كلّ المعطيات تشير الى أنّ رئيس الجمهورية العماد ميشال عون «لن يوقّع» مرسوم دعوة الهيئات الناخبة الذي سيوقّعه وزير الداخلية نهاد المشتوق ورئيس الحكومة سعد الحريري على الأرجح.
على الأقل هذا ما رشح عن مصادر «عونيّة» و«قواتيّة» تقاطعت على التأكيد أنّ موقف كلّ من «القوات اللبنانية» و«التيار الوطني الحر» يرفض التضحية بإنتاج قانون جديد للانتخاب على مذبح الالتزام بإجراء الانتخابات في توقيتها.
تُستعاد اليوم مرحلة العام 2005 التي حصلت فيها الانتخابات بعد اغتيال الرئيس رفيق الحريري، وفق معادلة بوركت إقليمياً ودولياً وكان عنوانها «انتخابات الآن»، وهي معادلة يستنسخها تيار «المستقبل» والنائب وليد جنبلاط ويغطيها رئيس مجلس النواب نبيه بري، الذي يؤكد بدوره أنّ الخيار بين إجراء الانتخابات او الفراغ البرلماني يميل الى اجراء الانتخابات بقانون الستين.
ويبقى السؤال: هل يعيد التاريخ نفسه فيقوم عون بخطوة ستعني حلّ مجلس النواب كما في العام 1988؟ وهل ستتحمّل التسوية الوليدة مع الرئيس سعد الحريري الذهاب الى مواجهة؟ وكيف سيبرّر عون الفراغ النيابي الذي سينتج حكماً عن قراره عدم توقيع مرسوم الهيئات الناخبة لإجراء الانتخابات بقانون الستين؟ وماذا عن احتمالات أن يقود هذا الفراغ الى المؤتمر التأسيسي الذي ينتظر على قارعة الطريق؟ وما هو دور «المايسترو» حزب الله في كلّ هذا المسار؟
ما نشر عن «جواب» تعهّد الرئيس سعد الحريري لبري بإعطائه قبل 15 شباط حول قانون الانتخاب يشير الى مهل مستقطعة للوصول الى اللحظة الاخيرة قبل دعوة الهيئات الناخبة، ومهلة الـ 15 شباط ستسبقها محطة إحياء ذكرى استشهاد الرئيس رفيق الحريري التي سيطلق رئيس الحكومة فيها موقفاً من القانون الانتخابي، لكنّ السؤال سيبقى مسلطاً حول القدرة على إنتاج القانون المختلط، الذي يعمل عليه الطباخون، للدمج بين صيغتَي برّي و«القانون الثلاثي»، وتذهب «القوات اللبنانية» الى الحدّ الأقصى من التفاؤل بإمكان الوصول الى صيغة مشترَكة، خصوصاً في عملية توزيع المقاعد بين أكثري ونسبي داخل الدائرة الواحدة.
هل هذا التفاؤلُ مبنيٌّ على وقائع؟ الى الآن تمّ التوافق على المناصفة بين النسبي والاكثري لكنّ الشيطان يكمن في تفاصيل توزيع المقاعد، خصوصاً في الدوائر الكبيرة مثل بعلبك ـ الهرمل وبيروت الثالثة، كما يكمن في التعامل مع عقدة النائب وليد جنبلاط، الذي يريد اقفال التمثيل الدرزي، مع اتاحة الفرصة لتمثيل النائب طلال ارسلان فقط، وهذا يتطلب تعاملاً خاصاً مع القانون لجهة رسم الدائرة وتوزيع الانتخاب بين نسبي واكثري.
عملياً فإنّ اختبار هذا التفاؤل لن يكون لأكثر من اسبوعين، بسبب استحقاق دعوة الهيئات الناخبة، وإلّا فإنّ الوصول الى هذا الاستحقاق سيعني وضع رئيس الجمهورية أمام إحراج عدم التوقيع، وهو أبلغ فعلاً الى مَن يعنيهم الامر بأنه لن يوقّع المرسوم، وفي هذه الحال فإنّ المرسوم يمكن أن ينام في الأدراج لأنه مرسوم عادي غير صادر عن مجلس الوزراء، ورئيس الجمهورية غير محكوم بمهلة زمنية لتوقيعه.
تتعرّض التسوية التي أدّت الى انتخاب عون الى اختبارٍ أوّلي، خصوصاً لجهة ما اذا كان قانون الانتخاب من ضمنها أم لا، فهل ستسقط التسوية بدءاً من الخلاف على قانون الانتخاب؟ وهل يدخل لبنان بالتالي في الفراغ النيابي؟
أم أنّ رئيس الجمهورية يمكن أن يعدل عما أبلغه الى مَن راجعوه، وبالتالي تسير الانتخابات وفق المتفق المتيسر، أي بقانون الستين، على أن يكون التعويض بالتعديلات التجميلية ومنها ما هو جوهري والمتعلق بتوحيد بطاقات الناخبين والاتفاق على نقل المقاعد وإضافة «كوتا» نسائية الى القانون؟
وهل يكون التعويض عن القبول بالستين بالتحالفات الانتخابية، أي بالتحالف الرباعي الذي بدأ الترويج له بين «المستقبل» و«القوات اللبنانية» وجنبلاط و«التيار الوطني الحر»، وهو تحالف بدأت ملامحه تظهر في رسم التوازانات واقتراح الأسماء في كثير من الدوائر؟