يتم التداول في الحلقات الضيقة للتيار الوطني الحر، عن دور ما لحزب الله في الانشقاقات التي شهدتها كتلة التيار النيابية تباعا، منذ الانتخابات النيابية الاخيرة، بدءا من انشقاق نائب رئيس المجلس النيابي الياس ابو صعب، وبعده النائب آلان عون، ثم النائب سيمون أبي رميا، واخيرا رئيس لجنة المال النيابية ابراهيم كنعان، بالرغم من محاولة حصر الاسباب التي ادت الى الانشقاق، بالخلافات الحادة بينهم وبين رئيس التيار، وتجنب الاشارة العلنية الى اي دور مباشر او غير مباشر للحزب بهذه الانشقاقات.
ومن الكلام المتداول ايضا، عن الاسباب التي تدفع الحزب للتحريض على الانشقاقات وتغذيتها عن بُعد داخل كتلة التيار، بعدما كانت الكتلة مجتمعة الحليف المسيحي الاول للحزب، وتغطي ممارساته وارتكاباته بتجاوز الدستور والقوانين، وتوجيه سلاحه غير الشرعي إلى الداخل وضد اللبنانيين، كما حصل مرارا خلال السنوات الماضية، الرد على انعطافة رئيس الجمهورية ميشال عون في سنوات عهده الاخيرة، وبتأثير مباشر من رئيس التيار النائب جبران باسيل، القيام بانعطافة واضحة عن مسارالتحالف المعقود مع الحزب في ورقة مار مخايل، والانقلاب على التفاهمات التي حكمت العلاقات بين الطرفين، ومحاولته التمايز ووضع مسافة بينه وبين سياسات الحزب وممارساته، ولاسيما في الانفتاح سراً مع خصومه العرب والغرب وتحديدا مع الولايات المتحدةالأميركية، لرفع العقوبات الاميركية المفروضة على باسيل، مقابل وعود والتزامات، بنهج وسياسة أكثر مرونة، وتتعارض في نواح عديدة مع سياسات الحزب وتوجهاته الداخلية والخارجية.
ويذهب البعض إلى الاشارة بأن اول رد مباشر للحزب على انعطافة العهد وباسيل، كانت في اصطفاف الحزب وحليفه رئيس المجلس النيابي نبيه بري الى جانب رئيس الحكومة نجيب ميقاتي خلال تكليفه بتشكيل حكومة آخر العهد، وعدم مجاراة باسيل في شروطه ومطالبه الوزارية فوق العادة، كما كان يحصل في تشكيل الحكومات ما قبلها،ما ادى الى تعطيل تشكيل هذه الحكومة التي كان يطمح فيها باسيل للاستئثار بحصة وازنة، يتحكم من خلالها بقرارات وسياسة الحكومة المفترضة، لاسيما اذا لم يتم انتخاب رئيس جديد للجمهورية ضمن المهلة الدستورية . بعدها لوحظ عدم مجاراة الحزب لكل محاولات ميشال عون لتمديد ولايته، تحت حجج وذرائع غير دستورية، واستتبع ذلك تسلم حكومة الرئيس نجيب ميقاتي المستقيلة مقاليد السلطة والقيام بمهام رئيس الجمهورية، وهو ما اعتبره باسيل بمثابة، تحول في سياسة الحزب ضده، وبداية افتراق عن التحالف الذي حكم العلاقات بينهما منذ عودة عون من منفاه الباريسي في ربيع العام ٢٠٠٦، وبعد جريمة اغتيال الرئيس الشهيدرفيق الحريري.
في الانتخابات النيابية الاخيرة، كان تحالف الحزب والتيار العوني على زغل، بالرغم من محاولات اعادة شدشدة العلاقات المتردية بين الطرفين، كما كانت قبل، بينما بلغت ذروة الخلافات والتباعد اشدها، بعد معارضة باسيل القوية،لخيار الحزب وحليفه بري، تأييد ترشيح خصمه اللدود، رئيس تيار المردة سليمان فرنجية للرئاسة، بالرغم من كل محاولات استرضائه بحصة وازنة في العهد المقبل والكهرباء من ضمنها، والمحافظة على المراكز والمواقع الوظيفية المهمة للتيار بالدولة، ولكنه رفضها جميعا، وبعدها ذهب بعيدا في مخاصمك الحزب والصدام معه،بالتصويت مع كتلته لمرشح المعارضة الوزير السابق جهاد ازعور، وخلال التصويت ظهرت اولى مؤشرات انشقاق أكثر من نائب في كتلة التيار الوطني الحر، الذين أعطوا أصواتهم لفرنجية خلافا لقرار كتلة التيار، وهو ما يعتبره البعض داخل التيار بأنه تم بإيعاز ضمني من الحزب، وكرس بداية الانشقاق النيابي ضمن الكتلة العونية بخروج النواب الاربعة من صفوفها، والذين يُعتبرون من الركائز الاساسية في الكتلة والتيار، وهذا لم يحصل بالصدفة.