لا يمكن ذكر التسونامي العوني من دون المرور على قضاء بعبدا حيث تمكن التيار الوطني الحر من إيصال نوابه الثلاثة واكتساح المنطقة. إلا أن العونيين لم يتمكنوا في الانتخابات الأخيرة من فرض نفوذهم القوي في القضاء على مجالس الأقضية لأسباب عدة، أبرزها تخاذل النواب في دعم قاعدتهم، وهو ما أدى الى اتفاق مجموعة صغيرة من الشباب في 4 بلدات رئيسية على تقديم استقالاتهم
في قضاء بعبدا عتب عوني على مجلس القضاء. يصعب على العاتبين استيعاب أن يقتصر الفوز في هذه «القلعة العونية» على ثلاث بلديات من أصل نحو 40: الحدت وبلديتا حارة حريك والمريجة ــــ تحويطة الغدير ـــــ الليلكي حيث لا معركة أصلاً.
أما المسألة الأكثر إحباطاً فهي «أخذ النواب على عاتقهم التفاوض في بلداتهم والحرص على تأمين الربح، مقابل التخاذل في دعم البلدات الأخرى لأسباب مجهولة ربما تتعلق بالانتخابات النيابية. والنتيجة: ربح النواب العونيون وخسر التيار الوطني الحر».
الانتصار العوني في الحدت بفارق نحو ألفي صوت عن اللائحة المنافسة، لم يُنزل الفرح على قلوب بعض محازبي التيار الوطني الحر. وتعدّ مجموعة من الشباب الحدتيين كتاب مساءلة لهيئة التيار (سترسله الى رئيس التيار الوزير جبران باسيل) في البلدة لاستيضاح ما جرى خلال الإعداد للانتخابات، ولماذا لم تأخذ الهيئة رأي قيادة الحزب في خياراتها، إذ يشير أحد المحازبين الذين اختاروا الترشح على لائحة رئيس البلدية السابق أنطوان كرم في وجه لائحة «تضامن شباب الحدت» المدعومة من هيئة التيار المحلية وهيئة القضاء والنواب، الى أن الهيئتين تمردتا على قرار الحزب. فعقب «الطلاق» في الحدت بين التيار والقوات، وإصرار مجموعة من عونيي الحدت على الترشح مع القوات، أبلغت رئاسة الحزب منسق مجالس أقضية جبل لبنان فؤاد شهاب ضرورة عقد مؤتمر صحافي لإعلان قرار المجلس السياسي بوقوف التيار على الحياد، تفادياً لتطور المشكلة مع القوات. شهاب نقل الرسالة الى منسق قضاء بعبدا ربيع طراف، لكن الأخير اعتذر عن عدم تنفيذها كونه ابن الحدت. كذلك رفض النواب ترك الحرية للمحازبين، لأن لائحة تضامن الحدت تمثل النبض العوني منذ عام 1998. هكذا لم يطبَّق قرار الحزب، بل أصدرت الهيئة المحلية بياناً دعمت فيه اللائحة التي يرأسها جورج عون.
حرص رئيس الحزب على التحالف مع القوات لم يبادَل بالمثل، أقله في بلدة الحازمية، حيث رفض رئيس البلدية جان الأسمر تسمية العونيين للمرشح زياد عقل، فاضطر التيار إلى خوض معركة ضد الأسمر بلائحة يرأسها جورج باسيل. وكان من المفترض أن يشكل القوات والتيار لائحة مشتركة إذا ما رفض الأسمر مطالبهما، غير أن حزب القوات لم يلتفت سوى لمصلحته وفاجأ العونيين بزيارة رئيس البلدية، وعقد اتفاق بلدي ضمني ونشر الصور بعدها، علماً بأن القوات والتيار، عبر منسّقيهما جوزيف أبو جودة وربيع طراف، كانا يتفاوضان حول بلديات الشياح وفرن الشباك والحازمية على أساس سلة واحدة. ما سبق، دفع هيئة الحازمية الى تشكيل لائحة منفردة «كشفت تواطؤ هيئة القضاء والنواب» على ما يقول أحد عونيي الحازمية، إذ لم يكلف أحد نفسه «عناء الإعداد لمعركة مشرّفة» كما في 2010. وكانت النتيجة فوز الأسمر بفارق نحو 700 صوت، علماً بأن فارق الانتخابات الماضية لم يتعدَّ مئتي صوت. وعليه، يدرس 4 منتسبين تقديم استقالاتهم الى هيئة القضاء اعتراضاً على عدم دعم الهيئة والنواب للائحة الحازمية العونية.
في الحدت تمرّدت هيئتا القضاء والبلدة على قرار المجلس السياسي الحزبي
ومن الحازمية الى بعبدا حيث تقدم 9 أعضاء من هيئة البلدة، من بينهم المنسق هنري المكرزل، باستقالاتهم من مهماتهم، على خلفية ترك التيار حرية الانتخاب لقاعدته. وكان القواتيون والعونيون قد خاضوا مفاوضات لتشكيل لائحة مشتركة يرأسها أنطوان الخوري حلو ويتمثل فيها حزب القوات بالمنسق سامي معماري ومرشحين آخرين. إلا أن خلافاً شخصياً نشب ما بين معماري وحلو المقرّب من التيار، أدّى الى توقف المفاوضات وانتقال المعماري وجماعته الى اللائحة المناوئة برئاسة أنطوان بو نجم بمشاركة كتائبية ومرشح عونيّ يتيم. وكانت النتيجة فوز لائحة بو نجم كاملة وخسارة التيار «لأن مجلس قضاء بعبدا قرر النأي بنفسه عن المعركة حفاظاً على مشاعر القوات»! ويضم مجلس القضاء النواب الثلاثة آلان عون وناجي غاريوس وحكمت ديب، إضافة الى منسق هيئة القضاء ربيع طراف ومسؤول البلديات جورج يونس ومسؤول العلاقات العامة في هيئة القضاء بشارة أبي جرجس و4 أعضاء منتخبين وسيّدة تم تعيينها، نادين نعمة، ورئيس بلدية حارة حريك زياد واكد ونائب رئيس بلدية الحدت إبراهيم برباري.
لفرن الشباك نصيبها من مغامرات العونيين البلدية. فبعد الاتفاق مع رئيس البلدية ريمون سمعان على تمثيل التيار بعضوين بلديين والقوات بمختارين، رفض مجلس القضاء الأمر. وبما أن حزب القوات كان قد بدأ بتشكيل لائحة برئاسة شارل بو حرب، تم التوافق على تقاسم الولاية بين حرب وأحد أعضاء مجلس قضاء التيار في بعبدا مسعود نهرا. غير أن منسقة فرن الشباك العونية سامية ضو كان لها رأي آخر عبر تقرير أعدّته تقول فيه إن «عونيي البلدة يناصرون سمعان والبلدة لا تحبّذ الذهاب الى معركة»، بحسب أحد أعضاء هيئة بعبدا. ويضيف أن كلام ضو جاء نتيجة «تسلم ابنها وظيفة في البلدية وتعيين سمعان لزوجها مختاراً في البلدة». وبعد تأنيب مجلس القضاء لها على خلفية التقرير والطلب منها الرجوع الى هيئة البلدة، تقرر الدخول مع القوات في معركة ضد سمعان. ما كاد القرار يعمّم حتى ألغاه مجلس القضاء وقرر الانسحاب من لائحة بو حرب «لأن ابنة شقيق النائب ميشال عون، جنين غاوي، قررت الترشح على لائحة رئيس البلدية»، بحسب مصدر عوني في المنطقة. وهو ما أدى الى انقسام التيار وانسحاب المرشحين العونيين من لائحة القوات بعد أن أصدر التيار بياناً بترك حرية الانتخاب. والنتيجة توريط القوات في معركة خاسرة وإهداء ربح سهل الى رئيس البلدية ريمون سمعان، الذي ضمّت لائحته عضواً من التيار (غاوي)، فيما حفظ القوات خط الرجعة عبر عضو ومختارين! الامر الذي سبب امتعاضاً في الهيئة المحلية ويجري الحديث عن درس مجموعة من الشباب تقديم استقالاتهم من الهيئة العمومية والهيئة المحلية.
في بلدة وادي شحرور السفلى، حسم مجلس القضاء الموقف باكراً (بمن فيه النواب) عبر دعمه لائحة رياض الأسطا من دون الرجوع الى الهيئة المحلية. وبطبيعة الحال انقسم عونيّو البلدة بين الأسطا ورئيس البلدية السابق جان باتيست الأسطا الذي ترشح على لائحته مستشار رئيس الحزب رامي عدوان. أخذت اللائحتان نصيبهما من التشطيب ونجحت لائحة ثالثة لا عونيين فيها، في بلدة لهم فيها النفوذ الأكبر. أما في حمانا، فلم يجد العميد طوني أبو سمرا دعماً عونياً، رغم رغبته في تشكيل لائحة على اعتبار أن التيار هو القوة الوازنة هناك. فآثر عدم الترشح وفازت اللائحة غير العونية.