IMLebanon

عون يزور «الام الحنون» آملا في تفعيل المساعدة العسكرية

 

في زمن الانتصارات والشهادة، يستعد لبنان لاسابيع رئاسية في الخارج بدأت مع زيارة رئيس الحكومة سعد الحريري الى روسيا مرورا بمشاركة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في أعمال الدورة الـ72 للجمعية العامة للأمم المتحدة والقاء كلمة لبنان في 21 الجاري، على ان يعقد لقاءات ويجري اتصالات مع رؤساء وقيادات مشاركة في أعمال الجمعية ويشارك في العشاء الذي يقيمه الرئيس الاميركي دونالد ترامب على شرف رؤساء الوفود، كما يلتقي الأمين العام للأمم المتحدة انطونيو غوتيريس، وصولا الى زيارة رئيس الدولة لباريس، وما قد يطرأ بين كل ذلك.

تبعاً لذلك،وفي موازاة ارتفاع منسوب المخاوف الامنية والتحذيرات الدبلوماسية الى مستويات غير مسبوقة في الساعات الماضية، يتوقع ان تسرق الزيارات الخارجية الانظار نسبيا عن ملفات الداخل التي لا تخلو من المواد السجالية، حيث سيشدد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون بحسب مصادر للزيارة الرئاسية، امام من سيلتقيهم على ان الامن ممسوك، وان الاجهزة المعنية تقوم بواجباتها على افضل وجه، وقد نجحت في اقتلاع الارهاب وتطهير الارض، وهي اليوم تعمل على اجتثاث الخلايا النائمة، وهو ما يتطلب استمرار الدعم والتعاون من قبل الدول الصديقة.

واضافت المصادر ان الرئيس عون سيبلغ المجتمع الدولي ان الحدود اللبنانية السورية باتت تحت سيطرة الجيش اللبناني بالكامل الذي سيحتاج الى مساعدة دولية لاقامة مراكز مراقبة ونقاط محصنة على طول تلك الحدود، كما انه سيثير مسألة الانتهاكات الاسرائيلية المتكررة للقرار 1701، واعتراض لبنان على ان تستخدم اجواءه للاعتداء على اي دولة، كما ان لبنان غير معني بما يقوم به اي طرف خارج الاراضي اللبنانية، والدولة اللبنانية مسؤولة عما يرتكب على اراضيها، وان هناك اجماع لبناني حول تلك النقطة عبر عنها البيان الوزاري للحكومة اللبنانية.

وتكشف المصادر ان مسألة اللاجئين السوريين باتت مرتبطة بشكل اساس بموضوع الخلايا النائمة والبيئات الحاضنة، حيث بات على المجتمع الدولي التحرك الفاعل في اتجاه دعم الحكومة اللبنانية في الخطوات التي تعتزم القيام بها،والضغط في اتجاه تخفيف هذا العبء بما يحمله من مخاطر امنية بالدرجة الاولى لن تبقى دول ما وراء البحار بمنأى عنها، فالمطلوب قبل المساعدات المادية والتعويضات ،ايجاد الخطط اللازمة لاعادة النازحين الى بلادهم او الى مناطق تحددها الامم المتحدة، وهو ما سيثيره الرئيس ايضا خلال زيارته الى موسكو الشهر المقبل.

في هذا الإطار، اكدت مصادر متابعة ان للزيارة الرئاسية المنتظرة الى فرنسا اهمية كبيرة شكلا، حيث سيستقبل الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون نظيره اللبناني العماد ميشال عون وفقا للمراسم المخصصة «لزيارة الدولة»، خصوصا ان عون سيكون الضيف الاول الذي يقوم بزيارة من هذا النوع في العهد الفرنسي الجديد، ومضمونا اذ ان الملفات التي ستبحث بين الرئيسين ستشمل قضايا اقتصادية، فضلا عن الشؤون السياسية الداخلية لجهة تأكيد دور المؤسسات واحترام المهل الدستورية في سياق الإستحقاق الإنتخابي المقبل، إضافة الى الأزمة السورية ووجوب أن يترافق الحل السياسي مع ضمان عودة النازحين السوريين الى بلادهم وتأمين هذه العودة على مراحل بحسب ما يطلبه لبنان،والاهم محاولة «احياء» صفقة السلاح التي كانت وعدت السعودية بتمويلها،خصوصا لجهة بعض الاسلحة الضرورية للمرحلة المقبلة وفي مقدمتها سلاح البحر.

من هنا يعتبر هؤلاء ان زيارة الرئيس عون لـ«الام الحنون» من شأنها ان تؤكد اولا تقدير لبنان للجهود الفرنسية وتقديم الشكر وثانيا اطلاق ورشة تحضير ارضية مؤتمر مجموعة الدعم لانعقاده بعدما حصل الرئيس الحريري على وعد بذلك ، مع علم الجميع بمدى حاجة لبنان الى المؤتمر المرتقب ان يقر تعويضات مادية ومساعدات من الدول المانحة لدعم لبنان في مجال تحمل عبء النزوح السوري وتداعياته على المستويات كافة سياسيا واقتصاديا وماليا واجتماعيا.

وترجح المصادر في ضوء هذا المشهد، ان تنجز الزيارة الشهر المقبل على الارجح، كون بعض المقربين من الرئيس عون يعتبرونها ضرورية وملحة، الى الاعتبارات الآنفة الذكر، يضاف الدور الذي تضطلع به فرنسا في المحافل الدولية وتأثيرها في القرارات المتخذة على هذا المستوى.

وفي السياق، تقول اوساط سياسية ان الخطوط العريضة لسياسة ماكرون الخارجية رسمت وفق اسس ومعايير جديدة ومعادلات واضحة وثابتة، لن تخرج بالتاكيد عن الثوابت الفرنسية تجاه لبنان، والتي يلتزم بها أي رئيس فرنسي، بغض النظر عن توجهه السياسي، حيث سيعمل ماكرون لأن يكون لبلاده دور في حل مشكلات المنطقة بالتنسيق مع الأميركيين، وسيستفيد من قدرة فرنسا على ذلك، من دون أن يكون الأمر على حساب الاهتمام بالقضايا الداخلية. وبالتالي، ليس هناك من توقعات بأن يحصل تغيير كبير في السياسة الخارجية عما كانت عليه أيام الرئيس فرانسوا هولاند.

تبعا لذلك فان ماكرون الذي زار لبنان مرات عدة مبدياً اهتماما بقضاياه السياسية والامنية وواكب الخطوات العملانية لبلاده لمساعدة الجيش في محاربة الارهاب، سيوليه المزيد من العناية من دون استبعاد فرضية عقد اجتماع مجموعة الدعم الدولية للبنان التي انشأها الامين العام للامم المتحدة بان كي مون عام 2013 بحيث، خصوصا ان فرنسا بتوجهاتها الجديدة التي ارساها وصول ماكرون الى الاليزيه وجان ايف لو دريان الى الـ«كي دورسيه» تتفهم حاجة لبنان الملحة للدعم والمساعدة ليتمكن من مواجهة اعباء النزوح السوري الذي يتجاوز المليون ونصف المليون، وهو ما وعد به رئيس الحكومة خلال زيارته الباريسية.

اذا كانت العلاقات اللبنانية – الفرنسية مرت بنوع من الفتور في نهاية ولاية الرئيس فرنسوا هولاند بفعل ما اعتبره البعض انحيازا لمرشح رئاسي لبناني على آخر من خلال اتصال هاتفي اجراه به، ثم عدم زيارته لبنان التزاما بوعد قطعه بالعودة اليه لتهنئة الرئيس المنتخب، فإن انتهاء حقبة هولاند الرئاسية ووصول ايمانويل ماكرون الى الاليزيه بدّل المعادلة «الباردة» وفتح صفحة جديدة في سجل العلاقات التاريخية التي لطالما كانت في افضل حال، على الاقل من وجهة النظر اللبنانية.