IMLebanon

عون سيرد في الشكل المناسب

لا يبدو العهد الجديد في افضل ايامه فهو يتعرض للرشق ولحملات سياسية مبرمجة تتصاعد وتيرتها وتطفو على السطح ثم تخبو فجأة، ولعل أزمة قانون الانتخاب هي عقدة العقد وأسوأها حيث ان رئيس الجمهورية مصمم على اجراء الانتخابات وفق قانون جديد فيما كل القوى السياسية تختلف على جنس ملائكة هذا القانون.  الحملات السياسية تتعدد اسبابها وموجباتها، فبعد أزمة التعيينات وتوظيف مواقف الرئاسة الداعمة لحزب الله في اطار التحريض واعتبار رئيس الجمهورية طرفاً او فريقاً في 8آذار وبان مواقفه تسيء الى ما بدأه من انفتاح وتسوية علاقات مع بعض الدول، حصلت بعد فترة محاولة توريط الرئاسة بملف السلسلة والموازنة التي تم تجاوز أزمتها، ليحل موضوع القانون الانتخابي على «رف» النزاع السياسي القائم بعدما  جرى رفض كل القوانين الانتخابية  التي تقدم بها التيار الوطني الحر المحسوب على الرئاسة بذرائع مختلفة، ليتربع ملف الكهرباء في اعلى قائمة الملفات التي يتم التصويب فيها على وزراء التيار الوطني الحر اولاً وعلى الرئاسة ثانياً  من خلال تصوير العهد بأنه اما عاجز عن حل المشكلات التي تواجهه او من خلال الايحاء بنظرية فشله في مكافحة الفساد والهدر وتحصيل حقوق المواطنين بعد وصول ميشال عون الى السلطة. وفي كل الاحوال سواء صحت نظرية المؤامرة على العهد الجديد او لم تثبت صحتها فان الواضح ان مسيرة العهد ليست على ما يرام رغم الوئام غير المسبوق بين رئيسي الجمهورية والحكومة وان ثمة من لا يتربص عن سوء نية ربما بالعهد ليحصي عليه انفاسه.

يأخذ المروجون لنظرية تعثر العهد بظاهرة قانون الانتخاب والمهلة القياسية التي استلزمتها صياغة المطبخ «الباسيلي» للقوانين الانتخابية والتي تأخذ من رصيد العهد وقوته، فمشاريع التيار الوطني الحر برأي المنتقدين أيقظت الحساسيات الطائفية والمذهبية النائمة، وكادت تصل الى حد تهديد الوحدة الوطنية.  ولعل السؤال الأساسي في اذهان المنتقدين لماذا لا يبادر رئيس الجمهورية الى حسم الجدل حول النسبية طالما ان رئيس الجمهورية يعتبر ان النسبية احد اشكال الاصلاح السياسي؟ واذا كان قانون الانتخاب يحتل المرتبة الاولى والاطول في الانتقادات  فان خطة الكهرباء هي الاكثر اثارة للجدل اليوم حيث ان وزراء التيار الوطني الحر اخفقوا في تأمين الكهرباء رغم توليهم الوزارة وادراكهم بحيثياتها وزواريبها، عدا ذلك فان العهد الجديد راكم من مسلسل العداوات السياسية والخلاف  مع الكتائب والمردة على الساحة المسيحية، فيما تشهد العلاقة مع عين التينة هبات باردة وساخنة، ومع الضاحية ضبطاً لإيقاع العلاقة فيما تبدو العلاقة «بلا سقوف او حدود» مع رئيس الحكومة وتياره السياسي. وعلى ما يبدو بحسب القيمين، صار ثمة فارق جوهري بين الحليفين المسيحيين في التيار الوطني الحر والقوات وفي أداء وزراء الطرفين، فوزراء العهد ارتكبوا اخطاء و«فاولات» جعلت وزراء القوات يدقون ناقوس الخطر حول ارتكابات  في مناقصة الكهرباء وعدم تحويلها الى ادارة المناقصات او ادارة الكهرباء  حيث ان مبلغ ملياري دولار لاستئجار البواخر يكفي لانشاء معامل للكهرباء، في الوقت الذي يصر العونيون على دفتر شروط  معتمد من الحكومة الميقاتية . في حين يبدو وزراء القوات وكأنهم لم يرتكبوا في مسيرة الثلاثة الاشهر اخطاء مماثلة فوزير الاعلام يقوم بتفعيل وزارته وتصحيح الخلل في تلفزيون لبنان، فيما قام الوزير ابو عاصي بالغاء عقود متعاقدين يرتبون اعباء هائلة على الدولة، بعدما صدر امر لا التباس فيه من معراب عند تشكيل الحكومة بعدم الوقوع في افخاخ قد تنصب لهم الأمر نفسه ينطبق على وزير الاشغال المردي يوسف فنيانوس الذي صحح المسارات في وزارة الاشغال بناء على توجيهات بنشعي.

 وفق نظرية المدافعين  عن خطة الكهرباء فان تطابق شروط او عدم تطابقها في قضية البواخر ليس الموضوع الخلافي فثمة استهداف وتطويق للعهد لمنعه من العمل وتحقيق الانجازات، ولكن اذا كان الجميع مصرا على مهاجمة خطة الكهرباء  بحجج وعناوين مختلفة ووفق التقاء المصالح السياسية فان الموقف القواتي كان الاقسى والاكثر احراجاً، وان كان التفسير المنطقي يدل على ان الموقف ليس تقنياً محضاً فقط بل تتداخل فيه السياسة، فثمة من هو متضايق من التقارب بين الرئاستين ومنحى العلاقة بين عون والحريري، وهنا يمكن استيعاب تحريك ملف الاتصالات وتساؤلات وزراء القوات حول صفقة في الاتصالات في وجه المستقبل، عدا ذلك ثمة تراكمات في حساب القوات من التعيينات الماضية وانتخابات نقابة المهندسين التي ردت عليها معراب بعدم التصويت للمرشح العوني، وقانون الانتخاب فالنسبية تفرض ان يخوض كل فريق الانتخابات بقوته الذاتية وبلوائح مختلفة وبالتالي فان المعارضة في الصف المسيحي تكسب القوات شعبياً، وعن هذا كله لا يغيب شبح المعركة الرئاسية بين باسيل وجعجع مستقبلاً، وبالتالي فان حجم نواب كل من التيار والقوات في المجلس النيابي المقبل سيكون مقرراً وحاسماً في المعركة الرئاسية بعد ست سنوات . ويعتبر عونيون ان القوات أخطأت التصرف باتهاماتها وان كان تم تصوير الموضوع على انه تقني بحت، فالقوات التي ساهم تفاهم معراب في تلميع صورتها المسيحية تعمد اليوم الى تشويه صورة التيار الراسخة  في المجتمع المسيحي منذ حقبة النضال ضد الاحتلال السوري.

وفي كل الاحوال فان مسلسل الحملات المستمرة بوجوه واقنعة مختلفة لن يستمر او يعمر طويلاً، والردود على الافتراءات التي تستهدف التيار الوطني الحر او  الرئاسة كما تقول الاوساط لن تتأخر ورئيس الجمهورية المعروف بصلابته وقدرته على التحمل ينتظر التوقيت المناسب للرد المناسب الذي يضع حداً للشائعات  التي تطال العهد ، وقد يكون هذا التوقيت مرتبطاً بالقانون الانتخابي الذي سيهديه رئيس الجمهورية الى اللبنانيين ليكون باكورة التغيير والاصلاح بعد فتح ملفات الفساد والهدر.