إستكملت مصادر متابعة في «التيار الوطني الحر» الهجوم العنيف الذي شنه رئيس تكتل التغيير والإصلاح النائب العماد ميشال عون، في رفضه القاطع لطريقة معالجة ملف التعيينات الأمنية، باعتبار التمديد في الأسلاك العسكريّة والأمنيّة «انتقائياً وخطراً ومخالِفاً لقانون الدفاع الوطني وقانون تنظيم قوى الأمن الداخلي».
ولفتت المصادر إلى أن لجوء رئيس التيار إلى اعتماد مصطلح وعبارة «وجوديّ بالنسبة إلينا، أحبَّ الآخرون أو كرهوا»، هو رفع السقف إلى حدود قصوى لم تعهد منذ قيام الجنرال باعتماد خطاب الرئيس التوافقي، مشيرة إلى أن الحديث الذي أدلى به، وخاصة قوله «انّنا نرفع الصوت اليوم قبل أن نرفع القبضات بوجه من يفكّر بلحظةٍ واحدة أن يعزلنا عن رئاستنا وجيشنا و«شراكتنا» الفعلية في صناعة القرار الوطني، ودعوته الشركاء إلى عدم تفسير الانفتاح ضعفاً أو حاجة هو رسالة واضحة، عن تحمل الجنرال المسؤولية التاريخية بعدم القبول باستمرار ذوبان التأثير المسيحي في القرار الوطني اللبناني.
نرفض، قالت المصادر، بالمبدأ المحاصصة السياسية المعمول بها، والقائمة على أساس «خذ ما هو لك، واترك ما هو لي»، فنحن نؤمن بتكافؤ الفرص، ولكن، وإذا سلمنا جدلا بالواقع القائم، لن نقبل أن يكون ما هو لك لك، وما هو لي لي ولك. أرفض أن تقاسمني في حصتي، وأنا ممنوع علي أن ألتفت إلى حصتك.
وأضافت « لم يعد في الإمكان أن نقبل المزيد من الضغوط باسم التوافق، من الشركاء والأخصام على حد سواء، لمن نقبل أن نكون أهل ذمة بعد الآن في القرار السياسي. ألا يكفي أن الموقع المسيحي الأول في الدولة شاغر، سائلة «ماذا لو شغر موقع رئاسة مجلس النواب أو الحكومة، هل كان الشيعة أو السنة يرضون بذلك؟
وقالت إن الجنرال يعتبر التعيينات الامنية أساسية جدا في إطار صراع الأشقاء والحلفاء، فليس في الإمكان أن يكون التكتل موافقا على مطالب شركائه في الحكومة من دون استثناء، ولا يأخذ في المقابل موافقة على مطالب قانونية بحجة «الشراكة» الوطنية، أو بحجة الاوضاع الاقليمية»، سائلة ما إذا كان يتعين إدراج بند تعيين قائد للجيش اللبناني على جدول أعمال المباحثات الإيرانية مع مجموعة الخمسة زائد واحد، أو أصبح مدير عام قوى الأمن الداخلي يعين بمرسوم ملكي سعودي، أو ترقية ضابط في سلك عسكري يقتضي إجتماعا لمجلس الأمن الدولي.
وعن الخيارات المحتملة في حال سار حلفاء التيار بالتمديد رغم معارضة الجنرال، قالت إن «الخيارات مفتوحة في هذا المجال» مضيفة أن التيار لن يبادر إلى التصعيد، ولكنه لن يقف مكتوف الأيدي في حال تأكد حصول تهريبة للتعيينات، وبالتالي، فالإعتكاف هو أحد الخيارات المحتملة، وتفجير الحكومة من خلال الإستقالة منها أيضا خيار ممكن، وبالتالي، فالشلل التام سيصيب مؤسسات الدولة، في ظل إستحالة تشكيل حكومة جديدة في غياب رئيس جديد للجمهورية.
وعن العلاقة بين التيار وبكركي، خصوصا أن عتبا مسجلا من البطريرك على النواب العونيين لعدم توجههم إلى مجلس النواب، قالت المصادر إن عتب بكركي ليس على نواب من لون معين، بل على جميع النواب، باعتبار أن صاحب الغبطة يعلم أن الموضوع أبعد من الجلسات الفولكلورية التي تعقد كل حين وآخر، وتترافق مع التحركات الشعبية الغاضبة والخطابات النارية التي تحمل النواب مسؤولية الشغور الرئاسي، مشيرة إلى أن بكركي تقوم بكل ما بوسعها من أجل تيسير عملية إنتخاب الرئيس، وآخرها لقاء يجمع البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي مع عميد السفراء إلى لبنان السفير البابوي المونسنيور غبريال كاتشيا وممثل الأمم المتحدة في لبنان، إلى جانب سفراء الدول الكبرى، «لوضعِهم امام مسؤولياتهم وحَضّهم على تسهيل انتخاب رئيس الجمهورية من خلال تشجيع أصدقائهم من القوى السياسية في لبنان على سلوك طريق مجلس النواب وترك صندوقة الاقتراع تقول كلمتَها.»، كما وذهابه إلى باريس في نهاية نيسان الجاري للقاء الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند، ترافقا مع إدراك الجميع محاذير استمرار الشغور الرئاسي، وما سيرافق ذلك من تردّدات سلبية على كافة الصعد. خصوصا أن تمدد الفراع يعني بشكل كبير أن الحضور المسيحي يتراجع دوره يوماً بعد يوم، بالتالي المطلوب إنهاء هذا الشغور «الآن وليس غدا».
وفي سياق متصل، أعلنت المصادر أن الإنتخابات الداخلية في التيار الوطني الحر قد تأجلت للمرة الخامسة، من دون تحديد موعد جديد لها، في ظل تباينات في تحديد عدد الناخبين على أساس عديد البطاقات الحزبية، وفي ظل سماح النظام الداخلي بالإقتراع لمن تقدم بطلب الانتساب قبل تاريخ 31 آب الماضي، وإتهام البعض بمحاولة إدخال بلوكات إنتخابية لقلب نتائج الممثليات في بعض المناطق، كما، ومن ناحية أخرى، في ظل حديث عن تنافس في زعامة التيار بين الوزير جبران باسيل، الساعي إلى خلافة عمه فيه، وبين النواب الشباب الطامحين.
بغض النظر عن داخلية التيار، تختم المصادر، لن تلهينا عن مطلبنا بالتغيير والإصلاح، والثمن السياسي المصاحب للتمديد عال جدا، وبالتالي، لن يمر بسهولة، وإلا، «فليحكموا بدوننا».