وبذلك أعطى انطباعاً وكأن تحقيق حقوق المسيحيين يتأمّن من خلال وصول جميع أفراد عائلته إلى سدة السلطة ومراكز المسؤولية، بدءاً من وصوله شخصياً لرئاسة الجمهورية وتثبيت صهره الخاسر في الانتخابات النيابية لمرتين متتاليتين في إحدى الوزارات السيادية أو التي تبيض ذهباً كوزارة الطاقة والنفط وأخيراً فرض صهره العميد موزايا في منصب قائد الجيش الجديد في حين أن وصول أي مسيحي آخر من خارج هذه التركيبة العائلية يبقي هذه الحقوق منتقصة ويصوّر المسيحيين وكأنهم مغبونون ومحرومون من حقوقهم.

وللمفارقة فإن تصرفات النائب ميشال عون وممارساته اللاشرعية في سبيل وصوله إلى سدة الرئاسة الأولى أدت إلى شغور منصب الرئاسة لمرتين، الأولى إبّان تسلمه مهمات رئاسة الحكومة المؤقتة بعد انتهاء ولاية الرئيس السابق أمين الجميّل في العام 1988 والثانية في المرحلة الحالية منذ انتهاء ولاية الرئيس السابق ميشال سليمان في ربيع العام 2014، وفي كلتا المرتين كانت لزعيم «التيار العوني» اليد الطولى لإبقاء هذا المنصب الأول في الدولة شاغراً تحت الشعار نفسه وهو الحفاظ على حقوق المسيحيين، بينما الواقع يدحض هذا الشعار والادعاءات ويدل على أن الشغور في هذا المنصب الرئاسي الذي يشغله مسيحي يعود بالضرر على كل اللبنانيين من دون استثناء وعلى الدولة ككل وعلى المسيحيين بوجه الخصوص.

ولا شك أن النائب ميشال عون وقياديي «التيار العوني» الذين يركزون على مسألة حقوق المسيحيين في كل مواقفهم وخطبهم السياسية لتحريك وإثارة مشاعر جمهورهم المحبط من ممارساتهم وسلوكهم السياسي المتردي ولتبرير تعطيل الانتخابات الرئاسية منذ أكثر من عام بالتحالف مع «حزب الله» وتسببهم في تراجع قوة الدولة اللبنانية وسلطتها وهيبتها من جهة وللترويج لترشح عون للرئاسة وصهره لقيادة الجيش من جهة ثانية لم تنفع في شد عصب القاعدة الجماهيرية المتراخية حول الشعارات المطروحة والتي انحصرت بالعائلة العونية دون سواها، والدليل على ذلك ضمور أعداد المتجاوبين وانكفاء العديدين عن المشاركة لعدم قناعتهم بصوابية هذه التحركات والمطالب التي تستبعد كل من لا يمتّ إلى العائلة العونية الضيقة بصلة.

فما يطرحه عون يتعارض كلياً مع الواقع، وللتذكير فممارساته وسلوكياته منذ توليه السلطة في العام 1988 ولدى عودته إلى لبنان في ربيع العام 2005 إبّان استشهاد الرئيس رفيق الحريري، تطول لائحة الاخفاقات والحروب العبثية التي خاضها جنرال الرابية المتقاعد، بدءاً بما سماه بحرب التحرير ضد السوريين وما ألحقته من أضرار بالغة باللبنانيين وكان هدفها الأساس وصول عون لسدة الرئاسة الأولى وحرب الالغاء مع «القوات اللبنانية» التي أدت إلى خراب ودمار كبيرين وهجرة أعداد كبيرة من المسيحيين إلى خارج لبنان وصولاً إلى استدراج القوات السورية لمهاجمة قصر بعبدا عام 1990 وتمكينهم من الدخول إلى وزارة الدفاع الوطني والاستيلاء على كل ملفات وأرشيف الوزارة وقتل العشرات من الضباط والجنود اللبنانيين الذين كانوا يأتمون بأوامر العماد ميشال عون الذي هرب من المواجهة إلى السفارة الفرنسية من دون إبلاغ هؤلاء الضباط عن وقف النار والانكفاء عن المواجهة العسكرية.

الآن يحاول زعيم «التيار العوني» استحضار «إنجازات» وهمية لنفسه ولوزرائه الذين تولوا المسؤولية في السنوات الماضية، ولكن من دون جدوى، فأبرز وزير لديه هو صهره وزير الخارجية الحالي جبران باسيل الذي تولى مهمات وزارة الطاقة والنفط في ثلاث حكومات متعاقبة منذ ربيع العام 2009 وحتى استقالة حكومة الرئيس نجيب ميقاتي السابقة وتولى الاشراف على صرف مئات الماليين أو حتى المليارات من الدولارات لتطوير قطاع الكهرباء واعداً اللبنانيين مراراً بتأمين التيار الكهربائي 24 ساعة يومياً في العام 2014، وصرفت كل هذه المبالغ دون معرفة جدواها ولم تحقق وعود الوزير المذكور وبقيت الكهرباء مقننة حتى يومنا هذا، بل زاد التقنين في مناطق عديدة.

أما سائر الوزراء العونيين الآخرين الذين تولوا مسؤوليات وزارات محددة فحدّث ولا حرج، فكل ممارساتهم إخفاقات بإخفاقات مشهود لها، ووزارة التربية شهدت أسوأ أيامها في عهدة الوزير العوني وتراجع أداؤها بشكل ملفت.

فزعيم «التيار العوني» يحاول قلب الاخفاقات التي طبعت سلوكياته وممارساته السياسية إلى إنجازات وهمية لدعم ترشيحه للرئاسة، في حين أن انغماسه بالاستمرار في التحالف مع نظام الأسد وطهران وتغطيته المتواصلة لارتكابات «حزب الله» في الحرب ضد السوريين أو ترهيب اللبنانيين، لم تحقق له أي تقارب مع الأطراف الأخرى، بل زادت من الهوة القائمة معها وإلى إسقاط كل صفات الانفتاح والتقارب عن المرشح الرئاسي المزعوم وإلى إلحاق مزيد من الضرر بحقوق المسيحيين ومصالحهم بسبب الامعان في إطالة أمد الفراغ الرئاسي حتى اليوم.