علاقة المستقبل بزعيم الرابية عادت او تكاد تعود الى المربع الأول والسبب هو الخلاف على التعيينات الأمنية بعدما ثبت ان التيار الأزرق هو المعرقل الأول والأساسي وهو الذي يضع العصي في دواليب «شاحنة « الاتفاق على انجاز التعيينات بعدما وضع الكثير من المطبات امام وصول عون الى قصر بعبدا. فساعة الصفر اقتربت في ملف التعيينات للقيادات الامنية بانتهاء ولاية اللواء ابراهيم بصبوص في قوى الأمن الداخلي في الثامن من حزيران ووزير الداخلية باشر الاتصالات و التحرك باتجاه الرابية من اجل فصل التعيينات عن بعض وعدم ربط التعيينات بالصراع القائم حول قيادة الجيش.
لكن هذا التحرك كما تقول اوساط متابعة لن يثني عون عن استمراره بالمعركة وهو لا يتعدى الاطار الشكلي والتكتيكي الذي يعتمده المستقبل لإظهار نفسه بانه خارج دائرة المعرقلين، فصحيح ان وزير الداخلية نهاد المشنوق هو ربما من القيادات المستقبلية التي انجزت مصالحاتها مع الرابية بسرعة وطوت صفحة الماضي بسرعة وحيث يلحظ المتابعون ان وزير الداخلية من الشخصيات التي لا مشكلة حالية بينها وبين الرابية بل ثمة رضى من عون على الكثير من أداء المشنوق في وزارة الداخلية رغم المسافة السياسية التي تباعد بينهما، إلا ان ذلك لا يعني ان عون سوف يرمي أوراقه مهما تزايدت المبادرات او الضغوط عليه، فلا شيء يقدم او يؤخر امام اصرار الرابية على انجاز التعيينات.
وتتساءل اوساط قريبة من الرابية عن اسرار انقلاب المستقبل على تفاهمه معه او شبه التفاهم الذي انجز خصوصاً ان النائب غطاس خوري سبق وأكد لعون ان «رئيس المجلس هو الذي يعطل الاتفاق» متسائلة لماذا لا يتدخل التيار في المواقع في الدولة المحسوبة على تيار المستقبل فيما التيار الأزرق له اليد الطولى في التأثيرات في موضوع انتخاب رئيس للجمهورية وبالتدخل في المواقع المصنفة للمسيحيين بعدما ثبت تورطه وانحيازه الى فريق المعطلين لوصول عون الى بعبدا ووصول شامل روكز الى اليرزة، والسؤال الموجه الى حليف الحليف ايضاً في عين التينة الذي تبدو العلاقة باردة في هذه المرحلة على خلفية تعطيل الجلسات التشريعية ووقوف بري الى جانب اخصام عون في تعطيل ترئيس عون وتسمية روكز، لماذا يحق لطرف ان يجمع بين مجلس النواب وقيادة الامن العام فيما لا يحق لزعيم الرابية ان يجمع بين قيادة الجيش ورئاسة الجمهورية.
وعلى ما يبدو فان المستقبل اجرى مراجعة شاملة اظهرت ان معادلة «شامل روكز وعماد عثمان» ليست في مصلحتهم، ومن هنا فان خطة المستقبل في ضرب عون مرتين على حدّ قول الاوساط، أولاً بابعاده عن موقع الرئاسة وقيادة الجيش، وايضاً في خلق الحالة والإيحاء بان عون يجلب الفراغ الى مؤسسات الدولة، فهو يقاطع مجلس النواب ويتحمل مسؤولية الفراغ الرئاسي وربما الفراغ في قيادة الجيش مستقبلاً في ظل الأوضاع الامنية الخطية حيث يتوجب على الجيش ان يقوم بضرب الإرهابيين بعد هروبهم من القلمون الى عرسال، وهذا التقدير من قبل الرابية جعل عون يتحرك بسرعة لإطلاق مبادرته الأخيرة ولقاءاته بكافة القيادات والى جانب تنبيه الحكومة بانهاء الحالة «الشاذة» في عرسال وضرب التكفيريين.
وعليه فان اي تحرك من جانب المستقبل نتيجته واضحة المعالم، فاوراق المستقبل مكشوفة من قبل الرابية في الآونة الأخيرة حيث يحاول ان يضع يده على المفاصل المتعلقة بالتعيينات والمواقع داخل الدولة وسيحافظ على موقعه في المديرية العامة للأمن الداخلي وتأجيل تسريح بصبوص، ومن جهة اخرى فان الواضح ان المستقبل في صدد مسايرة بعض حلفائه المتضررين من وصول الأقوياء الى سدة الرئاسة وقيادة الجيش.
من جهة الرابية، فان عون كما تقول الأوساط لن يسير بمعادلة الرئاسة مقابل قيادة الجيش التي يريد البعض استفزازه بها، فهو يتمسك بالملف الرئاسي ولن يستسلم بسهولة بدليل مبادرته التي حملها الى القيادات السياسية والروحية، وقيادة الجيش وان لم يسم لها علناً قائد فوج المغاوير المحسوب عليه، إلا ان عون الذي يترأس اكبر كتلة مسيحية في المجلس النيابي يرى الرئاسة من حقه الطبيعي، اما ان تؤول قيادة الجيش الى شامل روكز فلا فيتوات شخصية من احد على قائد المغاوير او على ادائه العسكري ومسيرته في المؤسسة العسكرية من سوق الغرب الى نهر البارد وعبرا وعرسال.