تعيش الساحة اللبنانية حالة من الترقب والحذر ، بانتظار جلاء صورة الرسائل التي وجهها وزير الخارجية الايراني للحلفاء والخصوم على السواء، وما ستحمله من مؤشرات حلحلة للعقد من الرئاسة الى الحكومة وما بينهما، في ظل اصرار رئيس الحكومة، الذي تلقى جرعة دعم ايرانية، على الانتقال من مرحلة التعطيل الى الانتاج، وعدم الخضوع لاي ابتزاز من اي جهة ولن يرفع الجلسة، بعد تجاوز ملف التعيينات العسكرية دفعة واحدة، وسقوط البحث بآلية العمل الحكومي، للتفرغ لحل الملفات العالقة من النفايات التي تتقدم الواجهة، مرورا بالخليوي وصولا الى عشرات القضايا المرتبطة باستحقاقات اقتصادية ومعيشية داهمة، فضلا عن الجهود المبذولة لتوقيع مرسوم فتح الدورة الاستثنائية لمجلس النواب، في خطوة تدل الى رغبته والرئيس نبيه بري المشتركة في تفعيل عمل المؤسسات الدستورية، في وجه مساعي شلها.
فالسؤال الذي بات يلازم كل جلسة لمجلس الوزراء منذ ان فتح «العونيون» معركة تعيين قائد للجيش، هل تكون الجلسة الاخيرة ، وهل تنفجر الحكومة من الداخل؟ فاذا كانت المعطيات الداخلية والاقليمية والدولية تضع الحكومة تحت مظلتها ، الا انها لن تبعد الاجواء المتشنجة، اذ تشير المعلومات الى انه في حال انعقاد جلسة الحكومة، فان وزيري التيار وبمؤازرة من حزب الله، سيدعوان وزير الدفاع الى التراجع عن قراراته، والا فلتترك الكلمة للشارع.
وثمة انطباع بدأ يترسّخ لدى بعض الدوائر السياسية في لبنان بأن ما كُتب قد كُتب في ملف التمديد كما في مسألة رفض رفْع سنّ التقاعد، التي حمل لواءه «المستقبل و«الاشتراكي»، نيابة عن قيادة الجيش بسبب عوامل منطقية تتمثل في سابقة مسعى القائد العماد جان قهوجي لدى الحكومة ومجلس النواب منذ اربع سنوات تقريبا لإقرار قانون حوافز يشجع كبار ضباط الجيش على الاستقالة منعا للتضخم في الرتب العالية، وقد استقال نحو 400 ضابط بموجب هذا القانون، فكيف للقيادة نفسها ان توافق على اقتراح قانون برفع عدد العمداء في الجيش من 500 عميد اليوم الى 1000 بعد ثلاث سنوات؟ فيما يبدو أن «قطبة مخفية» أخرى تتحكّم بهذا الملف وتتعلّق بـ «القلوب المليانة» بين عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري.
الا ان الوقائع التي يمكن استشفافها من الارض، تظهر ان التراجع العوني ليس واردا بعدما حددت خطوط تحرك المرحلة الاولى التي انطلقت امس، ما لم تطرأ مستجدات غير منتظرة تعيد خلط الاوراق ، سواء عبر التوصل الى تسوية ما ، او في حال حصول اشكال كبير في الشارع، حيث المخاوف من اندساس اطراف ثالثة بين المحتجين ، قد تعمد الى التحريض والاصطدام بالقوى الامنية والعسكرية، التي تبلغت تعليمات مشددة بضبط النفس الى ابعد الحدود ضمن حدود حماية المقرات الرسمية ومصالح المواطنين التي من ضمنها عدم السماح باقفال الطرقات كالسراي الكبير ووزارة الدفاع في اليرزة، أو أي تحرك لا يراعي السلم الأهلي، وهو ما تبلغته الرابية من اكثر من موفد ليس آخرهم مدير عام الامن العام ووزير الداخلية.
مصادر التيار الوطني الحر، دعت الى انتظار مفاجأت كبيرة، كاشفة ان «الجنرال»، تَقصّد عدم الاعلان عن طبيعة التحرك حتى أمام النواب، بغية الإعداد جيّداً للمفاجأة التي ستقلب المشهد الداخلي رأساً على عقب ، واضعة حدا للتمادي في الانقلاب على التفاهمات والتوازنات الوطنية، ومحاصرة المسيحيين وضربهم، من خلال محاولة كسْر الفريق العوني وجعله كبش محرقة مرحلة الانتظار الداخلية الراهنة، مشيرة الى ضرورة قراءة التحذير الموجه لشخص قائد الجيش ودلالاته جيدا قبل ارتكاب اي خطوة متسرعة جديدة.
غير ان اللافت خلال الساعات الماضية تبلغ العماد عون تقارير عن مطالبة الجمهور العوني بعدم التراجع عن الخطوات التصعيدية، داعين الى ضرورة ان يثبت التيار حضوره وتأثيره في الشارع، في عملية اختبار ذاتية قبل ان تكون باتجاه الغير، وهي تحركات لطالما اجادها العونيون و«حنوا» اليها وترى أوساط وزارية، أن الجنرال الذي لا يزال يعوّل على مبادرة اللواء ابراهيم، لن يتجرُّع كأس «التمديد المجاني» من دون ردّ، يبدد الانطباع بأنه مهزوم ولا قدرة له على المواجهة والدفاع عن نفسه في حرب الغاء وجوده السياسي، رغم ادراكه الكامل ان الوقائع السياسية اللبنانية مربوطة بالتوازنات الاقليمية.
وفيما يبدو من غير الممكن رسم سيناريو واضح للجلسة الحكومية وما سيرافقها، قبل بلورة الاتجاهات التي سيسلكها الفريق العوني، لا سيما في حال التزم بنصائح حليفه والكثير من السفراء والجهات الداخلية، بانجاز «نصف تحرك»، بانتظار اطلالة الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله عصر الجمعة في ذكرى حرب تموز 2006، تكشف مصادر عونية ان خطة وضعت لعرقلة الجلسة الحكومية،تقضي باحداث عرقلة للسير نتيجة تداخل المسيرات السيّارة بالحضور الشعبي عند تقاطع بشارة الخوري ـ رياض الصلح والطرق المؤدية الى السراي، لمنع وصول الوزراء اليه ، في تحرك سلمي تلقائي.