Site icon IMLebanon

خطة عونية «متدرّجة»: طفح الكيل من النظام!

برغم استمرار دوائر ضيقة في محيط العماد ميشال عون في تقديم أعذار مخففة لعدم التزام الرئيس سعد الحريري بوعوده الرئاسية والعسكرية لـ «الجنرال» منذ سنتين ونيف، وتحذيرها من «أشرار» تيار «المستقبل»، أتت «ضربة» رابطة مخاتير بيروت لتنعش ذاكرة من لا يريد أن يستوعب بأن «المستقبل» عاجز عن تحمّل عبء الحضور العوني على كرسيّ مختار في رابطة تضمّ مختلف القوى السياسية، فكيف بالكرسيّ الرئاسي أو قيادة الجيش؟

بالطبع لم تكن «مؤامرة» المخاتير من صنع «تيار المستقبل» فقط بل نتيجة تواطؤ مستقبلي – مسيحي، تماماً كما هو الحال في أمّ الملفات رئاسة الجمهورية وصولاً الى قيادة الجيش وما يحدث من «مسرحيات» في مجلس الوزراء، كما يقول مقرّبون من عون.

وللمرة الأولى تسمع مراجعة من جانب أعضاء «نادي التفاؤل» في الرابية مفادها «لقد وصلنا إلى الحائط المسدود». أما عن أسلوب المواجهة فلا بديل لـ «الخطة المتدرّجة»، وبدايتها من تعطيل جلسة مجلس الوزراء غداً، وهو أمر أشار إليه صراحة وزير الخارجية جبران باسيل، أمس، بعد انتهاء اجتماع «تكتل التغيير»، بإعلان قرار مقاطعة جلسة الحكومة هذا الأسبوع، واضعاً الكرة في ملعب تمام سلام و «الشركاء»: هل ستسيرون بحكومة فاقدة الميثاقية بغياب المكوّن المسيحي فيها؟

على المستوى المسيحي، وزير «المرده» روني عريجي غير معني بقرار المقاطعة وهو حالياً خارج لبنان. أما حزب «الطاشناق» فقد عقدت لجنته التنفيذية أمس، اجتماعاً بالتزامن مع اجتماع «التكتل» برئاسة أغوب بقرادونيان وحضور الوزير ارتور نظريان للبحث في خيار المقاطعة. أما على خط «حزب الله»، فالمعلومات تشير الى أن الأخير ليس على لائحة مقاطعي الحكومة حتى الآن.

«الخطة المتدرّجة» للتصعيد، تنطلق من نقطة «أننا لم نعد «مفتونين» بهذا النظام. «نحن في صلب حكومة نتحمّل وزرها، لأننا الورقة الأخيرة فيها قبل سقوط الميثاقية عنها، وعندها يستحيل على تمام سلام أن يقول إنها حكومة المصلحة الوطنية. ونحن نقول لم نعُد مفتونين بنظام ينتظر الإشارات من الخارج، ويمدّد لسلطاته وقياداته خلافاً للدستور والقانون، ويعجز عن إرساء قانون انتخاب يحترم المناصفة، وليس له حق الحسم في وصول المرشح القوي والميثاقي إلى رئاسة الجمهورية»، حسب أحد أعضاء «تكتل التغيير».

ترى الرابية اليوم، وفق المصدر نفسه، «أنها صاحبة دور في تصويب هذا النظام. فـ «حزب الله» عاجز عن القيام بالمهمة لأنه سيُرمى سريعاً بحجارة الفتنة والاتهام الجاهز بأخذ البلد نحو المؤتمر التأسيسي».

أما التوقيت فتفرضه المعطيات الآتية: هناك صاعق التمديد للقيادات العسكرية، إضافة الى التعثر مجدداً في موضوع الرئاسة بعد مرحلة من التقدّم الملحوظ. وها هم الفرنسيون، بلسان فرنسوا هولاند وبوقائع موثّقة، يريدون أن «يحكوا» مجدداً مع محمد بن سلمان لحل الأزمة بعد أن كانت الرئاسة قد سلكت طريق «اللبننة» والسيد حسن نصرالله شخصياً قام بخطوة إيجابية في هذا السياق. أما الحوار، فذاهب نحو سلّة بعيدة المنال وغير ملموسة..

وحين يتحدّث أهل الرابية عن حائط مسدود، ستحضر معادلة سعد – السعودية المثيرة للجدل: «إذا كانت الرياض لم تعُد تعتبر سعد الحريري ورقة تعويض لها في المنطقة، وإذا أصرّت على عدم المهادنة، فيما الطرح المقدّم هو عودة الحريري الى السرايا، فما هو المطلوب، وماذا ينتظرون»؟

كل هذه الصورة قد تقود العونيين إلى لعب ورقتهم الأخيرة: نسف التركيبة والنظام، آخذين في الاعتبار أن مَن يتخلّى عن سعد الحريري من الممكن أن يتخلّى عن الطائف للذهاب نحو طائف جديد.

هناك ثلاث محطات ستشهد تصعيداً متدرّجاً من جانب الرابية. التمديد للقيادات العسكرية هي قضية، ولكنها بالتأكيد ليست محطة ستحتّم نزول «الجنرال» من القطار.

هذه القضية الخلافية فرضت موقفاً عونياً ملعبه الحكومة من دون الدخول في محظور الاستقالة. في الخامس من أيلول هناك جلسة حوار وسيرصد ميشال عون مدى انسداد الأفق، ثم تأتي جلسة انتخاب الرئيس الرقم 44، لنصل إلى ذكرى 13 تشرين. بعد ذلك هناك استحقاق الانتخابات النيابية ومهله الملزمة.

الأميركيون، تقول المصادر، طمّنونا أنه كما جرت الانتخابات البلدية لا مفرّ من النيابية. لكن السؤال بأي قانون؟ الستين او التمديد بالنسبة لنا من المحرّمات.

هكذا نفّذ العونيون تحذيرهم بأن سلوك درب التمديد للقيادات العسكرية سيقود إلى مواجهة تبدأ بالحكومة وتنتهي في الشارع.

باسيل وبعد أن برّر في كلمته بعد اجتماع «التكتل» أسباب البقاء في الحكومة «المؤذية» طوال هذه الفترة، «برغم تشظّينا منها في أكثر من ملف»، والتسهيل الذي قدّمناه في التوافق على الاسم السني للأمين العام للمجلس الأعلى للدفاع، أعلن قرار «التكتل» مقاطعة جلسة الخميس «كإنذار ورسالة اعتراضية تحذيرية».

وقال «سنقاطع الجلسة، ولكن همّ ماذا سيفعلون؟ كيف ستجتمع الحكومة وهي فاقدة الميثاقية وبغياب رئيس الجمهورية؟». موجّهاً السؤال «إلى جميع الشركاء من دون استثناء».

واعتبر باسيل أن «سلام ملزم بالردّ، وعلى ضوء الجواب المنتظر من رئيس الحكومة ومكوّناتها قد نصبح بعد الخميس أمام أزمة نظام»، ملوّحاً «بخيار الشارع».