عاد العماد ميشال عون إلى نغمة عدم شرعية مجلس النواب الممدّد له خلافاً لنص الدستور وروحه بعدما أدرك انتفاء حظوظه في الوصول إلى رئاسة الجمهورية بدعم من حليفه حزب الله، والأهم من هذه العودة هو مجاهرته بانتقال لبنان من الوصاية السورية إلى وصاية خارجية أخرى لم يسمّها على يد نفس الطبقة السياسية التي وجدت وإنتمت بفضل الوصاية السورية وإستمرّت بدعم من الوصاية الخارجية البديلة التي ما زالت على حدّ زعمه تحول دون حصول الانتخابات الرئاسية والإتيان برئيس يمكنه أن يحافظ على الشعار الذي رفعه الجميع «السيادة والحرية والاستقلال»، محمّلاً الذين رفعوا هذه الشعار وهم قوى الرابع عشر من آذار مسؤولية عدم ترجمته فعلاً على الأرض، ومعتبراً أن المحافظة على الشيء أصعب بكثير من الحصول عليه.
حملة رئيس تكتل التغيير والاصلاح على الطبقة السياسية الحاكمة لم تستثن حليفه حزب الله بوصفه شارك في عملية التمديد للمجلس الحالي ولاية جديدة تمتد حتى العام 2017 وإن كان يقصد بشكل خاص بعض قوى الرابع عشر من آذار التي وقفت ولا تزال ضد تحقيق طموحه في الوصول إلى رئاسة الجمهورية تحت ضغط السلاح بيد حليفه حزب الله والذي يمنع حتى الآن إتفاق القيادات على انتخاب رئيس يكون على مسافة واحدة من الفريقين المتنازعين على السلطة ولا يستثني بطبيعة الحال حليف الحزب الرئيس نبيه برّي الذي لم يعد يُخفي ميله لمنافس عون نائب زغرتا سليمان فرنجية ودعمه للوصول إلى بعبدا في حال أفرج حزب الله عن مجلس النواب وعن سياسة تعطيل الجلسات التي يدعو إليها رئيس المجلس لانتخاب رئيس الجمهورية طبقاً للأصول الدستورية وللعبة الديمقراطية البرلمانية.
والسؤال الأساسي الذي يطرح نفسه بعد كل هذه المواقف التي أطلقها رئيس تكتل التغيير والإصلاح بعد 39 جولة لم يتمكن خلالها مجلس النواب من الاجتماع لانتخاب الرئيس العتيد بسبب مقاطعته وحليفه حزب الله لكل هذه الجولات هل وصل العماد إلى قناعة نهائية بأن دعم حليفه حزب الله له للوصول إلى رئاسة الجمهورية ومن يقف وراءه وهي إيران ليس جدّياً فراح يلعن الجميع، ومعهم الوصاية الجديدة التي انتقلت من مركز إلى آخر، ويمهّد للانتقال من ضفة إلى أخرى أم أن هدفه من إطلاق هذه المواقف هو حثّ الحلفاء وبالأخص حزب الله على ترجمة تمسكه بترشيحه لرئاسة الجمهورية بخطوات عملية تبدأ بالضغط على حليفه الرئيس برّي للتصويت له أو بالضغط على حليفه الآخر فرنجية للإنسحاب من المنافسة، وهو قادر على ذلك في الحالتين خلافاً لما يقوله الأمين العام السيّد حسن نصر الله بأنه ملتزم بدعمه لرئاسة الجمهورية لكنه في الوقت نفسه ليس على استعداد لأن يمارس أي ضغط على الرئيس برّي ولا على أي أحد من الحلفاء؟