لا تزال حملة النظام السعودي عبر وسائل اعلامه وحتى مصادر ديبلوماسية محسوبة عليه، ترتفع احياناً وتتباطأ احياناً اخرى على رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، على خلفية فشل هذا النظام في استيعاب رئيس الجمهورية واحداث تغيير ولو بسيط في مواقفه من موضوع سلاح المقاومة، وحتى من الحل السياسي المطلوب للازمة السورية.
من الواضح ـ بحسب مصدر سياسي مطلع في 8 آذار ـ ان خلفية هذا الامتعاض التي ادت الى اطلاق بعض الاقلام السوداء في الاعلام السعودي حملة غير مسبوقة على الرئىس عون تندرج وفق تسلسل الثوابت التي يؤكد عليها رئىس الجمهورية في كل مناسبة، فهذا النظام اعتقد ان اختيار الرئيس عون للرياض في اول زيارة خارجية له بعد انتخابه رئىساً للجمهورية سيفتح الفريق امام ضغوط آل سعود على مقام الرئاسة لاحداث تغيير في موقف رئىس الجمهورية، في موازاة اطلاق بعض الوعود الكاذبة حول دعم لبنان، ولهذا يلاحظ المصدر استمرار السلوك العدائي لنظام الرياض ضد لبنان ورئيس الجمهورية.
وقد بأت هذه الحملة وهذا الامتعاض السعودي منذ اطلاق الرئيس عون لمواقف مهمة من موضوع المقاومة للتلفزيون المصري بتأكيده ان «سلاح حزب الله اساسي ولا يتناقض مع مشروع الدولة»، فكان ان لجأت السعودية الى جملة خطوات ما تزال مستمرة حتى اليوم وفق الآتي:
1ـ تبخرت او تجمدت في الحد الادنى وعود المسؤولين السعوديين وفي مقدمهم عاهل السعودية عن الاستعداد لارسال سفير جديد الى بيروت ورفع الحظر عن السعوديين لزيارة لبنان واعادة البحث بما يسمى «المساعدة السعودية» لتسليح الجيش التي كان جرى الغاؤها في وقت سابق، وكذلك الاستعداد لتفعيل عمل صندوق التنمية السعودي في لبنان.
2ـ لقد حرك هذا النظام وسائل اعلامه ضد رئيس الجمهورية في اكثر من مرة، وكان آخرها ما كتبته صحيفة «عكاظ» السعودية من اطلاق توصيفات بذيئة ومسيئة للرئيس عون بعد قمة الرياض، ما اضطر الوزير جبران باسيل مؤخراً الى الرد على هذه الحملة بصورة غير مباشرة.
3ـ لقد بدا واضحاً مدى التناغم بين النظام السعودي ورضوخه للمحافظين في الادارة الاميركية، حيث تزامنت هذه الحملة مع اعداد عقوبات جديدة في دوائر القرار الاميركي بدءا من الكونغرس وغيره ضد حزب الله وشخصيات اخرى في لبنان من بينها حركة «امل» وعدد آخر من المسؤولين في الدولة، وحتى قيل ان هذه العقوبات قد تشمل الرئيس عون.
4ـ لقد دفع هذا الحقد من جانب النظام السعودي الى عدم دعوة رئيس الجمهورية الى قمة الرياض مؤخراً، بحيث بدا واضحاص ان هذا الاستبعاد مرده الى امتعاض الرياض من مواقف الرئيس عون بخاصة ما له علاقة بسلاح حزب الله.
في كل الاحوال رفضت اوساط قريبة من قصر بعبدا التعليق على السلوك السعودي تجاه رئاسة الجمهورية والحملة الاعلامية من وسائل اعلامها ضد الرئىس عون، وقالت ان رئيس الجمهورية ثابت في قناعاته وخياراته. وهذا الأمر لم يتغير في السابق ولن يتغير اليوم ولا غداً مبدية ارتياحها للاجماع الوطني حول ما تضمنه بيان قمة الرياض، وتوافق جميع اللبنانيين على منع تحويل لبنان الى ساحة للصراعات في المنطقة.
بدوره يبدي احد نواب 8 آذار ارتياحه لما اعلنه الوزير جبران باسيل خلال عودته الى بيروت بعد مشاركته في قمة الرياض، وتأكيده ان لبنان لم يكن على علم بصدور بيان عن القمة ورأت في هذا الموقف، كلام جريء، وانه اتى بتنسيق مع رئيس الجمهورية. اضاف النائب المذكور انه ليس من السهل ان تعارض ما سعت اليه الرياض من وراء القمة الاخيرة، فهي استطاعت ان تشتري الدعم الاميركي بمئات مليارات الدولارات لكنها لم تستطع شراء سكوت الرئيس عون والوزير باسيل.
ولاحظ ان الموقف اللبناني من قمة الرياض الذي تمثل بموقفي الرئيس عون والوزير باسيل ولاحقاً في اعلان الجميع بما في ذلك تيار المستقبل والحكومة الالتزام بمنع تحويل لبنان الى ساحة للصراعات والتأكيد على الالتزام ببيان القسم والبيان الوزاري، ادى الى اجهاض الكثير مما اريد ان تصل اليه قمة الرياض على مستوى تصعيد وتيرة التوترات في المنطقة.