IMLebanon

عون: ليس لدينا شيئاً نخسره أكبر من خسارة كرامتنا

 

حتى الساعة تلتزم بعبدا التهدئة بانتظار جلاء كل ملابسات التصعيد السعودي من الاستقالة الى التهديدات العشوائية واعلان الحرب على لبنان، ويحاول رئيس الجمهورية رفع سلاح النأي بالنفس وتحييد لبنان عن عملية تصفية الحسابات الاقليمية بين الدول ولعبة الأمم، ولكن لبنان تم استدراجه الى تلك اللعبة وزجه في زواريبها، ولكن قريباً تنتهي المهلة الزمنية التي اطلقتها بعبدا والتزم بها رئيس الجمهورية بالقول والفعل حيث لا تزال الشكوك واضحة في بعبدا وعين التينة بان امراً غير اعتيادي حصل مع رئيس الحكومة جعله  مسلوب القرار وان كانت ظروف اعتقاله لا تشبه توقيف الأمراء والمسؤولين السعوديين، وقد لا تكفي هؤلاء اطلالات الحريري ولقاءاته مع رؤساء دول ومسؤولين لدحض تهمة ان رئيس حكومة لبنان لا تمارس عليه الضغوط، وعليه فان رئيس الجمهورية الذي التزم دبلوماسية النعامة محاولاً استيعاب الصدمة والهجوم السعودي المفاجىء على لبنان مكتفياً بتلقي الصفعات الواحدة تلو الأخرى معولاً على اتصالاته الدولية بالسفراء والمسؤولين الملمين بالمفاصل والملف اللبناني قبل المبادرة الى اي خطوة تصعيدية او في غير مكانها الصحيح، لكن ذلك لا يعني في المنطق السياسي الاستسلام طوال الوقت فرئيس الجمهورية وفق مطلعين ومقربين منه على مفترق عدة خيارات في التعاطي مع الموضوع، الرد على الحملة السعودية خصوصاً بان القرا ر السعودي قد اتخذ بالحرب على لبنان وان المملكة لن تتراجع وبالتالي فان «أقل مقتضيات الكرامة والاوطان الرد على هذا التعدي الفاضح» كما يقول بعض من التقوا رئيس الجمهورية مؤخراً، وعليه فان لقاء رئيس الجمهورية بالهيئات الاقتصادية مؤخرا صب في هذا الاطار بعدما تفاجأ الاقتصاديون بعزم الرئيس على التصدي والذهاب الى الخيار بمواجهة المملكة عندما تحين الساعة وكأنه يقول للاقتصاديين  ليس لدينا شيئاً نخسره اكبر من خسارة كرامتنا».

يقول المطلعون على ما تضمره بعبدا « سوف تفاجأون بما يحضره عون ولكن بعد اتضاح الصورة اكثر… فالرئيس الذي لم يخرج من بعبدا إلا بعدما دمر القصر فوق رأسه ورؤوس عائلته وفريقه الامني والسياسي لا يزال الرئيس العنيد نفسه ولو اتت الجيوش السعودية والاسرائيلية مجدداً الى عرض البحر ولو قصفت الضاحية وبيروت». وبالتالي فان ما اعلنه عون من مواقف داعمة للمقاومة لا تراجع عنها تحت اي ظروف او ضغوط فحزب الله جزء اساسي من المكون اللبناني يشارك في الحكم والسلطة ولا يمكن الغاءه بشطبة قلم وقرار سعودي. وعليه فمن ملامح التصعيد العوني ما سمعه القائم بالاعمال السعودي الذي التقى رئيس الجمهورية من كلام عالي اللهجة عندما حاول شرح ظروف وجود رئيس الحكومة وما حصل في المملكة و تبسيط المسائل والطلب الى رئيس الجمهورية ايفاد وزير الخارجية لمقابلة الحريري اذا لزم الامر، وقد تضاربت المعلومات حول تفاصيل لقاء عون بالبخاري فيما مغادرة الاخير بدون التصريح امام الاعلاميين لا يوحي بان الامور بخير.

ومن عناصر القوة لدى بعبدا على فداحة الموقف الاستفزازي السعودي باحتجاز رئيس الحكومة والتهديد بالحرب على لبنان على لسان الوزير السبهان، ان بعبدا تمتلك اوراق تتسلح بها، ومنها ان ما راهنت عليه المملكة من فوضى داخلية وردات فعل وانقسام داخلي جاء في غير محله، فالحريري اصبح «الرجل الأول» او زعيماً اساسياً لدى فريق 8 آذار، يريد عودته الجميع ويمسكون ببقائه في الحكومة، ودار الفتوى تحلق حولها كل الأفرقاء على مختلف مشاربهم وانتماءاتهم رافضين هذا السيناريو الذي خطته السعودية لاخراج الحريري من السلطة، وصقور المستقبل وقيادييه رفضوا «الهبوط الاضطراري لبهاء الحريري محل شقيقه في رئاسة الحكومة، حتى ان وزير الداخلية تجرأ برفع الصوت قائلاً «لسنا غنم ونرفض المبايعة وليست من شيمنا». فقيادات المستقبل لم يعد لديها كما تقول اوساطها «شيئاً تخسره اكثر من خسارة الحريري الذي قاد المركب وانجز التسوية وسط البحر العاصف في المنطقة فانجز تفاهم الرئيسين في بعبدا والسراي تفاهمات معقدة وتم طرد الارهاب الداعشي من الاراضي اللبنانية. وعليه فان القيادات المستقبلية التي تتواصل مع بعبدا تظهر للرئيس ان كشف ملابسات ما يجري مع الحريري في المملكة هو الامر الاساسي وبان احداً من فريق المستقبل لا يريد ان يواكب التصعيد السعودي لا من قريب ولا من بعيد.

وبالتالي فان بعبدا لا تزال على موقفها الرافض للبحث في «حكومة ما بعد سعد»، بعبدا ايضاً لا تزال تصر على التسوية الرئاسية التي لن تسقط بمجرد احتجاز سعد الحريري وممارسة خدع «اخفائه واظهاره» كما يريد من انتج صياغة الفيلم السعودي الاخير، ارتياح بعبدا مرده الى التضامن اللبناني الكامل وغير المسبوق على مبدأ رفض نظرية الاستقالة الطوعية، فرئيس الحكومة كان متمسكاً بالبقاء في السلطة وحريصاً على حكومته وهو تمنى على القوات اللبنانية في اكثر من مرة عدم المبادرة الى الاستقالة عندما هددت القوات بالاستقالة على خلفية خلافاتها مع وزراء التيار الوطني الحر.