IMLebanon

العونيون: إشارات إيجابية… ولكن الحذر بات واجباً

 

إعترف رئيس حكومة تصريف الأعمال حسّان دياب بأنّه أسيء استخدام الدعم وبأنّه كان من الأجدى اللجوء إلى البطاقة التموينية التي توصل مساهمة مصرف لبنان مباشرة إلى أصحاب العلاقة من الطبقات الفقيرة، فلا تضيع في زواريب الهدر والتهريب وجيوب التجار وجشعهم. ولكن بالنتيجة، فات الأوان، وتركز الحكومة المستقيلة اهتمامها راهناً على كيفية الاستفادة من آخر دولارات الدعم الموجودة في حسابات مصرف لبنان قبل حدوث الزلزال الكبير.

ومع ذلك يقول بعض المطلعين على محضر الاجتماع الذي ترأسه دياب يوم الاثنين في السراي وشارك فيه حاكم مصرف لبنان رياض سلامة (بعد انقطاع عن السراي منذ استقالة الحكومة)، إنّ الاخير لم يقدم أرقاماً واضحة عما تبقى لديه من دولارات يمكن استخدامها في الدعم. كل ما فعله هو تقديم جردة بالأرقام تبيّن قيمة الدعم الذي تكبده مصرف لبنان في العام 2019، ومن ثم في العام 2020، حيث تظهر الأرقام أنّ ما دفعه مصرف لبنان حتى الآن لا يزال دون المبالغ التي دفعها في العام الماضي بأشواط، مشيرين إلى أنّه دفع في العام الحالي حوالى 4 مليارات بينما تجاوز في العام الماضي سقف الـ 6 مليارات.

ورغم ذلك، يقول مطلعون على موقف رئيس الحكومة إنّ الأخير لم يبد أي اهتمام لسؤال سلامة عما تبقى لديه من احتياطي بالعملات الأجنبية يمكن استخدامه في الدعم لأنّه يعتبر هذا الأمر من مسؤولية “الحاكم” على المستوى النقدي، ومن مسؤولية الحكومة الجديدة على المستوى السياسي، وكل ما عليه فعله في هذه المرحلة الانتقالية هو تحضير لوائح بما يجب دعمه بعد ترشيق هذه اللوائح لتشمل ما هو مهم فقط، من خبز ودواء وفيول، خصوصاً وأنّ الاتصالات مع الجانب العراقي لم تصل بعد الى نتيجة مرضية.

ومع أنّ حركة دياب توحي وكأنّه قرر تمديد إقامته في السراي الحكومي نظراً لكون المشاورات الحكومية لا تزال عالقة في عنق الخلافات الداخلية، وتحديداً بين رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري ورئيس “الحزب التقدمي الاشتراكي” وليد جنبلاط من جهة، ورئيس الجمهورية ميشال عون ومعه “التيار الوطني الحر” من جهة أخرى، إلّا أنّ المواكبين للحراك الحكومي، يشيرون إلى أنّ الضغط الفرنسي الذي تمارسه ادارة الرئيس ايمانويل ماكرون على الرئيس المكلف قبل عودة ماكرون للمرة الثالثة على التوالي الى بيروت، هو وحده الذي دفع سعد الحريري الى ترك بيت الوسط للتوجه الى قصر بعبدا ولقاء رئيس الجمهورية في محاولة جديدة لاختراق حواجز العقد الحكومية.

يقرّ العونيون أنّ هناك مناخات ايجابية مستجدة، لكن هؤلاء باتوا يتسلحون بالحذر ويقولون إنهم تلوّعوا من فريق الحريري الذي عادة ما يبث أجواء ايجايبة، ليتبين في ما بعد أنها تهدف الى تطويق رئيس الجمهورية وفريقه السياسي واحراجهما لا أكثر. ولهذا يرفضون القول “فول تيصير بالمكيول”… بانتظار ما سيحمله الحريري اليوم الى بعبدا.

وفي جردة لما تمّ تحقيقه حتى الآن، يتبين وفق العونيين أنّ الحريري تراجع عن مشروعه لتسمية الوزراء المسيحيين، بشكل يفتح الباب أمام امكانية حصول خرق جدي للجمود الحكومي، ولو أنّ الكلام عن رفض الحريري منح الفريق العوني ثلثاً معطلاً لن يفضي، برأيهم، الى أي نتيجة لأنّ حجم تكتل “لبنان القوي” وفقاً لمعادلة التمثيل النيابي، معطوفاً على حصة رئيس الجمهورية وفقا للعرف المتبع والقاضي بمنحه ثلاثة وزراء في حكومة الـ18 وزيراً، هو سبعة وزراء. واذا ما كان العدد يعني ثلثاً معطلاً، فلا خيار أمامهم سوى رفع التشكيلة الحكومية الى عشرين وزيراً لكي لا يمنح العونيون هذا الامتياز.

في المقابل، يرى العونيون أنّ التسريبات التي تخرج من صالونات الفريق المستقبلي عن ادراج رئيس الحكومة المكلف أسماء الوزراء الشيعة على تشكيلته، لا يمت للواقع بصلة. اذ يجزمون أنّ “حزب الله” لم يتقدم بأي لائحة، ولم يناقش مع رئيس الحكومة أي ترشيحات، ما يعني أنّ الكلام عن تطور نوعي في مشاورات التأليف، فيه الكثير من المبالغة. ومع ذلك، يرجح العونيون أن يرفع الحريري اليوم تصوراً واضحاً لرئيس الجمهورية ليبنى على الشيء مقتضاه.