Site icon IMLebanon

عون فوجئ بردّ الشارع ففــتح الدفاتر القديمة

 

 

في أقلّ من أسبوعين كانت علاقة الرئيس ميشال عون مع معظم القوى السياسية التي يتشارك معها في السلطة، قد دخلت في أزمة وجود، فقد ذهب الى نيويورك وسط هدوء نسبيّ، ثمّ عاد وسط عواصف صاخبة، كأنّ ما ظهر على السطح كان كامناً وينتظر وصول الأزمة لينفجر دفعة واحدة.

 

تتشارك القوى السياسية، في النظرة الى عهد الرئيس عون، و كلّ على طريقتها تصفه بأنّه اقترب من التعثر الكبير، ومع ذلك فإنّ أياً منها لم يردّ على رئيس الجمهورية وهجومه المضاد، كلّ لأسبابه، وتقرأ أوساط سياسية مطلعة، التوازنات الجديدة التي نتجت من تفجير العهد لهذه العلاقات بالجملة، وفقاً للآتي:

 

أولاً: يضع تيار «المستقبل» الحملة عليه وعلى رئيسه، وتلك التي طالت الرئيس رفيق الحريري، ضمن خانة الاضطراب الحاصل نتيجة الأزمة الاقتصادية، ونتيجة تحميل الشارع جزءاً من المسؤولية للرئيس عون، وهذه المسؤولية، يبدو أنّها فاجأت العهد الذي لم يكن يتوقع أن يكون في واجهة الاتهامات، فقرّر أن يفتش في الدفاتر القديمة وان يستعملها كورقة احتياط جاهزة غبّ الطلب، ويتحرك «المستقبل» في علاقته بالعهد تحت سقف خطوط لن يتجاوزها، فباستثناء الغاء اللقاء بين كوادر «المستقبل» والوزير جبران باسيل، لم يصدر عن الرئيس سعد الحريري أقله في المرحلة الحالية أيّ ردّ فعل، وهو سيبادر كما العادة الى ترميم ما تمّ تخريبه في هذه العلاقة، خصوصاً أنّه يستعدّ لجولة خارجية، لاستكمال المشاورات بشأن مؤتمر «سيدر».

 

ثانياً: في ما يتعلق بـ»القوات اللبنانية» فهي تتخذ الموقف نفسه من الهجمات التي تعرضت لها، وتفضل عدم الرد، بسبب عدم تخطي هذه الهجمات الكلام المباح، وهي لن تهدي من يهاجمها فرصة الاستدراج الى اشتباك، الهدف منه «تضييع الشنكاش»،فالأكثر إحداثاً للضرر هو الهروب الى اشتباك كلامي لا يقدم ولا يؤخر، بل يساهم في التعمية على العجز عن القيام بإصلاحات حقيقية لتفادي الانهيار الاقتصادي، والمقصود هنا أن «القوات» تتجنب الاشتباك، لكي لا تعطي فرصة، كي يحل هذا الاشتباك مكان النقاش الوحيد المقبول:اي كيف يمكن ان ننقذ الوضع الاقتصادي من الفشل والفساد.

 

ثالثاً: في ما يتعلق بالنائب وليد جنبلاط، فلم تكد الحرارة الهزيلة للقائه الرئيس عون في بيت الدين، كما لقاء النائب تيمور جنبلاط الوزير باسيل، تنتعش، حتى عادت علاقة الطرفين الى ما هو أخطر من حادثة قبرشمون، حيث اتهمت الادبيات العونية جنبلاط بأنه شريك في استعادة الوصاية وترويكا الوصاية، وهو اتهام يشبه الى حد بعيد تحميل الرئيس رفيق الحريري مسؤولية الانهيار الاقتصادي.

 

رابعاً: على خط العلاقة مع الرئيس نبيه بري، لا يعود الأمر قابلاً للتأويل، فالرئيس عون يتصرف مع بري باعتباره قائد اوركسترا إضعاف العهد، وقطع الطريق الرئاسية على الوزير جبران باسيل، ويقال في الغرف المغلقة الكثير من الكلام على دور حركة «امل» في التظاهر وقطع الطرقات يوم الاحد الماضي، بشكل يوحي وكأنّ بري هو رئيس «ترويكا» محاربة العهد.

 

ويبقى السؤال: الى اين سيذهب الرئيس عون الذي لم يستثنِ احداً من هجومه المضاد؟ وهل يستطيع عهده بعد 3 سنوات على انتخابه ان يستمرّ، بعد الأزمة الاقتصادية والازمات السياسية التي هزت التسوية؟ وهل ان ما قاله، كان مجرد هجوم سياسي، الهدف منه الالتفاف على اتهام عهده بالتسبب بالأزمة، أم أنه سيتابع هذا الهجوم ما يمكن أن يمسّ بالحكومة ورئيسها، وبما تبقى من التسوية؟ الواضح أن عهد عون دخل في منتصفه الثاني، بمواجهة مع الجميع، لا يملك فيها كما في أزمة قبرشمون، القدرة على قول الكلمة الاخيرة، فالتهديد بالشارع يستدرج شوارع مقابلة، والتلميح بإسقاط الحكومة القرار فيه بيد «حزب الله»، وبعد هذه الجولة من الهجمات المتبادلة، لا يتوقع إلّا العودة الى التسوية بحلّ سياسي يشبه المخرج الذي انهى قضية قبرشمون.