Site icon IMLebanon

تفاؤل عوني وتشاؤم مستقبلي

هل التقى الرئيس سعد الحريري رئيس «التيار الوطني الحر» الوزير جبران باسيل في باريس قبل ان يلتحق الاخير برئيس الحكومة تمام سلام في نيويورك لحضور الدورة 71 للجمعية العامة للامم المتحدة؟ وماذا دار من مباحثات بين الرجلين؟ وهل من قطبة مخفية رفعت منسوب التفاؤل في صفوف البرتقاليين الذين يروجون للجلسة المقبلة لانتخاب رئيس للجمهورية في 28 من الجاري؟ وهل نزل الوحي المعروف بكلمة السر من قبل طباخي الرئاسة على الصعيدين الاقليمي والدولي باغلاق ملف الشغور الرئاسي  والسير بالعماد ميشال عون رئيساً للجمهورية؟

الاوساط المواكبة للمجريات تقول ان لقاء الحريري بباسيل في باريس لا يزال موضع شك، في وقت تؤكد فيه مصادر برتقالية حصوله، وان الرجلين اتفقا على الكتمان، وتذهب المصادر نفسها الى حدود التفاؤل بان الحريري بات مقنعاً بالتخلي عن مرشحه النائب سليمان فرنجية والسير بعون الذي يعتبره «حزب الله» المرشح الوحيد والصالح لقيادة الجمهورية في المرحلة الراهنة التي تعتبر الاكثر استثنائية في تاريخ لبنان منذ العام 1920 يوم ولادة «لبنان الكبير»، بموازاة عودة – الحريري الى السراي ربما طيلة العهد المرتقب وما موقف «حزب الله» على انه سيرد «خطوة انتخاب عون باحسن منها» الا رسالة تشجيعية للمعنيين لاقفال ملف الشغور الرئاسي على طريقة «لا غالب ولا مغلوب» التي ارساها الرئيس الراحل صائب سلام نهاية لـ«احداث» 1958.

اما اوساط «تيار المستقبل» فتصف ارتفاع منسوب التفاؤل لدى العونيين بانه يندرج في خانة الامنيات والتمنيات كون الوقائع والحيثيات تشير الى عكس ذلك، وانه لم يحصل اي اتفاق بين الحريري وباسيل في باريس اذا صح انهما التقيا. فمواقف الرئيس فؤاد السنيورة والنائبين جمال الجراح واحمد فتفت واضحة وضوح الشمس، فهم يرفضون وصول عون الى بعبدا جملة وتفصيلاً ويؤكدون ان مبادرة الحريري بترشيح فرنجية للكرسي الاولى لا تزال قائمة وان كل ما يحكى عكس ذلك ليس في مكانه الصحيح وان الحريري سبق له وعبّر عن موقفه من المسألة باستعداده للنزول الى جلسة الانتخاب اذا تأمن النصاب وسيقوم بتقديم التهنئة للفائز حتى ولو كان الجنرال.

وتشير الاوساط المستقبلية الى ان عقدة عون لا يحلها الحريري، كونها ليست في بيت الوسط انما هي في الرياض التي لا زالت على موقفها السابق الذي اعلنه وزير خارجتيها الراحل سعود الفيصل الرافض كليا لوصول الجنرال الى قصر بعبدا، اضافة الى ان احدى الجهات داخل القيادة السعودية غضبت لدى اقامة المأدبة من قبل السفير السابق علي عواض العسيري وجلوسه الى جانب عون، وان سحب العسيري من لبنان جاء على خلفية ذلك دون ان تبادر المملكة الى تعيين سفير جديد، اما الاوساط المراقبة لايقاع الرئيس نبيه بري فلا تُخفي موقف عين التينة من الاستحقاق الرئاسي، فبري الذي اعلن بوضوح تفضيله فرنجية على عون كخيار، الا انه يتفق مع رئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي» على ضرورة الانتقال الى الخيار الثالث وانتخاب رئيس من خارج الاقطاب الاربعة، وان «الرئيس القوي» الذي يطالب به المسيحيون هو الرئيس القادر على فتح ورشة حوار بين السنة والشيعة يتوجه حوار وطني شامل يقارب كافة المسائل الخلافية لا سيما ان المنسوب في الاحتقان المذهبي والطائفي بلغ حدود الغليان، وان الطائفة المارونية غنية بالنخب المؤهلة لقيادة الجمهورية في مرحلة الحرائق، خصوصاً ان الخلاف الاميركي – الروسي على الرقعة السورية لا يبشر الا بمزيد من طوفان النزوح السوري، حيث تشير الوقائع الميدانية الى ان مصير ومستقبل النازحين السوريين سيفرضان واقعاً جديداً على غرار مخيمات الشتات الفلسطيني وهنا مكمن الخطورة كون عددهم قد يصل الى نصف عدد سكان البلد الصغير وما يعنيه الامر من تغييرات ديموغرافية وجغرافية ايضاً اذا ما تم دمج الخارطتين اللبنانية والسورية في لعبة «تقسيم المقسَّم».