قضاء جبيل هو أحد «مرابط خيل» التيار الوطني الحر. المشهد النيابي فيه، منذ انتخابات الـ2005، لا يختلف كثيراً عن أقضية أخرى ساهمت في «النصر» العوني. ولو أنّ أخصام «التيار» الجبيليين، يستخدمون ورقة «الصوت الشيعي» للإنتقاص من تمثيل عون «المسيحي».
كما أنّ هذا القضاء لم يكن بمنأى عن الخلافات الداخلية، و«المعارك» التي تحكم علاقة العونيين بعضهم ببعض قد تكون من الأشرس. منذ سنوات، والناشطون العونيون ينقسمون إلى قسمين في جبيل: الأول ممثل بـ«الشرعية»، النائب سيمون أبي رميا وهيئة القضاء المحلية. أما القسم الثاني، فيحلو له إطلاق صفة «المناضلين القدامى» على أعضائه. عند كلّ استحقاق، يُحاول كلّ منهما إثبات وجوده وأنه هو الذي يُمثل «نَفَس القاعدة العونية». إنطلاقاً من هنا، اعتُبر أنّ الإنتخابات التمهيدية لاختيار المرشحين الحزبيين الذين قد يخوضون الإنتخابات النيابية المقبلة ستكون محتدمة في جبيل. «في الحقيقة لا أعتقد ذلك. الأكيد أنها جدية وهناك منافسة ولكن ليس لدرجة الإستشراس»، يعلّق، ضاحكاً، مُنسق هيئة القضاء طوني بو يونس.
ثلاثة مقاعد نيابية في قضاء جبيل، مُقسمة على الشكل التالي: 2 للموارنة (يُمثلهما حالياً سيمون أبي رميا ووليد الخوري الذي لا يحمل بطاقة حزبية) ومقعد للشيعة (عباس الهاشم). استناداً إلى النظام الداخلي، يجب أن يفوز في المرحلة الأولى وبالحدّ الأقصى 1.5 مرشح من عدد المقاعد المخصصة لكل مذهب، أي 3 موارنة و2 شيعة. العدد مسيحياً مؤمّن في جبيل، إذ سيترشح كلّ من أبي رميا، عضو المجلس السياسي ناجي حايك ومسؤول العلاقات مع الأحزاب الوطنية بسام الهاشم (الأخيران تحالفا في الإنتخابات الداخلية للتيار التي أجريت بداية العام الجاري). أما في ما خص المقعد الشيعي، فحتى الساعة ما من منافس عونيّ لهاشم. إضافة إلى هذه الأسماء، طُرحت علامات استفهام عن ترشح كلّ من الأستاذ الجامعي طارق صادق، المحامي وديع عقل ومستشار الوزير جبران باسيل، جان جبران. إلا أنّ حايك يؤكد لـ«الأخبار» أنّ «عقل غير مرشح باتفاق بيننا»، وخاصة أن علاقة وطيدة تربطهما. أما صادق، «فهو مرشح إلى عضوية هيئة القضاء في دورتها المقبلة»، إستناداً إلى مصادر عونية.
عدد البطاقات الحزبية في قضاء جبيل تبلغ قرابة الـ1800 بطاقة. ويجب على كل مرشح أن ينال 200 صوت حتى يتأهل للمرحلة الثانية (استطلاع للرأي يشمل عينة من جميع ناخبي جبيل، حزبيين وغير حزبيين). والهيئات الأكبر التي سيعمل كل مرشح لاستمالة أصواتها هي: اهمج (بلدة أبي رميا)، العاقورة (بلدة بسام الهاشم)، ترتج، جاج، عمشيت ومدينة جبيل. ترى المصادر العونية، التي تستند إلى نتائج الإنتخابات التنظيمية، أنّ «النسب ستكون متقاربة بين أبي رميا الذي لديه خدماته وامتياز أنه نائب، وحايك الذي يستطيع أن يُجير كل العسكر القديم وهو اليوم مقرب من القيادة وأحد المسؤولين عن ملف العلاقة مع معراب. أما الحلقة الأضعف فسيكون بسام الهاشم». «نسبياً صحيح هذا الكلام»، يقول بو يونس. ولكنه يوضح أن «عددا من الذين انتخبوا صادق في هيئة القضاء، سيكونون مع أبي رميا، وأنّ آخرين انتخبوني، كأبناء بلدتي العاقورة، قد يُصوتون هذه المرة لبسام الهاشم مثلاً». يصف عمل الهيئة بأنها «حكم تدير الإنتخابات». ويؤكد بو يونس «وقوفنا على مسافة واحدة من الجميع وأبوابنا مفتوحة لكل المرشحين، إن كانوا يريدون عقد اجتماعات في مكاتبنا أو لقاء الهيئات المحلية».
الهدف من الترشح للانتخابات النيابية هو «أنني بدي أعمل نائب»، يجيب حايك الذي يوضح أن «الترشح ليس ضد أحد». الإعداد سيكون من خلال «عقد لقاءات مع الهيئات المحلية». يعتقد طبيب التجميل «أنني وأبي رميا الأقوى. نص بنص». أما ما يُشاع في القضاء عن «عدم ردّ الجميل» لبسام الهاشم، الذي دعم هذا الفريق في الإنتخابات الداخلية ولم يُبادل بالأمر نفسه في الإنتخابات الممهدة لاختيار مرشحي التيار إلى النيابة، فيرد عليه حايك بأن «الدكتور بسام صديقنا وهذه انتخابات تأهيلية، إذا حصل على عدد من الأصوات أكثر مني، ما المانع؟». هذا الأمر محسوم بالنسبة للهاشم، «الأكيد أنني سأكون من ضمن الثلاثة. الناس شايفة ولدينا ثقة بأولاد منطقتنا». هاشم الذي ينتمي وحايك إلى الفريق نفسه، لا يعتقد أن «أحداً يأكل من صحن الآخر. حين دعمنا طارق صادق إلى رئاسة هيئة القضاء كان هذا رصيدنا». يوم الاثنين سيُقدم الهاشم طلب ترشيحه رسمياً، معتبراً الإنتخابات «معركة اثبات الحضور. حضوري قديم وإذا جرى تجاوزه سابقاً فهذا لا يُفسد في الودّ قضية». الهاشم الذي يتحفظ على ترشح النواب «مُستعد بشكل خاص للمرحلة الثانية (إستطلاع الرأي)، ولكن فلنرَ أهل البيت بداية».
مُقابل هذه الأجواء المرحبة بالإنتخابات، تبرز آراء ترى أنّ «جبيل غير معنية كثيراً بها، وخاصة أن الآلية غير واضحة». الإشكالية هي في «التوقيت. حرام أن نُنظم إنتخابات في ظلّ أجواء أمنية غير جيدة». لا يرى هؤلاء داعياً «لفتح مشكل النيابة منذ الآن». إضافة إلى ذلك هناك «استطلاع الرأي حيث سيكون هناك صعوبة في حصول الحزبيين على نسب عالية. باسيل فهمها جيداً ليقول إنّ المرحلة الأولى هي لتأهيل المرشحين ولكنها لا تحسم».
جبيل هو «قضاء ربحان»، تقول المصادر. ولكن قبل البحث بالترشيحات الداخلية «يجب أن نعرف من نواجه. لائحة تجمع بين النائب السابق فارس سعيد والرئيس ميشال سليمان هي، مثلاً، لائحة جدية فتختلف طريقة عملنا». لهذا السبب، آلية ترشيح العونيين إلى الانتخابات النيابية تمر بثلاث مراحل: انتخابات حزبية، ثم استطلاع للرأي، ثم خيار القيادة المبني على نتائج المرحلتين الاولى والثانية، وعلى التحالفات وطبيعة المواجهة. في جميع الاحوال، «الطقس العوني» في قضاء جبيل «هادئ نسبياً».