Site icon IMLebanon

زوار عون ينقلون عنه: الحريري «آدامي»

ابتسام شديد

ليس صعباً او معقداً معرفة الاسباب التي سرعت ولادة حكومة العهد الاولى بشكل مفاجئ نتيجة ضغوط حصلت وتكثفت في الاربعة والعشرين ساعة السابقة وهي اساساً كانت تستلزم اياماً قليلة لتشكيلها في ظل عدم وجود عقد حكومية مستعصية واستحالات على غرار ما كان يحصل مع الحكومات السابقة، لكن ما هو غير واضح  ومفهوم بالنسبة الى كثيرين هي كيفية قبول سعد الحريري بالتضحية وان تكون «الغلبة» الى حد ما في الوزارة لصقور من فريق 8 آذار هم في خصام معه او في افتراق في الخيارات السياسية يتبؤون وزارات حساسة كالدفاع ووزارة العدل، وما لا يمكن فهمه كما تقول اوساط سياسية هو توسيع الحكومة بهذا الشكل لحكومة عمرها بضعة أشهر، المفارقة الاكبر فيها استحداث وزارات لم يسمع بها اللبنانيون قبلاً الا شعارات على شاكلة «الفساد والتخطيط وحقوق الانسان…»، فهذه الوزارات اطلقت تساؤلات حول مدى جديتها وآلية عملها خصوصاً ان الملفات  الملقاة على كاهلها هي ملفات خطيرة ودقيقة تحتاج سنوات لمعالجتها، فملف النازحين يرهق الدولة اللبنانية وتداعياته خطيرة على المدى البعيد اذا لم يتم استدراكه ومعالجته سريعاً وايجاد الحلول العملية له قبل فوات الآوان والفساد يعشش بالادارات  اللبنانية واستئصاله يستلزم سنوات طويلة.

وعليه تقول الاوساط ان استحداث او خلق وزارات جديدة قد تكون فرضته اطماع القوى السياسية ورغبتها بالدخول والمشاركة في الحكومة إلا ان رئيس الجمهورية ميشال عون بالدرجة الاولى كان السباق في طرح هذه الوزارات وبالتوافق والتنسيق  مع رئيس الحكومة من جهة لاستقطاب الاسماء المطروحة واستيعاب الجميع تقريباً بعدما ضاقت تشكيلة الـ24 ولان الاحداث التي مرت على لبنان والظروف السياسية والاقتصادية والاجتماعية ومتطلبات المرحلة المقبلة مجتمعة تستدعي وزارات تواكب الاصلاح في مسيرة الدولة التي اطلقها رئيس الجمهورية.

وتقول الاوساط ان ملفات النازحين والفساد من اولويات العهد الجديد فوزارة لشؤون النازحين حاجة اساسية وماسة بعدما وصلت اعداد الهاربين من الحرب السورية الى ما يوازي اعداد المواطنين اللبنانيين الذين سيتحولون مع الوقت الى «ضيوف» ربما في بلدهم مع اللاجئين الفلسطينيين والنازحين السوريين، ولعل اختيار وزير المستقبل معين المرعبي لهذه المهمة رغم ادائه السياسي الحاد مع فريق 8 آذار سابقاً لكونه كما تقول الاوساط يعود لكونه كان على تماس  مع هذا الملف الشائك ومنخرطاً بملفات  اغاثة النازحين في عكار والبقاع وله باع طويل في موضوع النازحين، وبالتالي فان هذا الملف من اكثر الملفات خطورة كونه يعتبر قنبلة موقوتة قد تنفجر في اي وقت وتصيب كل المجتمع اللبناني، اما استحداث وزارة لشؤون الفساد التي أوكلت الى الوزير نقولا التويني فيمكن فوراً الشعور ببصمات وايحاءات رئيس الجمهورية لهذه الوزارة فكلمة محاربة الفساد رافقت مسيرة ميشال عون من المنفى الى العودة الى السلطة والفساد معشش في الوزارات وادارات ومؤسسات الدولة اللبنانية من القاعدة الى الهرم.

واذا كانت وزارة دولة لشؤون رئاسة الجمهورية «حق للرئاسة» التي ترغب بادارة ملفاتها وشؤونها وتوكيلها لرفيق درب النضال العوني الوزير في كل محطاته بيار رفول، فان وزارة الدولة لشؤون حقوق الانسان التي اوكلت للوزير الجنبلاطي أيمن شقير على عاتقها «حقوق المواطن طفلاً وامرأة وشيوخاً»، في حين ان وزارة التخطيط التي سبق ان سمع بها اللبنانيون في السبعينات تحت اسم وزارة التصميم فان الوزير ميشال فرعون الذي آلت اليه الوزارة في عملية تناتش الحصص بعدما كان موعوداً بالسياحة مرة اخرى سيكون في وزارة يحتاج اليها التنظيم والتخطيط بعد الفوضى العشوائية التي عرفها لبنان في سنوات الحرب. ولعل وزارة شؤون المرأة تبقى حاجة ماسة واساسية في ظل المشاكل الاجتماعية لكن اسناد الوزارة الى الوزير الأرمني جان أوغاسبيان من حصة تيار المستقبل سبب ضجة حيث كان من المفترض ان تتولى وزيرة الحقيبة المصنفة للنساء وشؤون المرأة.

 هذه الوزارات المستحدثة قد تكون ضرورة خصوصاً انها الحكومة الاولى بعد الطائف التي حصل اتفاق سياسي بين مكوناتها وبين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة على هذا الشكل، فزوار رئيس الجمهورية ينقلون عنه في وصفه للحريري بـ«الآدمي»، ورئيس الحكومة بالتنازلات التي ارساها في مفاوضات تأليف الحكومة لفريق 8 آذار سابقاً ولايصال من كانوا على تماس معه في ملفات المحكمة الدولية والحرب السورية أثبت انه يريد ان يكون «رجل دولة» ويرغب باطلاق وتيرة العمل الحكومي والتعاون الى اقصى الحدود مع العهد الجديد، الا ان هذه الوزارات بالملفات الدقيقة التي تتعلق بها تحتاج الى الكثير من الوقت لتضع خطط عمل وتنفذها عدا ذلك فليس لديها مكاتب او موازنات لتحقق خططاً قد ترسمها في المستقبل يبقى السؤال عن جدواها اذا لم تعط مردوداً فعالاً وتنتج حلولاً للازمات الكبيرة الملقاة على عاتقها.